مصر تؤكد دعمها الكامل لسوريا في مواجهة التحديات العسكرية شمال البلاد
في وقتٍ تتصاعد فيه المعارك بشكل غير مسبوق في الشمال السوري وتؤثر بشكل مباشر على استقرار المنطقة، أعلنت جمهورية مصر العربية دعمها الكامل لسوريا ومؤسساتها الوطنية، مشيرةً إلى أن ما تشهده الأراضي السورية من معارك في شمال البلاد يستدعي وقفة حازمة من جميع الأطراف المعنية.
جاء هذا الموقف في أعقاب الاتصال الذي أجراه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره السوري بسام صباغ، حيث تم التطرق إلى التطورات الميدانية الأخيرة في شمال سوريا، لا سيما في حلب وإدلب، والتي شهدت تصعيداً غير مسبوق خلال الأيام الماضية.
في هذا الإطار، أعرب عبد العاطي عن قلقه العميق من تدهور الوضع الأمني في الشمال السوري، مؤكداً أن مصر لن تدخر جهداً في دعم الدولة السورية وشعبها في مواجهة هذه الأزمات. وزير الخارجية المصري شدد على أن مصر تتابع عن كثب الأوضاع في إدلب وحلب، مبدياً تأييد القاهرة الكامل للجهود السورية في الحفاظ على وحدة أراضيها وسيادتها. كما أشار إلى أن مصر ترى أن استقرار سوريا أمر حيوي لمنطقة الشرق الأوسط بأسرها، وهو ما يتطلب دعماً مستمراً للجيش السوري في مساعيه لتحقيق الاستقرار الداخلي ومكافحة الإرهاب.
تأكيد عبد العاطي على هذا الموقف كان بمثابة إعلان صريح عن الالتزام المصري الثابت تجاه سوريا ومؤسساتها الوطنية في مواجهة التحديات التي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، خصوصاً في ضوء سيطرة الفصائل المسلحة على مناطق واسعة في الشمال السوري، حيث لا يزال الوضع في إدلب وحلب يشكلان نقطة صراع حاسمة في النزاع المستمر. وقد نقل وزير الخارجية المصري إلى نظيره السوري رسالة دعم قوية من القيادة السياسية في مصر، مؤكداً أن مصر ستظل دائماً إلى جانب سوريا في مواجهة أي تهديدات للأمن القومي السوري.
وفي نفس السياق، تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقريره الأخير، الذي نشرته السبت، عن سيطرة الفصائل المسلحة بشكل شبه كامل على أحياء حلب. وأكد التقرير أن القوات السورية قد انسحبت من المدينة، فيما أشار إلى أن بعض الأجزاء الجنوبية من حلب لا تزال تحت السيطرة العسكرية السورية. المصادر الميدانية أكدت أن الجيش السوري أصدر أوامر بسحب قواته بشكل كامل من المدينة، بعد أن أغلقت جميع الطرق الرئيسية المؤدية إليها، ما يعكس حجم الأزمة العسكرية التي تواجهها دمشق في هذه المنطقة الحيوية.
من جانبها، ذكرت مصادر بالجيش السوري في تصريحات لوكالة “رويترز” أن القوات السورية اتبعت تعليمات “الانسحاب الآمن” من الأحياء التي اجتاحتها الفصائل المسلحة. ويأتي هذا التراجع العسكري في وقت حساس للغاية، بعد أن شنت المعارضة السورية هجوماً واسعاً في الشمال السوري، بدءاً من الأربعاء الماضي، ما أدى إلى تحرير عدة بلدات وقرى، بالإضافة إلى استعادة مناطق استراتيجية في مدينة حلب. هذا التوغل الكبير للمعارضة يعتبر الأضخم منذ مارس 2020، حينما تم التوصل إلى اتفاق بين روسيا وتركيا لخفض التصعيد في المنطقة.
وتعتبر السيطرة على حلب من قبل المعارضة، أو على الأقل تموضعها في بعض الأحياء الكبرى فيها، ضربة قاصمة للنظام السوري وحلفائه في المنطقة، لا سيما أن حلب تعد من أهم المدن الاستراتيجية من الناحية العسكرية والاقتصادية. وقد أكدت هذه التطورات على أن السيطرة على هذه المدينة العريقة ستؤثر بشكل كبير على موازين القوى في الصراع السوري.
في هذا السياق، يُعتبر الهجوم الأخير من قبل المعارضة السورية بمثابة تحول كبير في مجريات الصراع، حيث لم تقتصر المعارك على التقدم في بعض القرى والبلدات، بل شملت أيضاً مناطق حيوية في المدن الكبرى مثل حلب. ويؤكد مراقبون أن هذا التقدم قد يغير مجرى الصراع بشكل كامل، حيث قد يعيد تشكيل التحالفات العسكرية والسياسية في المنطقة، ويزيد من تعقيد أي جهود لتحقيق تسوية سلمية.
من جهة أخرى، هناك تخوفات من أن تساهم هذه المعارك في زيادة تدفق اللاجئين إلى الدول المجاورة لسوريا، خاصة إلى تركيا والأردن، ما قد يزيد من العبء على هذه الدول التي تعاني أصلاً من ضغوط كبيرة نتيجة الأعداد المتزايدة للاجئين السوريين. إضافة إلى ذلك، هناك قلق من أن تستمر الفصائل المسلحة في توسيع نطاق سيطرتها في المنطقة، ما يعزز من قدرتها على زعزعة الاستقرار في العديد من المدن السورية الهامة.
في ضوء هذه التطورات الخطيرة، شدد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي على ضرورة دعم كافة الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار في سوريا، مؤكداً أن مصر ستظل داعمة للمؤسسات السورية في كل المحافل الدولية. وأضاف أن موقف مصر لا يتغير في دعم سيادة سوريا واستقلالها، وأن أي تدخلات خارجية تسهم في تعميق الأزمة لن تؤدي إلا إلى مزيد من التوترات.
وختم عبد العاطي بتأكيد موقف بلاده الثابت في دعم جهود الدولة السورية لاستعادة السيطرة على كامل أراضيها ومحاربة التنظيمات الإرهابية التي تهدد أمن المنطقة برمتها.