فساد وتلاعب ضياء مكاوي يعبث بثقافة أسيوط وسط تجاهل وزارة الثقافة وغياب الشفافية
في ظل ما تعانيه وزارة الثقافة من تقاعس واضح في أداء دورها الرقابي والإشرافي، وفي إقليم وسط الصعيد الثقافي تحديدًا، تتكشف يوماً بعد يوم مظاهر جديدة للفساد والمحسوبية التي أصبحت كالمرض المتفشي في أوصال الهيئة العامة لقصور الثقافة.
من أكثر الأمثلة البارزة على هذا الفساد، هو ما يحدث في فرع ثقافة أسيوط، حيث يعيث ضياء مكاوي، القائم بأعمال رئيس إقليم وسط الصعيد الثقافي، في تلك العزبة فساداً دون رادع أو مساءلة.
ضياء مكاوي يواصل تضليل القانون والقيم الثقافية عن طريق محاباته الواضحة لأشخاص بعينهم دون مراعاة للكفاءة أو النزاهة في التعيينات الإدارية. فعلى سبيل المثال، وعلى الرغم من مخالفة القانون بشكل صريح، فقد طرح ضياء مكاوي اسم أحمد حمزة لتقلد منصب مدير عام إدارة فرع ثقافة أسيوط، رغم أن حمزة ليس لديه المؤهلات أو الخبرة المطلوبة للمنصب.
وليس هذا فحسب، بل يستعد ضياء مكاوي أيضًا لترشيح نفسه لمنصب مدير عام فرع ثقافة أسيوط، وهو الأمر الذي يفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى نزاهة هذه العملية وكيف يمكنه استخدام نفوذه الحالي لتأمين هذا المنصب لصالحه أو لمصلحة محابيه.
أحمد حمزة ليس وحده في هذه المعادلة الفاسدة، فهناك وسام درويش، التي تعمل باحثة فنون تشكيلية، ورغم افتقارها إلى الكفاءة وحتى القبول من زملائها، إلا أن ضياء مكاوي يسعى لدعمها أيضًا في محاولاته للسيطرة على المناصب الإدارية داخل فرع ثقافة أسيوط.
وسام درويش هي نموذج آخر للمحاباة التي يتم من خلالها استبعاد الكفاءات الحقيقية من ذوي المهارات العالية والخبرات الطويلة لصالح أشخاص لا يستوفون المعايير القانونية.
القانون في هذا الشأن واضح وبسيط للغاية. الشخص الذي يجب أن يتولى المنصب هو من يمتلك أعلى المؤهلات وأعلى الدرجات وأكثر كفاءة، بالإضافة إلى حصوله على أكبر عدد من التدريبات والمهارات التي تؤهله لقيادة الفرع بكفاءة.
كما يجب أن يكون تصنيف الشخص النوعي مناسبًا لطبيعة المكان والمنصب الذي يتولاه. ومع ذلك، فإن ما يفعله ضياء مكاوي هو عكس ذلك تماماً، إذ يقوم بتعيين أشخاص ليس لديهم المؤهلات المناسبة ولا حتى القدرة على تحمل المسؤولية أو القيادة.
من الواضح أن مكاوي يسعى إلى استخدام هؤلاء الأشخاص كـ”محللين” أو “مديرين صوريين”، بحيث يستمر في إدارة الأمور من خلف الكواليس، وكأنه يحكم من وراء الستار، بينما يظهر للعامة أن هناك مديرًا رسميًا. هذه التحركات ليست سوى محاولة فاضحة لتثبيت قبضته على فرع ثقافة أسيوط وجعل منه عزبة شخصية يديرها كما يشاء.
ما يحدث في فرع ثقافة أسيوط هو انعكاس لأزمة أعمق في الهيئة العامة لقصور الثقافة بشكل عام. هذه الهيئة التي من المفترض أن تكون منارة للإبداع والتنوير الثقافي في المجتمع، أصبحت بفضل مثل هذه الممارسات مرتعًا للفساد والمحسوبية. ومع عدم وجود تدخل جاد من وزارة الثقافة، يظل هذا الفساد مستشرياً دون أي تحرك لوقفه أو لمحاسبة المسؤولين عنه.
الهيئة العامة لقصور الثقافة تشهد تدهورًا كبيرًا في أدائها نتيجة تلك السياسات الفاسدة التي تتجاهل الكفاءة المهنية وتستبدلها بالولاءات الشخصية والمحسوبية. وإذا لم يتم التدخل بشكل عاجل، فإن مستقبل العمل الثقافي في مصر بأسره سيكون في خطر حقيقي.
ففي الوقت الذي نحتاج فيه إلى تعزيز دور الثقافة كقوة ناعمة تدفع بالمجتمع نحو التقدم والتحضر، نجد أن مؤسساتنا الثقافية تتحول إلى مجرد “عزب” يديرها أشخاص يستغلون مواقعهم لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة.
ما يزيد من تعقيد هذه الأزمة هو تجاهل وزارة الثقافة المستمر لما يحدث في الهيئة العامة لقصور الثقافة، وخاصة في إقليم وسط الصعيد الثقافي.
الوزارة، التي يجب أن تكون الدرع الواقي ضد هذه الممارسات، تقف موقف المتفرج دون اتخاذ أي خطوات فعلية لمواجهة هذا الفساد أو محاسبة المتورطين فيه. أين الرقابة؟ أين المساءلة؟ كيف يمكن لوزارة الثقافة أن تظل صامتة أمام هذا العبث الواضح بالقيم الثقافية والإدارية؟
إن الحل لهذه المشكلة ليس معقداً، بل يتطلب فقط تطبيق القانون بشفافية وعدالة. يجب أن يخضع كل من ضياء مكاوي وأمثاله للمساءلة عن أفعالهم، ويجب إعادة النظر في جميع التعيينات التي تمت بناءً على المحسوبية وليس على الكفاءة.
كما يجب التأكد من أن من يتولى المناصب القيادية داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة هم الأشخاص الأكثر كفاءة وتأهيلاً لتلك المناصب، وليس أولئك الذين يعتمدون على علاقاتهم الشخصية أو ولاءاتهم.
ولا يمكن لنا أن ننهض بثقافتنا أو ندعم الإبداع في بلادنا إذا ظلت مثل هذه الممارسات قائمة دون عقاب. إذا استمر الوضع على ما هو عليه، سنجد أن مؤسساتنا الثقافية قد فقدت دورها الريادي وتحولت إلى كيانات فارغة يديرها أفراد لا يهتمون سوى بمصالحهم الشخصية.
وإن ما يحدث في فرع ثقافة أسيوط وفي إقليم وسط الصعيد الثقافي بشكل عام ليس مجرد فساد إداري عابر، بل هو تدمير متعمد للثقافة والمجتمع. وعلى وزارة الثقافة أن تتحرك فوراً قبل فوات الأوان، وإلا فإن نهر الفساد سيستمر في الجريان بلا توقف، وسيدمر كل ما تبقى من مؤسساتنا الثقافية.