تقاريرمصر

حكومة مصر تترك الشعب يواجه الجوع والفقر بينما تتغاضى عن معاناته

في مشهد يزداد قسوة يوماً بعد يوم، خرجت أستاذة الاقتصاد المنزلي روضة حمزة لتؤكد أنه يمكن للأسرة المكونة من أربعة أفراد أن تعيش بميزانية 3000 جنيه فقط طوال الشهر في مصر.

هذه التصريحات لم تكن مجرد كلام من امرأة تدعي الفهم في مجال الاقتصاد، بل كان كلاماً صادماً لم يعد يحتمل السكوت عليه في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المصريون.

الحديث عن 3000 جنيه يكفي لإعاشة أسرة بأكملها هو مجرد وهم، ومحاولة فاشلة للتخفيف من وقع الأزمة الحقيقية التي يعاني منها الشعب.

الواقع على الأرض يختلف تماماً عما تحاول الحكومة الترويج له، واحتجاجات المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي ليست سوى صرخة واضحة في وجه المسؤولين الذين يرفضون رؤية الحقيقة.

المصريون الذين خرجوا إلى الشوارع قبل أن يتجهوا إلى مواقع التواصل يعانون اليوم من ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار المواد الغذائية الأساسية.

أسعار اللحوم التي كانت في يوم من الأيام في متناول يد الجميع، ارتفعت بشكل غير منطقي لتصل أسعارها إلى 400 جنيه للكيلو وأكثر. هذا الرقم يعكس فساداً فاضحاً في إدارة الأسواق، بينما يزداد الوضع سوءاً مع استمرار العجز الحكومي عن توفير حلول حقيقية. فأسعار اللحوم التي كانت مصدر الغذاء الأساسي للمصريين أصبحت اليوم محصورة على فئة قليلة تستطيع تحمل هذه الأسعار الباهظة. وبدلاً من أن تبحث الحكومة عن حلول عملية لهذه الأزمة، تتجاهل كل ما يحدث وتغض الطرف عن معاناة المواطنين.

أما الدواجن الطازجة التي كانت تستهلكها الأسر المتوسطة في يوم من الأيام، فقد شهدت هي الأخرى زيادة كبيرة في الأسعار، حيث تخطى سعر الكيلو حاجز الـ 100 جنيه. هل يعقل أن تكون هذه هي الأسعار التي يمكن أن تكفل حياة كريمة للمواطن المصري؟ بالطبع لا. الحكومة المصرية لا تبالي بما يعانيه الشعب، بل تتعامل مع الأزمة وكأنها مشكلة يمكن التغاضي عنها.

وبالحديث عن الأسماك، التي كانت تعتبر في الماضي غذاء الفقراء، نجد أن أسعارها قد ارتفعت بشكل غير مسبوق. فماذا حدث لمصر؟ كيف تتحول الأسماك التي كانت طعاماً بسيطاً في متناول الجميع إلى رفاهية لا يستطيع معظم الناس affordها؟ إذا كانت الحكومة جادة في حل الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد، فلتبدأ بالتحرك الفوري للحد من هذه الزيادات غير المبررة.

لكن الحقيقة المرة التي يجب على الجميع أن يعرفوها هي أن الحكومة المصرية كانت على دراية تامة بهذه الأزمات منذ فترة طويلة، بل وتحدث عنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نفسه قبل عامين. فقد أكد السيسي في وقت سابق أن الحكومة تسعى جاهدة لتحسين الوضع الاقتصادي، ولكن ما نراه اليوم من تصاعد مستمر للأسعار يؤكد أن هذه التصريحات كانت مجرد وعود فارغة. الحكومة التي كانت تروج لمشاريع اقتصادية كبرى لم تستطع حتى أن توفر الحد الأدنى من احتياجات المواطنين اليومية.

هل كانت هذه الوعود مجرد أكاذيب تهدف إلى تهدئة الشارع؟ وهل كانت الحكومة تستغل الأزمة لصالح فئة معينة؟ ربما يكون الجواب هو نعم. حيث تظهر مؤشرات عديدة على فساد الحكومة المصرية وسوء إدارتها للأزمات. فالحكومة التي تتبجح بالنجاحات في مشاريعها الكبرى لا تجد الوقت للتعامل مع مشاكل المواطن البسيط الذي يعاني من عدم قدرته على تلبية احتياجات أسرته الأساسية.

على الرغم من أن الحكومة تتبنى سياسة الدعم والتسهيلات للمستثمرين ورجال الأعمال، فإنها لا تكترث بما يعانيه الشعب البسيط. يزداد الفقراء فقراً، بينما تزداد ثروات القلة القادرة على التلاعب بالأسواق، ويزداد الوضع الاقتصادي سوءاً بشكل يومي. أما المواطن العادي، فلا يجد أمامه سوى السخط والغضب على هذه السياسات الفاشلة.

الشعب المصري الذي كان يعلق آماله على التغيير وتحسين الوضع الاقتصادي بات اليوم يواجه تحديات يومية لا حصر لها. معاناته في الحصول على الغذاء الأساسي، وارتفاع تكاليف المعيشة، أصبحوا جزءاً من حياته اليومية. والمواطن الذي يعجز عن توفير احتياجات أسرته من الطعام والشراب هو نفسه من يتساءل: أين ذهبت تلك الوعود التي تحدثت عنها الحكومة؟ هل كان الهدف منها مجرد حشو الأحاديث في قوالب فارغة؟

أصبح واضحاً أن الحكومة المصرية تتجاهل بشكل صارخ جميع هذه الأزمات التي يعاني منها المواطن. وفي الوقت الذي يزداد فيه الاحتقان الشعبي، تظل الحكومة غير مكترثة لما يحدث، بينما تحاول إظهار نفسها على أنها تحارب الفساد وتعالج الأزمات. لكن الواقع يثبت عكس ذلك، فكل يوم يمر يزداد الشعب تذمراً ويزداد الوضع سوءاً. والآن، وبعد مرور كل هذه السنوات، لم يعد الشعب يصدق أي وعود حكومية جديدة، فالأزمة الاقتصادية تكبر يوماً بعد يوم، والأمل في حلها بات ضئيلاً.

يجب على الحكومة أن تتوقف عن إلقاء اللوم على الظروف الاقتصادية العالمية أو أي عوامل خارجية أخرى. الحقيقة التي يجب أن يعترف بها الجميع هي أن الفساد الحكومي وسوء الإدارة هما السبب الرئيس وراء هذا الوضع الكارثي. الشعب المصري يستحق أكثر من ذلك، ويجب أن يتحمل المسؤولون عواقب تقاعسهم وتجاهلهم المستمر للواقع الذي يعيشه المصريون.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى