أعلن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير عن قراره بمصادرة مكبرات الصوت من المساجد في خطوة غير مفاجئة تضاف إلى سلسلة مواقفه المتشددة، مؤكدًا أن ذلك يأتي بهدف “تقليل الضوضاء” التي تتسبب فيها هذه المكبرات في المدن المختلطة التي تضم مواطنين عربًا ويهودًا.
بن غفير، الذي يتباهى بتصعيد مواقفه ضد الفلسطينيين والعرب بشكل عام، زعم أن مكبرات الصوت أصبحت تشكل “إزعاجًا” للسكان المحليين، في حين اعتبره العديد من نواب الكنيست العرب خطوة خطيرة تهدف إلى إشعال فتيل حرب دينية.
وبحسب تصريحات نقلتها القناة السابعة الإسرائيلية، قام بن غفير بإصدار أوامر للشرطة بمصادرة المكبرات في مساجد المدن المختلطة، مدعيًا أن هذا الإجراء ضروري من أجل “تحقيق السلام والهدوء في المناطق السكنية”. وأضاف بن غفير عبر حسابه في منصة “إكس” أنه فخور بهذا القرار، معتبرًا أن مكبرات الصوت في المساجد أصبحت تشكل تهديدًا حقيقيًا لجودة الحياة في إسرائيل، مشيرًا إلى أن العديد من الدول الغربية والعربية تفرض قيودًا على مستويات الضوضاء.
لكن تصريحات بن غفير هذه لم تمر مرور الكرام، حيث واجهت انتقادات حادة من نواب عرب في الكنيست. النائب العربي أحمد الطيبي، عضو كتلة “الجبهة – العربية للتغيير”، وصف هذا القرار بمحاولة متعمدة لإثارة الفتنة الطائفية وتحقيق مكاسب سياسية على حساب الحقوق الدينية للمواطنين العرب في إسرائيل. وقال الطيبي في بيان له إن “بن غفير يسعى إلى إشعال حرب دينية بهدف استرضاء قاعدته الانتخابية المتطرفة وتقديم نفسه كحامي لليهود من المسلمين”. وأضاف أن هذا القرار “يستهدف إهانة الرموز الدينية للمسلمين، ويحاول فرض سياسات قمعية على المجتمع العربي”، مشددًا على أن النواب العرب لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذه الخطوة.
من جانبه، دعا النائب منصور عباس، عضو “القائمة العربية الموحدة”، الحكومة الإسرائيلية إلى التدخل ووقف بن غفير عند حده. واصفًا تصريحاته بـ “التحريضية”، حذر عباس من أن هذا التصعيد قد يؤدي إلى تصعيد أكبر في الأوضاع ويزيد من الاستفزازات ضد العرب في إسرائيل. وقال عباس: “لقد فشلت محاولات بن غفير في استفزاز الفلسطينيين في المسجد الأقصى، والآن يحاول أن يواصل استفزازاته في المساجد داخل المدن المختلطة”. وأضاف أنه من غير المقبول أن يتجرأ وزير في حكومة إسرائيلية على اتخاذ قرارات تضر بحرية العبادة وتستهدف المسلمين في الداخل الفلسطيني.
ويأتي قرار بن غفير الأخير في وقت بالغ الحساسية بعد التصعيد الأخير في غزة في أكتوبر الماضي، والذي شهد تحريضًا علنيًا من قبل بن غفير ضد الفلسطينيين. وزير الأمن القومي الإسرائيلي، الذي دأب على اتخاذ مواقف متطرفة ضد الفلسطينيين والعرب، كان قد صرح في وقت سابق بدعوات لضم الضفة الغربية بالكامل، وطالب بتوسيع الاستيطان في الأراضي المحتلة، بالإضافة إلى رفضه التام لأي اتفاقات تبادل أسرى مع الفصائل الفلسطينية.
تصريحات بن غفير، التي تكشف عن ميله الصريح لتأجيج الصراع وتحقيق مصالح شخصية ضيقة على حساب حقوق الشعب الفلسطيني والعربي في إسرائيل، تؤكد بشكل جلي أن هذا الوزير يتبنى أجندة خطيرة تهدف إلى تعزيز الانقسام وتحويل النزاع إلى حرب دينية مفتوحة. هذه المواقف تساهم بشكل مباشر في زيادة التوترات الداخلية في إسرائيل، مما قد يكون له تبعات خطيرة على الأوضاع الاجتماعية والسياسية في المنطقة.
إزاء هذه التصريحات والخطوات المتتالية، يرى العديد من المراقبين أن بن غفير لا يسعى إلى تحقيق أمن أو استقرار، بل يواصل استخدام منصبه من أجل التحريض على العنف ضد الفلسطينيين والعرب. إن استمراره في هذه السياسات يهدد بتفجير الوضع داخل إسرائيل نفسها، ويدفع بالوضع إلى المزيد من التعقيد في ظل الانقسامات العميقة بين المجتمعات المختلفة.
المتابعون للمشهد السياسي الإسرائيلي يتفقون على أن هذا التوجه يعكس سياسة حكومية لا تعترف بحقوق المواطنين العرب، بل تسعى بكل الوسائل لتهميشهم وإضعافهم، في خطوة تكرس التفرقة بين أبناء الشعب الواحد.