المعارضة السورية توجه ضربة قاسية للنظام بالسيطرة على مصانع الأسلحة في السفيرة
في تطور مفاجئ وخطير على الساحة السورية أعلنت المعارضة السورية سيطرتها الكاملة على مصانع وزارة الدفاع التابعة للنظام السوري في منطقة السفيرة الواقعة بمحيط مدينة حلب وهذه المصانع ذات أهمية استراتيجية كبيرة حيث تُستخدم لإنتاج الأسلحة والذخائر التي يعتمد عليها النظام في حربه ضد المعارضة المسلحة وسيطر المعارضون على هذه المنشآت بعد أن تمكنوا من بسط سيطرتهم على مدينة السفيرة بالكامل والتي كانت تعتبر واحدة من أهم النقاط الدفاعية للنظام في شمال سوريا
ما يزيد من خطورة هذا التطور هو ما يمثله من ضربة موجعة لنظام بشار الأسد ففقدان السيطرة على مصانع الأسلحة يعني أن النظام بات في موقف عسكري ضعيف أمام المعارضة المسلحة وخاصة في ظل الظروف الراهنة التي تشهد تصعيداً عسكرياً في مناطق متفرقة من البلاد ووفقاً لمصادر إعلامية تابعة للنظام فإن المعارضة استولت على كميات ضخمة من الأسلحة والذخائر التي كانت موجودة داخل هذه المصانع مما سيعزز قدراتها العسكرية ويزيد من الضغوط على النظام الذي يعاني أصلاً من تراجع قدراته العسكرية بسبب الحرب الطويلة والمستمرة منذ أكثر من عقد
في الوقت الذي تتوالى فيه التقارير عن نجاح المعارضة في تحقيق مكاسب عسكرية على الأرض تنفي الولايات المتحدة أي تورط لها في هذا الهجوم الذي تقوده هيئة تحرير الشام التي تصنفها واشنطن كمنظمة إرهابية وقد أصدر البيت الأبيض بياناً رسمياً ينفي فيه أي علاقة للولايات المتحدة بهذا الهجوم وأكد أن واشنطن تراقب الوضع عن كثب وتواصلت خلال الساعات الماضية مع عدد من الدول الإقليمية لبحث تطورات الأوضاع في سوريا ووفقاً للبيان فإن الإدارة الأمريكية لا تزال ملتزمة بعدم التدخل المباشر في النزاع السوري إلا أنها تبدي قلقاً من تزايد نفوذ الجماعات المتطرفة في سوريا
وفي سياق آخر أفادت وكالة الأنباء السورية أن ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد أجرى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس السوري بشار الأسد أكد فيه وقوف الإمارات إلى جانب النظام السوري في مواجهة ما وصفه بالإرهاب وأكد ابن زايد على دعم الإمارات الكامل لجهود النظام في استعادة السيطرة على جميع المناطق السورية ومحاربة الجماعات المسلحة المتطرفة ويمثل هذا الموقف الإماراتي استمراراً للدعم العربي والدولي المحدود الذي يتلقاه النظام السوري في حربه ضد المعارضة حيث إن العديد من الدول العربية والخليجية كانت قد قطعت علاقاتها مع دمشق منذ بداية الأزمة السورية عام 2011 لكن بعض هذه الدول بدأت في إعادة فتح قنوات الاتصال مع النظام خلال السنوات الأخيرة في إطار مساعي لإيجاد حل سياسي للنزاع
إن السيطرة على منطقة السفيرة ومصانع الأسلحة التابعة للنظام تمثل انتكاسة كبيرة للنظام السوري خاصة وأنها تأتي في وقت يعاني فيه النظام من ضغوط متزايدة على عدة جبهات عسكرية فإلى جانب المعارك المستمرة في الشمال السوري تشهد مناطق أخرى مثل درعا والغوطة الشرقية تصعيداً عسكرياً بين النظام والمعارضة المسلحة مما يضع النظام في موقف دفاعي صعب في وقت يعاني فيه أيضاً من تدهور الأوضاع الاقتصادية نتيجة العقوبات الدولية وتراجع الدعم الخارجي
كما أن هذا التطور الميداني يبرز فشل النظام السوري وحلفائه في تأمين المناطق الاستراتيجية والحيوية التي يعتمد عليها في حملته العسكرية ضد المعارضة وهو ما قد يؤدي إلى إعادة النظر في استراتيجيات النظام العسكرية خلال الفترة المقبلة فمن الواضح أن المعارضة باتت تمتلك زمام المبادرة في بعض المناطق المهمة وهو ما قد يؤدي إلى تغيير موازين القوى في الصراع السوري خاصة إذا ما استمرت في تحقيق مكاسب مماثلة على الأرض
في الوقت ذاته يثير الهجوم الذي نفذته هيئة تحرير الشام تساؤلات حول مستقبل الجماعات المسلحة المتطرفة في سوريا وحجم الدعم الذي تتلقاه من جهات خارجية ورغم نفي الولايات المتحدة أي تورط لها في الهجوم إلا أن هناك قلقاً متزايداً من أن تصبح سوريا مرة أخرى ساحة لتصفية الحسابات بين القوى الإقليمية والدولية حيث إن تصاعد نفوذ الجماعات المتطرفة مثل هيئة تحرير الشام قد يدفع بعض الدول إلى التدخل بشكل أكبر في الصراع السوري سواء بشكل مباشر أو غير مباشر لدعم أطراف معينة على حساب الأخرى
إن هذا الهجوم والسيطرة على مصانع الأسلحة يمثلان منعطفاً خطيراً في الحرب السورية المتواصلة التي لم تشهد أي بوادر لحل سياسي قريب فعلى الرغم من المحاولات الدولية للتوصل إلى تسوية شاملة للأزمة إلا أن الوضع على الأرض يظهر أن الأطراف المتصارعة لا تزال متمسكة بالخيار العسكري لتحقيق أهدافها مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري في سوريا ويدفع البلاد نحو مزيد من الانهيار والدمار