تشهد غزة واقعًا صحيًا كارثيًا ينذر بالخطر مع تفشي الأمراض بشكل واسع في القطاع نتيجة الحصار المستمر والتدمير الممنهج للبنية التحتية للمرافق الصحية وتزايد أعداد المصابين الذين يزداد تدهور حالتهم مع غياب الرعاية الصحية الكافية بسبب قلة المعدات الطبية والأدوية اللازمة لعلاجهم وأزمة الوقود المستمرة التي تعيق عمل المستشفيات والعيادات الصحية في مختلف المناطق.
وحذر المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى من أن الأوضاع الصحية في قطاع غزة تتدهور بشكل متسارع والمرض يطال كافة فئات المجتمع في غزة خاصة الأطفال الذين أصبحوا في مقدمة الضحايا لتلك الأزمة الصحية حيث يعانون من أمراض متعددة تتراوح بين نقص الغذاء الحاد وفقدان المناعة، فضلاً عن أمراض الجهاز التنفسي التي تسببت بها الظروف المناخية الصعبة والتلوث البيئي الناتج عن تدمير مئات المنازل والمرافق الصحية والصرف الصحي.
وفيما يتعلق بالمجاعة التي باتت تهدد معظم المحافظات في قطاع غزة أكد المتحدث باسم المستشفى أن الوضع الغذائي قد وصل إلى مرحلة الخطر حيث يعاني الآلاف من المواطنين من نقص حاد في المواد الغذائية الأساسية بسبب حصار الاحتلال الإسرائيلي ومنع دخول المساعدات الإنسانية بشكل منتظم وهو ما جعل العديد من الأسر في القطاع تواجه شبح المجاعة الذي يهدد حياتهم بشكل مباشر ويجعل حياتهم اليومية شديدة الصعوبة وسط غياب الدعم الطبي والغذائي.
وقال المتحدث إن المستشفى يعاني من ضغط هائل على الخدمات الطبية المقدمة بسبب تدفق المصابين الذين يعانون من أمراض متعددة حيث تتسبب الأوضاع الحالية في زيادة الأمراض التي كانت تكاد تكون معدومة في السابق مثل أمراض سوء التغذية وفقر الدم وضعف المناعة وغيرها من الأمراض المزمنة التي لم يكن لها وجود في مثل هذه الأوضاع من قبل كما أشار إلى أن الأطفال في قطاع غزة هم الأكثر تأثرًا بالأزمة الصحية الحالية بسبب ضعف بنيتهم الجسمانية وعدم قدرتهم على مقاومة الأمراض التي تفشت نتيجة نقص الرعاية الطبية وضعف الرعاية الصحية المتاحة لهم.
وأضاف المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى أن الأطباء والممرضين في المستشفيات يواجهون تحديات كبيرة في علاج الحالات المتزايدة من المرضى نظرًا لنقص الأدوية الأساسية والمعدات الطبية اللازمة للرعاية الجيدة وكذلك بسبب الحصار الذي يجعل من الصعب توفير أي مستلزمات طبية أساسية كانت تعد من أساسيات علاج المرضى في الماضي. كما أن الأطباء يضطرون للعمل في ظروف صعبة تحت ضغط كبير حيث يعانون من نقص في الوقود اللازم لتشغيل الأجهزة الطبية والكهرباء في المستشفيات.
وأكد المتحدث أن هذا الوضع أدى إلى تضاعف الأعداد اليومية للمصابين الذين يدخلون المستشفى في حالات متأخرة حيث يعجز الكثير من المرضى عن الحصول على العلاج المناسب في الوقت المناسب مما يؤدي إلى تفاقم معاناتهم وزيادة معدلات الوفاة بين المرضى سواء من الأطفال أو البالغين. وأضاف أن ما يعمق المأساة أكثر هو نقص الغذاء الذي يعاني منه الأطفال بشكل خاص حيث تشير التقارير إلى أن العديد من الأطفال يعانون من مشاكل صحية خطيرة نتيجة سوء التغذية وأصبحوا في خطر متزايد مع استمرار الأوضاع المزرية في القطاع.
وقال المتحدث إن التقارير الطبية تشير إلى ارتفاع ملحوظ في حالات سوء التغذية وفقر الدم لدى الأطفال في غزة حيث يعاني ما يقرب من نصف الأطفال دون سن الخامسة من نقص حاد في التغذية بسبب توقف معظم المرافق الصحية عن تقديم خدماتها بسبب نقص المعدات الطبية والمساعدات الطبية وتدمير المنشآت الصحية بفعل القصف الجوي الإسرائيلي. إضافة إلى ذلك، فإن التدمير الواسع للمنازل والبنية التحتية يجعل من الصعب على الأسر الحصول على الغذاء الصحي والكافي لمواجهة هذه الظروف الصعبة.
وأضاف المتحدث أن التقارير تتحدث عن تدهور كبير في مستوى الرعاية الصحية في القطاع حيث أصبح من الصعب على الأطباء معالجة الحالات الحرجة في الوقت المناسب بسبب تدهور أوضاع المستشفيات والمراكز الطبية التي تعمل بشكل محدود جدًا نتيجة نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، مشيرًا إلى أن المستشفيات في غزة تعاني من حالة من الإرهاق التام بسبب تزايد أعداد المرضى في الوقت الذي لا تتوفر فيه المواد الطبية الأساسية اللازمة لعلاجهم بشكل كافٍ. وأضاف أن الوضع أصبح غير قابل للتحمل في المستشفيات والمراكز الطبية التي كانت في الماضي تقتصر على توفير الرعاية الصحية الأساسية، ولكنها الآن أصبحت تواجه مشاكل ضخمة قد تؤدي إلى تفاقم الوضع الصحي في غزة بشكل أكبر.
وأوضح أن الأطفال في غزة هم الفئة الأكثر تأثرًا بهذه الظروف بسبب ضعف مقاومتهم للأمراض نتيجة تدهور الوضع الغذائي وضعف الرعاية الصحية المتاحة لهم، مؤكداً أن المجاعة باتت تهدد معظم الأسر في القطاع بعدما فقدت العديد من العائلات مصادر دخلها بسبب الأوضاع الراهنة، الأمر الذي جعلهم يعتمدون على المساعدات الإنسانية القليلة التي تصل إلى القطاع بشكل متقطع. وبين أن هذا الوضع دفع إلى زيادة معدلات الإصابة بالأمراض والأوبئة التي كانت غائبة عن القطاع في فترات سابقة.
وفي ختام حديثه شدد المتحدث على ضرورة التحرك العاجل من قبل المنظمات الدولية والصحية لإغاثة غزة قبل أن يصل الوضع إلى مرحلة يصعب التعامل معها مشيرًا إلى أن الأوضاع الصحية في غزة تتدهور بسرعة ولا يمكن الاستمرار في هذا الوضع دون تدخل عاجل لتقديم المساعدات الطبية والغذائية والإنسانية للشعب الفلسطيني الذي يعاني من أكبر كارثة إنسانية على مر التاريخ.