في تصعيد خطير وغير مسبوق في إطار الاعتداءات المستمرة على قطاع غزة شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي هجمات جوية مكثفة على منطقة تل الزعتر الواقعة في شمال القطاع في الساعات الأولى من فجر اليوم مما أدى إلى استشهاد عشرات المدنيين بينهم نساء وأطفال وكبار السن كان هؤلاء الضحايا من بين النازحين الذين لجأوا إلى تلك المنطقة هربا من العنف المتصاعد والعمليات العسكرية التي تواصل إسرائيل شنها دون هوادة على مختلف مناطق القطاع هذا القصف الذي استهدف منازل النازحين يشكل جريمة جديدة تضاف إلى سلسلة الانتهاكات المستمرة للقانون الدولي الإنساني والذي يُفترض أنه يحمي المدنيين في النزاعات المسلحة
تؤكد التقارير الميدانية أن القصف كان عنيفا واستمر لعدة ساعات متواصلة حيث استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية مجموعة من المنازل التي كانت تؤوي مئات العائلات التي تركت منازلها الأصلية في مناطق أخرى أكثر خطورة ودمار نتيجة القصف الإسرائيلي المستمر وتقدر مصادر محلية عدد الشهداء حتى الآن بالعشرات بينما تتواصل عمليات البحث عن ناجين أو جثث تحت الأنقاض في ظل نقص حاد في المعدات اللازمة وغياب الدعم الدولي الذي من المفترض أن يقدم في مثل هذه الكوارث
الهجوم على تل الزعتر يأتي في وقت تشهد فيه غزة تدهورا إنسانيا غير مسبوق حيث يعاني القطاع المحاصر منذ سنوات من تدهور حاد في جميع الخدمات الأساسية بدءا من الرعاية الصحية مرورا بالمياه الصالحة للشرب وانتهاء بالوقود والمواد الغذائية التي أصبحت شحيحة إلى درجة لا يمكن تصورها ووسط هذا الوضع الكارثي تجد العائلات نفسها مضطرة للتنقل من منطقة إلى أخرى بحثا عن مأوى آمن رغم أن جميع المناطق في القطاع أصبحت تحت رحمة القصف الإسرائيلي الذي لا يفرق بين مدني وعسكري
مصادر طبية في مستشفيات شمال القطاع أكدت أن عدد المصابين جراء القصف يفوق القدرة الاستيعابية للمرافق الصحية المحدودة حيث يعاني القطاع الطبي من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ سنوات هذا الوضع المتأزم في القطاع الصحي يجعل من المستحيل تقديم الرعاية اللازمة للمصابين الذين يعانون من جروح بليغة جراء القصف العنيف إضافة إلى صعوبة التعامل مع أعداد الجثث التي تصل بشكل مستمر إلى المستشفيات التي تعاني أصلا من انقطاع الكهرباء ونقص الوقود اللازم لتشغيل المولدات
الهجوم الإسرائيلي على تل الزعتر قوبل بإدانات واسعة من قبل الفصائل الفلسطينية التي أكدت أن هذا القصف هو استمرار للسياسة الإسرائيلية القائمة على استهداف المدنيين العزل في محاولة لكسر إرادة الشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الحصار والعدوان منذ سنوات وأكدت الفصائل أن المقاومة الفلسطينية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال وأنها ستواصل الدفاع عن الشعب الفلسطيني بكافة الوسائل المتاحة حتى إنهاء الاحتلال وتحقيق العدالة
وفي السياق ذاته دعت منظمات حقوق الإنسان الدولية إلى فتح تحقيق فوري في هذه الجريمة وضرورة محاسبة المسؤولين عنها على كافة المستويات الدولية كما طالبت بوقف فوري للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتقديم الدعم الإنساني العاجل للسكان المدنيين الذين يعانون من ويلات الحرب والحصار المستمرين وأكدت أن استهداف المدنيين بهذه الطريقة يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف التي تحظر استهداف الأعيان المدنية في النزاعات المسلحة
تأتي هذه الجريمة في إطار حملة تصعيدية واسعة تشنها قوات الاحتلال على القطاع منذ أسابيع حيث تشهد مختلف مناطق غزة قصفا يوميا أدى إلى سقوط مئات الشهداء والجرحى كما تسببت هذه الهجمات في تدمير واسع للبنية التحتية والمنازل والمرافق العامة مما زاد من معاناة السكان المدنيين الذين يعيشون في ظروف غير إنسانية تحت الحصار وفي ظل انقطاع مستمر للكهرباء والمياه ونقص حاد في المواد الأساسية من غذاء ودواء ووقود
وفي ظل هذه التطورات الخطيرة تتزايد الدعوات الدولية لضرورة التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار وإيجاد حل دائم للصراع المتصاعد في المنطقة ورغم هذه الدعوات فإن المجتمع الدولي ما زال عاجزا عن اتخاذ خطوات ملموسة لوقف العدوان وحماية المدنيين في قطاع غزة الذين يدفعون الثمن الأكبر جراء هذا الصراع المستمر منذ عقود
الهجوم على تل الزعتر وغيره من الهجمات التي طالت مناطق أخرى في غزة يعكس الاستراتيجية الإسرائيلية القائمة على استهداف المدنيين والبنية التحتية في محاولة لإرغام السكان على الخضوع والتخلي عن مطالبهم المشروعة بالحرية والكرامة هذه السياسة التي فشلت في تحقيق أهدافها على مر السنوات تواصل إسرائيل تنفيذها رغم الإدانات الدولية والاحتجاجات الشعبية الواسعة التي تشهدها العديد من العواصم العالمية دعما للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة
إن ما جرى في تل الزعتر يعيد إلى الأذهان المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على مر التاريخ بحق الشعب الفلسطيني والذي يواصل تقديم التضحيات من أجل نيل حقوقه الوطنية والعيش بحرية وكرامة في وطنه إن هذه الجرائم لن تزيد الشعب الفلسطيني إلا صمودا وثباتا على مواقفه الرافضة للاحتلال والعدوان وستبقى القضية الفلسطينية هي القضية المركزية التي لا يمكن طمسها أو تجاهلها مهما حاولت قوى الاحتلال فرض واقع جديد بالقوة العسكرية