تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حملتها العسكرية الوحشية على قطاع غزة من خلال تصعيد غير مسبوق في أعمال القصف والتفجير والتدمير ضد البنية التحتية والمساكن المدنية،
حيث شنت هجمات عنيفة استهدفت بشكل مباشر منازل المدنيين وأماكن حيوية وأساسية من ضمنها المستشفيات والمراكز الطبية في تحدٍ واضح للقوانين الدولية والإنسانية وتجاهل تام لتحذيرات المجتمع الدولي.
ففي حادثة جديدة تكشف عن مدى إجرام الاحتلال وغياب أي مظهر للرحمة أو الاعتبارات الإنسانية، قامت قوات الاحتلال بنسف سلسلة من المباني السكنية غرب مشروع بيت لاهيا شمال قطاع غزة، حيث خلفت التفجيرات دماراً هائلاً في منطقة مكتظة بالسكان المدنيين.
وتأتي هذه العملية الوحشية ضمن سلسلة من الهجمات التي تشنها قوات الاحتلال في محاولة لتركيع سكان غزة وممارسة أقصى درجات الترهيب والعنف الممنهج.
وعلى الرغم من وجود العديد من العائلات التي تقطن هذه المباني فإن قوات الاحتلال لم تتردد في استخدام القوة المفرطة وإطلاق القذائف الثقيلة التي حولت المباني إلى ركام وأدت إلى نزوح عشرات العائلات التي كانت تأمل في العثور على ملاذ آمن من أهوال الحرب المتواصلة.
ولم تكتف قوات الاحتلال بهذه الجريمة فحسب، بل صعدت عملياتها العسكرية لتشمل مناطق أخرى من القطاع. حيث نفذت تفجيرات ضخمة صاحبتها عمليات إطلاق نار كثيف وقصف مدفعي على محيط المستشفى الإندونيسي بشمال غزة.
هذه الهجمات تأتي في وقت يعاني فيه القطاع الصحي من انهيار كامل نتيجة الحصار المستمر والقصف المتواصل، الأمر الذي يزيد من معاناة السكان ويعقد من فرص الحصول على الرعاية الطبية للمصابين والجرحى.
وقد سُمع دوي الانفجارات العنيفة من مسافات بعيدة، ما يشير إلى شدة القصف الذي يستهدف هذا المرفق الصحي الذي كان يُفترض أن يكون محمياً بموجب القوانين الدولية التي تمنع استهداف المستشفيات والمراكز الصحية. لكن قوات الاحتلال مستمرة في انتهاك كل هذه المواثيق تحت ذريعة الدفاع عن أمنها المزعوم.
وفي تصعيد آخر يضاف إلى سجل الاحتلال الحافل بالجرائم، قامت قوات الاحتلال بنسف سلسلة من المباني السكنية وسط مدينة رفح جنوب قطاع غزة، ما أدى إلى وقوع انفجارات ضخمة هزت المنطقة وأثارت الرعب في صفوف السكان المدنيين الذين يعيشون تحت وطأة القصف المستمر والخوف من الموت الذي يلاحقهم أينما ذهبوا.
المشاهد المرعبة للدمار والخراب باتت جزءاً من الحياة اليومية لسكان غزة الذين يجدون أنفسهم بلا مأوى بعد أن تحولت منازلهم إلى أنقاض بفعل آلة الحرب الإسرائيلية. كل هذا يحدث وسط عجز دولي وصمت من المنظمات الحقوقية التي تقف عاجزة عن اتخاذ خطوات فعلية لوقف هذه المجازر المتكررة بحق المدنيين.
وفيما يتعلق بالوضع الإنساني، حذر برنامج الأغذية العالمي من تفاقم أزمة الجوع في قطاع غزة الذي يعيش تحت حصار خانق منذ سنوات. وأشار البرنامج إلى أن أسعار المواد الأساسية مثل الدقيق والسكر والزيت ارتفعت بنسبة تزيد عن 1000% نتيجة النقص الحاد في الإمدادات الغذائية وتدمير الأسواق والبنية التحتية الزراعية بفعل القصف المستمر. وقد باتت العائلات الغزية تعاني من انعدام الأمن الغذائي في ظل عدم القدرة على توفير الحد الأدنى من احتياجاتها الأساسية. ومع انقطاع الكهرباء والمياه، يواجه السكان خطر المجاعة في ظل غياب أي تدخل دولي فعال أو جهود حقيقية لرفع الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية.
تستمر قوات الاحتلال في استخدام استراتيجية التجويع والترهيب كأداة ضغط لإخضاع الشعب الفلسطيني في غزة. فقد أثبتت التجارب السابقة أن الحصار وتدمير البنية التحتية واستهداف المرافق الصحية والتجارية ليس إلا محاولة متعمدة لتقويض قدرة السكان على الصمود وممارسة حياتهم اليومية. وكلما ازدادت الأزمة الإنسانية في القطاع، تصاعدت حدة الغضب والاستياء بين سكانه الذين يعانون من ويلات القصف والحصار دون أن يجدوا أي بارقة أمل في الأفق.
أمام هذا المشهد القاتم، يبرز تساؤل ملح حول دور المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان في مواجهة هذا الوضع. فمن الواضح أن صمت المجتمع الدولي يشجع الاحتلال على مواصلة جرائمه دون خوف من العقاب. وعلى الرغم من النداءات المتكررة لوقف العدوان ورفع الحصار، إلا أن القوى الكبرى ما زالت تكتفي ببيانات الشجب والإدانة دون اتخاذ خطوات عملية للضغط على إسرائيل لوقف حملتها العسكرية. ويبدو أن الاحتلال يستغل هذا التواطؤ الدولي لتنفيذ مخططاته التدميرية دون رادع، في ظل غياب محاسبة جدية أو تهديد فعلي بعقوبات دولية.
الوضع الحالي في غزة لا ينذر إلا بمزيد من التصعيد والعنف إذا استمر الاحتلال في تجاهل النداءات الدولية والمضي في مخططاته العدوانية. فسياسة التدمير الممنهج التي ينتهجها الاحتلال تهدف إلى إحداث أكبر قدر من المعاناة لسكان غزة، وإرسال رسالة واضحة بأن لا شيء في القطاع بمنأى عن القصف والدمار. لكن ورغم كل هذا العنف، فإن صمود الشعب الفلسطيني في غزة يظل بارقة أمل في وجه آلة الحرب الإسرائيلية، رغم قسوة الظروف ووحشية العدوان.