تقاريرمصر

الأوفر برايس يفاقم أزمة السيارات في مصر ويضاعف معاناة المواطنين مع الأسعار

تعاني سوق السيارات في مصر من أزمة كبيرة جعلت أسعار السيارات ترتفع بشكل غير مسبوق، بسبب المبالغ الإضافية التي يتم فرضها تحت مسمى “الأوفر برايس” وهو ما يزيد من معاناة المواطن المصري.

هذه الزيادة التي تفرض على الأسعار تفوق قدرة المواطن على الشراء، وتعد من أحد أبرز ملامح الفشل الحكومي في إدارة الأزمات الاقتصادية.

ففي الوقت الذي كان من المتوقع أن يكون فيه قطاع السيارات محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي، أصبح هذا القطاع يعاني من الركود الحاد والتراجع في الواردات، بسبب الإجراءات الحكومية المتخلفة، إضافة إلى التلاعبات التجارية التي تستهدف جيوب المواطنين.

تفرض وكالات السيارات والتجار ما يُسمى بـ “الأوفر برايس” كشرط للحصول على السيارات في السوق المحلي، حيث يقوم التجار والموزعون بإضافة نسبة تتراوح بين 10% إلى 50% على السعر الرسمي للسيارة، على الرغم من التراجع الكبير في الطلب.

والمثير للدهشة أن هذه الزيادة تزداد بشكل غير عقلاني في بعض السيارات الفاخرة، حيث يصل “الأوفر برايس” إلى مبالغ تصل إلى مليون جنيه في بعض الحالات، وهو ما يخلق طبقة من التجار المستفيدين على حساب المواطن البسيط.

تزايد هذا النوع من الغش التجاري بشكل ملحوظ، رغم التقارير الرسمية التي تشير إلى أن السوق يعاني من ركود تضخمي. فقد تقلصت المبيعات بشكل ملحوظ في العديد من الشركات الكبرى التي كانت تسيطر على السوق المحلي.

ومع تراجع الطلب على السيارات نتيجة للضغوط الاقتصادية التي يعاني منها الشعب، تواصل الأسعار الارتفاع بشكل يعجز معه المواطن العادي عن التنافس في شراء سيارة جديدة.

الأزمة بدأت تظهر بوضوح منذ أن تم اتخاذ قرار حكومي بتسجيل الشحنات من السيارات مسبقًا على منصة “نافذة” الحكومية، وهو ما تسبب في تعطل عملية استيراد السيارات بشكل ملحوظ. حيث أن العديد من التجار والموزعين لم يتمكنوا من استيراد السيارات بسبب القيود المفروضة على عملية التسجيل، مما أدى إلى تراجع المعروض من السيارات في السوق بشكل فاقم الأزمة الحالية. من جهة أخرى، أظهرت الأرقام أن واردات السيارات تراجعت بشكل ملحوظ بنسبة تصل إلى 28% في أغسطس الماضي، مقارنة بنفس الشهر في العام الماضي، في إشارة واضحة إلى الفشل الكبير في التعامل مع هذه الأزمة الاقتصادية.

قد يعتقد البعض أن هذه الزيادة في الأسعار قد تكون بسبب عوامل خارجية، مثل التضخم العالمي أو زيادة أسعار المواد الخام، لكن الحقيقة أن الأزمة ليست فقط نتاجًا لهذه العوامل، بل نتيجة مباشرة للتخبط الحكومي في التعامل مع هذه الأزمة، والتساهل الكبير في فرض سياسات غير مدروسة تؤدي إلى تدهور الاقتصاد الوطني بشكل عام. فالحكومة كانت أكثر اهتمامًا بتحقيق مصالح التجار على حساب مصلحة المواطن، في الوقت الذي لم تقدم فيه أي حلول فعالة للتخفيف من الأزمة.

إذا نظرنا إلى الوضع من زاوية أخرى نجد أن السياسات الحكومية المتبعة في مجال السيارات قد أسهمت في تضييق الخناق على التجار والصناعات المحلية، حيث أن الإجراءات غير المدروسة، والتي تشمل تعقيد إجراءات التسجيل والتضييق على التجار، كانت سببا رئيسيا في تعطيل حركة الاستيراد، وهو ما جعل السوق المحلي يعاني من نقص كبير في المعروض من السيارات. وبالرغم من التراجع الواضح في الطلب، إلا أن الأسعار استمرت في الارتفاع بشكل غير منطقي، مما أضاف عبئًا إضافيًا على المواطنين.

تُظهر الأرقام الرسمية أن هناك تراجعًا ملحوظًا في واردات السيارات، حيث بلغت قيمة الواردات في أغسطس الماضي 156 مليون دولار، مقارنة بـ 217 مليون دولار في نفس الشهر من العام الماضي، مما يعني أن هناك انخفاضًا في حجم التجارة في هذا القطاع بنسبة تصل إلى حوالي 28%، وهو ما يعكس الفشل الذريع للسياسات الاقتصادية المتبعة.

الأزمة الحالية التي يعاني منها قطاع السيارات تُظهر بوضوح التقاعس الحكومي في اتخاذ إجراءات حاسمة لحل المشكلة. الحكومة لم تعمل على تفعيل السياسات التي تدعم السوق المحلي، بل بالعكس فقد كانت تواصل فرض القيود على الوكلاء والتجار مما يزيد من تدهور القطاع. هذه السياسات تضر بالمستهلكين بشكل مباشر حيث أن المواطن هو الذي يتحمل تبعات هذا الفشل الحكومي. الأسعار ترتفع بشكل جنوني في الوقت الذي لا يتناسب فيه الدخل مع هذه الزيادة المفرطة.

إن استمرار هذه السياسات الفاشلة لا يعد فقط فشلًا في إدارة أزمة اقتصادية، بل هو أيضًا دليل على فساد إداري طويل الأمد في إدارة الملفات الاقتصادية الكبرى. فلا يوجد اهتمام حقيقي بمعالجة المشاكل الهيكلية في السوق، ولا محاولة لتوفير بيئة تجارية عادلة للمستهلكين. لقد أصبح المواطن هو الضحية الوحيدة لهذه السياسات الاقتصادية المدمرة، في الوقت الذي يواصل فيه التجار تحصيل المزيد من الأموال تحت مسمى الأوفر برايس.

فإن أزمة سوق السيارات في مصر تعكس بشكل صارخ فساد السياسات الحكومية وفشلها في التعامل مع الأزمات الاقتصادية. ارتفاع الأسعار وفرض الأوفر برايس على السيارات هو مجرد وجه آخر لهذه الأزمة التي يعاني منها المواطن البسيط، في حين لا نجد أي خطوة حقيقية من الحكومة لحل هذه المشكلة أو الحد من تفاقمها.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى