تقاريرعربي ودولى

هجوم الفصائل المسلحة على حلب وإدلب يكشف عن تطورات خطيرة في الصراع السوري

أعلنت وسائل الإعلام الموالية للفصائل المسلحة السورية مساء يوم الجمعة عن تمكن مقاتلي هذه الفصائل من دخول حي «استراتيجي» في وسط مدينة حلب، وهو ما يعد خطوة هامة نحو تحقيق انتصار ميداني جديد، بينما تم إعلان سيطرة الفصائل على مدينة سراقب شرق إدلب بعد انسحاب القوات الحكومية.

في هذا الوقت، تحدثت «قوات سوريا الديمقراطية» عن أن الهجوم على شمال غرب البلاد كان مخططًا له بشكل متقن من قِبل أطراف خارجية ساهمت في تعميق الأزمة السورية.

القيادي في إدارة العمليات العسكرية التابعة للفصائل المسلحة حسن عبد الغني أكد أن الحملة العسكرية الحالية التي تشنها الفصائل تهدف إلى «تحرير» مدينة حلب من سيطرة قوات النظام، التي وصفها بأنها تمارس «الفساد والبطش» بحق المدنيين.

وأضاف عبد الغني أن هذه المعركة تمثل لحظة فارقة في تاريخ المدينة، حيث أن الفصائل المسلحة تواصل تقدمها في الأحياء المختلفة للمدينة. كما أشار إلى أن الهدف النهائي هو تحرير المدينة بالكامل وإنهاء سيطرة النظام السوري عليها.

وأشار عبد الغني إلى أن الحملة العسكرية تهدف أيضاً إلى «تحفيز انشقاق» عدد من عناصر الجيش السوري الذين يقاتلون لصالح النظام، داعيًا سكان المدينة إلى التعاون مع القوات المهاجمة بما يساعد على تحرير المدينة من قبضة النظام.

وفي وقت لاحق من اليوم، أفادت تقارير إعلامية موالية للفصائل المسلحة عن تمكن مقاتلي الفصائل من دخول حي المحافظة الاستراتيجي وسط مدينة حلب، وهو من أهم الأحياء التي يسيطر عليها النظام.

وبحسب ما ذكره «تلفزيون سوريا»، فإن دخول هذا الحي يعتبر جزءاً من محاولات متواصلة للسيطرة على المناطق التي تعتبر معاقل للنظام داخل المدينة. وفي ذات السياق، ذكر تلفزيون «حلب اليوم» أن الفصائل المسلحة تمكنت من السيطرة على مدينة سراقب شرق إدلب بعد انسحاب القوات الحكومية، مما يعكس التقدم الميداني الكبير الذي تحققه الفصائل في هذه المنطقة.

من جهة أخرى، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن المعارك العنيفة بين الفصائل المسلحة وقوات النظام السوري أسفرت عن مقتل 277 شخصاً في اليوم الثالث على التوالي من القتال، مما يزيد من تداعيات هذه المعركة الميدانية في ريفي حلب وإدلب. هذه المعركة تأتي ضمن سلسلة من المعارك الطاحنة التي شهدتها المنطقة في الآونة الأخيرة، والتي شكلت نقطة تحول في موازين القوى بين الفصائل المسلحة والنظام السوري.

وفي ظل هذا التصعيد العسكري، تتهم «قوات سوريا الديمقراطية» أطرافًا خارجية بتخطيط ودعم الهجوم على الشمال السوري. فالهجوم على هذه المناطق يأتي في وقت حساس بالنسبة للوضع العسكري والسياسي في سوريا، حيث تسعى دمشق جاهدة إلى الحفاظ على سيطرتها على أكبر قدر ممكن من الأراضي بعد سنوات من الصراع.

وتمثل حلب أحد أبرز المعاقل العسكرية للنظام السوري، وكانت قد شهدت معارك دامية في الأعوام السابقة التي أسفرت عن تدمير واسع للمدينة. ورغم أن النظام استطاع استعادة السيطرة على المدينة في عام 2016 بعد حصار دام لعدة أشهر، إلا أن معركة حلب لم تنتهِ بعد، ويبدو أن الفصائل المسلحة تسعى لاستعادة السيطرة عليها عبر توجيه ضربات قوية لمناطق النظام.

من جهة أخرى، تدور تساؤلات حول التداعيات الإنسانية لهذه المعارك في المناطق التي تشهد القتال، حيث تستخدم قوات النظام السوري التكتيك المعتاد في هذه المعارك عبر القصف الجوي العشوائي، الذي يستهدف الأحياء السكنية والأماكن المدنية. وتزداد المخاوف من وقوع المزيد من الضحايا المدنيين في ظل تصاعد القصف واستخدام الأسلحة الثقيلة في مناطق مكتظة بالسكان.

في السياق نفسه، تتحدث التقارير عن أن الدعم العسكري والتدريبي للفصائل المسلحة يواصل دوره البارز في المعركة. وتعتبر هذه الفصائل أن الدعم اللوجستي والعسكري المتواصل كان عاملاً حاسمًا في تعزيز قدرتها على مواجهة النظام في العديد من المناطق. ورغم هذا، يبقى السؤال حول المدى الذي يمكن أن تصل إليه هذه الحملة العسكرية. فبينما تحقق الفصائل تقدماً في بعض المناطق، يبقى في المقابل خطر استعادة النظام لبعض المناطق إذا ما تراجع الزخم العسكري للفصائل المسلحة.

هذه التطورات العسكرية تأتي في وقت حساس للغاية على مستوى الصراع السوري بشكل عام، حيث أن مناطق شمال سوريا تعتبر محط اهتمام كبير في ظل التقلبات العسكرية المتواصلة. كما أن التطورات في حلب وإدلب قد تؤثر بشكل كبير على مستقبل الوضع العسكري في البلاد، خصوصًا إذا ما استمرت هذه المواجهات بشكل متصاعد.

من المعروف أن سوريا دخلت في حرب أهلية منذ أكثر من 13 عامًا، ويبدو أن هذا الصراع سيستمر ما لم يتم التوصل إلى اتفاقات سياسية توقف التصعيد العسكري. وفي ظل هذا التصعيد المستمر بين الفصائل المسلحة والنظام، يبقى الوضع في سوريا عالقًا في حالة من التوتر المستمر، مع مواقف متباينة من الأطراف المحلية والدولية.

المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى