فضيحة فساد مدوية في قصور الثقافة .. تزوير بيانات موظفة وتعيينها بالوساطة والمحسوبية
في فضيحة جديدة تكشف عن عمق الفساد داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة، أورد موقع “أخبار الغد” تفاصيل واقعة تزوير في بيانات بطاقة الرقم القومي الخاصة بإحدى الموظفات في فرع ثقافة أسيوط.
وتدعى هذه الموظفة “وسام درويش حنفي درويش”، حيث أظهرت بطاقة الرقم القومي الصادرة لها من سجل مدني أسيوط ثان بتاريخ 10 يونيو 2019 بأنها “مديرة قصر ثقافة أسيوط”، في حين أن المهنة الأصلية المدونة في أوراقها هي “باحثة فن تشكيلية”، مما يثير تساؤلات حقيقية حول كيفية حصولها على منصب مدير قصر الثقافة بالزور والمحاباة.
إن الواقعة تثير الغضب والدهشة، وتكشف عن عملية فساد تمارس في وضح النهار، مستفيدة من المحسوبية والوساطة التي لطالما كانت سمة غالبة في الهيئات الحكومية.
تعود قصة وسام درويش إلى تعيينها في الهيئة العامة لقصور الثقافة، فرع ثقافة أسيوط، من خلال علاقات شخصية تربط والدها بـ “سعد عبد الرحمن”، رئيس الهيئة الأسبق، وهو شخص معروف بعلاقاته الوثيقة مع العديد من العاملين في الهيئة.
وبعد خمس سنوات من تعيينها في منصب لا يتناسب مع مؤهلاتها، تم ترقيتها بطريقة غير قانونية إلى منصب “مديرة قصر ثقافة أسيوط”، وذلك رغم أنها لا تملك أي خبرات أو مؤهلات تؤهلها لتولي هذا المنصب المهم.
لقد أثار هذا التعيين تساؤلات كثيرة بين العاملين في الهيئة وبعض الشرفاء الذين استغربوا كيفية ترقيتها، وما إذا كانت هذه الترقية قد تمت بناء على الكفاءة أم بناء على علاقات شخصية، فهذه الترقية كانت صادمة للكثيرين الذين أكدوا أن “وسام درويش” ليست أكثر من موظفة بسيطة، بل إنها كانت بعيدة تمامًا عن أي نوع من القيادة.
لكن، الأمر المثير للدهشة هو أنه وعلى الرغم من القرارات القضائية التي ألغت ترقيتها إلى منصب المديرة لصالح شخص آخر أكثر كفاءة، إلا أن “وسام درويش” استمرت في التمسك بمنصبها، بل وواصلت ادعاءها بأنها لا تزال تشغل منصب “مديرة قصر ثقافة أسيوط” تحت سمع وبصر “ضياء الدين مكاوي”، القائم بأعمال رئيس إقليم وسط الصعيد الثقافي ومدير عام فرع ثقافة أسيوط. هذا الأمر يعكس حالة من الفوضى والتلاعب بالحقائق على أعلى مستوى.
ولكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، إذ أن “وسام درويش” استمرت في استخدام اسمها الوهمي كمديرة للقصر في مختلف الأماكن الرسمية، بل إنها أدخلت هذه الصفة في العديد من المواقف الحياتية الخاصة بها.
على سبيل المثال، كانت تقوم بتقديم نفسها كـ”مديرة قصر ثقافة أسيوط” في الفنادق التي كانت تقيم فيها، مما يعكس تماديها في هذا التزوير. والأدهى من ذلك أنها كانت تتقاضى مستحقات وامتيازات مالية تحت هذا العنوان المزيف، مما يجعل الأمر يبدو وكأن هناك تغاضيًا متعمدًا من المسؤولين في الهيئة عن هذه المخالفات.
ليس هذا فحسب، بل إن “وسام درويش” قد تمكنت أيضًا من التأثير على إدارة فرع ثقافة أسيوط، حيث تم السماح لها بالتدخل في الكثير من الأعمال الحساسة داخل الهيكل التنظيمي للمؤسسة، رغم أن الصفة التي تحملها هي صفة وهمية، ولم تُستند إلى أي أسس قانونية.
كما أن هذا الوضع المريب أدى إلى ترك مجال واسع للفساد والمحاباة والتدليس داخل الهيئة، بما في ذلك اختلاط العاملين بالأطفال والكبار وتوجيه فكر الوساطة والمحسوبية والتزوير من خلال أمثلة حية مثل هذه الحالة.
الغريب في الأمر هو أن الهيئة العامة لقصور الثقافة، والتي يفترض بها أن تكون معنية بتقديم الثقافة والفن للمجتمع، قد فشلت في اتخاذ أي خطوات جادة للتحقيق في هذه الواقعة، أو حتى معاقبة المسؤولين عنها.
إن استمرار مثل هذه الحالات بدون مساءلة قانونية يجعل من الهيئات الثقافية أشبه بمستنقعات للفساد والمحسوبية، ويؤكد على أن التلاعب بالمناصب والموارد أصبح سمة مميزة لهذه المؤسسات.
وفي سياق آخر، يشاع بين موظفي فرع ثقافة أسيوط إلى أنه تم تخصيص أموال الدولة لدفع أجور موظفين اثنين للعمل كجليسات أطفال خلال وجود “وسام درويش” في مكتب “ضياء الدين مكاوي”، وهو أمر لا يعكس أي نوع من الشفافية أو الاستخدام السليم للموارد العامة.
هذه الحالة من التبذير والفساد في توظيف الأموال هي بمثابة ضوء أحمر يجب على السلطات المختصة أن تأخذه في الاعتبار قبل فوات الأوان.
إن غياب المساءلة والمحاسبة، وتراخي الجهات الرقابية في التعامل مع هذه القضايا، هو الذي ساعد في انتشار الفساد داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة.
ورغم تعيين مدراء كبار في هذه الهيئات، إلا أن النظام الحاكم في الثقافة لم ينجح في اتخاذ أي إجراءات حقيقية للتصدي لمثل هذه الممارسات الفاسدة.
وإن هذه الواقعة تؤكد أن وزارة الثقافة، والتي يفترض بها أن تكون حامية للثقافة والفن في المجتمع، لا تقوم بدورها على النحو المطلوب في محاربة الفساد والمحسوبية.
كما أن الهيئة العامة لقصور الثقافة يجب أن تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا الفشل الإداري الكبير الذي سمح لموظفة لا تمتلك أي مؤهلات أن تحتل منصبًا حساسًا بطرق غير قانونية، وتستمر في التلاعب بالمؤسسات الثقافية لتحقيق مصالحها الشخصية.