روسيا تكثف هجماتها الجوية على حلب وإدلب وتزعم مقتل 200 عنصر من المعارضة
في تطور خطير ومثير للقلق شنت القوات الجوية الروسية هجوما واسع النطاق على مناطق سيطرة المعارضة السورية المسلحة في محافظتي حلب وإدلب وفق ما نقلته وكالة تاس الروسية الرسمية للأنباء وادعت روسيا أن هذه الضربات المكثفة أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 200 عنصر من “هيئة تحرير الشام” والتي كانت تعرف سابقا بجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة وهو ادعاء يعكس محاولات مستمرة من جانب موسكو لتصوير تدخلها العسكري في سوريا على أنه حرب شرعية ضد الإرهاب بينما تتجاهل معاناة المدنيين والعواقب الإنسانية الوخيمة لهذه العمليات
وأفادت وكالة تاس أن القوات الجوية الروسية تستهدف بشكل منهجي مواقع حيوية تابعة للفصائل المسلحة بما في ذلك مراكز القيادة والمستودعات العسكرية ومواقع المدفعية التابعة للجماعات التي تصفها موسكو بأنها غير شرعية وتعتبر هذه الهجمات جزءا من حملة عسكرية روسية موسعة لدعم قوات النظام السوري بقيادة بشار الأسد وتثبيت وجوده في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة والتي تمثل تهديدا كبيرا لحكومة دمشق من وجهة النظر الروسية ووفقا للتقارير الصادرة عن وزارة الدفاع الروسية فإن العمليات الجوية الروسية مستمرة وبكثافة في محاولة لتقويض قدرات الفصائل المعارضة التي تصفها بالإرهابية في الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر في المنطقة
ورغم أن روسيا تحاول تبرير عملياتها العسكرية بالتركيز على استهداف الجماعات الإرهابية فإن الهجمات لا تخلو من استهداف للبنية التحتية الحيوية ومناطق المدنيين مما يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني الكارثي في الشمال السوري وفي ظل الأنباء الواردة عن استمرار الغارات الجوية بشكل مكثف فإن الخسائر في صفوف المدنيين لا تزال تزداد بشكل ملحوظ حيث أكدت تقارير ميدانية أن هذه العمليات لا تقتصر على استهداف المقاتلين فقط بل تمتد لتشمل المدنيين العزل الذين يعانون من ويلات القصف والتدمير
وفي سياق مواز أصدرت منظمة الدفاع المدني السوري المعروفة باسم “الخوذ البيضاء” تقريرا مفصلا حول الغارات الجوية الروسية التي استهدفت مناطق المعارضة وذكرت المنظمة أن الهجمات الروسية بالتنسيق مع القوات السورية أسفرت عن مقتل 4 مدنيين على الأقل وإصابة 6 آخرين في مدينة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة وهي المدينة التي تتعرض بشكل مستمر للقصف مما يجعل الحياة اليومية فيها لا تطاق للسكان المحليين الذين باتوا يعيشون تحت تهديد دائم للموت أو الإصابة
وفي حين تواصل روسيا الترويج لروايتها بأن عملياتها العسكرية تهدف إلى القضاء على الإرهاب واستعادة الأمن في سوريا تشير المنظمات الحقوقية ومراقبو الصراع إلى أن مثل هذه العمليات الجوية الروسية غالبا ما تستهدف مناطق مأهولة بالمدنيين مما يتسبب في وقوع عدد كبير من الضحايا المدنيين ويفاقم من الأزمة الإنسانية في سوريا والتي تعد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم حاليا
من جانبه يؤكد المجتمع الدولي أن استمرار التصعيد العسكري في الشمال السوري سيؤدي حتما إلى مزيد من المآسي الإنسانية ويعزز من معاناة المدنيين الذين يعيشون في مناطق المعارضة حيث تسبب الحصار والقصف المستمر في تدهور الأوضاع الإنسانية إلى درجة غير مسبوقة وأصبحت الحياة في هذه المناطق أشبه بالجحيم بسبب نقص المواد الغذائية والطبية فضلا عن تدمير المدارس والمستشفيات والبنية التحتية الأساسية
وتتعرض روسيا لانتقادات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة بسبب دورها في تأجيج الصراع السوري ودعم نظام الأسد المتهم بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين وتأتي هذه الضربات الأخيرة لتضيف المزيد من الضغوط على موسكو التي تواجه اتهامات دولية بمسؤوليتها عن جزء كبير من الدمار الحاصل في سوريا حيث تسعى روسيا إلى فرض أجندتها السياسية من خلال الدعم العسكري غير المشروط للنظام السوري بهدف تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط
على الرغم من ذلك تواصل روسيا الدفاع عن موقفها وتؤكد أن جميع عملياتها العسكرية في سوريا تستند إلى طلب رسمي من الحكومة السورية وأنها تلتزم بالقانون الدولي فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب وادعت مرارا وتكرارا أنها لا تستهدف المدنيين وإنما تركز ضرباتها على مواقع الجماعات الإرهابية ومع ذلك فإن الشهادات الميدانية والتقارير الحقوقية تؤكد عكس ذلك إذ يشير الكثيرون إلى أن استهداف المناطق السكنية والبنية التحتية المدنية أصبح جزءا من التكتيكات الروسية في محاولة لإجبار المعارضة على الاستسلام أو الانسحاب من المناطق التي تسيطر عليها
في هذه الأثناء تتفاقم معاناة السكان المدنيين الذين يعيشون في مناطق الصراع حيث باتوا عالقين بين قصف النظام السوري المدعوم من روسيا وهجمات الفصائل المسلحة المعارضة ولا يبدو أن هناك أفقا قريبا لإنهاء هذه الأزمة المتفاقمة خصوصا في ظل غياب حل سياسي واضح واستمرار التوترات الميدانية التي تجعل من المنطقة مسرحا لصراع طويل الأمد
من جهة أخرى يواجه المجتمع الدولي تحديات كبيرة في محاولة الحد من هذا التصعيد العسكري وإيجاد حلول سلمية للأزمة السورية ومع ذلك فإن التحركات الدبلوماسية والسياسية تبدو عاجزة عن إحداث أي تغيير حقيقي على الأرض حيث تستمر الأطراف المتحاربة في تجاهل الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات