إصرار الدفاع على تبرئة “سفاح التجمع” من القتل العمد رغم الأدلة القاطعة
في محكمة جنايات مستأنف القاهرة بالتجمع الخامس، كانت الجلسة مشحونة بالتوتر والانفعالات، حيث جرت مرافعة دفاع المتهم كريم سليم، المعروف إعلاميًا بـ “سفاح التجمع”، في قضية قتل 3 فتيات بدم بارد وتعذيبهن بشكل وحشي، وهو الحكم الذي لا يزال في طور الاستئناف بعد صدور حكم الإعدام عليه من محكمة أول درجة.
هذا الجلسة كانت نقطة فاصلة في مسار القضية، حيث كان الدفاع يحاول التملص من تهمة القتل العمد التي تحيط بالمتهم من كل جهة، معتمدًا على حجج قانونية ونفسية تعكس مستوى الانفصال التام عن الواقع.
خلال المرافعة، حاول محامي المتهم إبعاد المسؤولية عن موكله، مدعيًا أنه يعاني من اضطرابات نفسية خطيرة. وعرض الدفاع أمام المحكمة أن المتهم يعاني من مرض النيكروفيليا، وهو ميول جنسي نحو الموتى، بالإضافة إلى اضطراب ثنائي القطب الذي يسبب له تغييرات حادة في سلوكياته وأفكاره، ناهيك عن إصابته بمرض “السيكوباتية”، الذي يدفعه للاستمتاع بتعذيب الآخرين وتدمير نفسه في الوقت ذاته.
حسبما ذكر محامي الدفاع، فإن كل هذه الأمراض النفسية كانت السبب المباشر لما حدث من جرائم بشعة ارتكبها المتهم، مؤكداً أن “سفاح التجمع” لم يكن في كامل وعيه عند ارتكاب الجرائم.
لكن القصة التي حاول الدفاع تقديمها لم تكن لتصلح كذريعة للوحشية التي أظهرها المتهم في ارتكاب الجرائم. المحامي لم يقتصر على إلقاء اللوم على الأمراض النفسية فقط، بل ذهب بعيدًا في محاولة تحميل طليقة المتهم، التي تُدعى لبنى، المسؤولية عن ما حدث.
وفي مرافعة ساخطة، قال المحامي إن المتهم كان يعشق زوجته بشكل مبالغ فيه، لدرجة أنه ترك الولايات المتحدة من أجل العودة معها إلى مصر. لكنه زعم أن لبنى، في وقت لاحق، اتهمته بالعجز الجنسي وتركته، مما دفعه إلى اتخاذ قرار انتقامي لمحاولة إثبات قوته ورجولته. وهكذا، زعم المحامي أن هذا الانتقام كان سببًا رئيسيًا في اندفاع المتهم نحو ارتكاب جرائمه المروعة.
لكن من يسمع هذه المرافعة يجب أن يتساءل: هل يمكن لأي اضطراب نفسي أو شعور بالمهانة أن يبرر قتل ثلاث فتيات وتعذيبهن بأبشع الطرق؟ الدفاع عن المتهم حاول تمرير هذه الفكرة، لكنه فشل في إخفاء الحقيقة الوحشية التي لا يمكن تبريرها.
ورغم أن الأدلة التي قدمتها النيابة العامة كانت دامغة للغاية، إلا أن محامي الدفاع لم يترك ساحة المحكمة إلا وهو يطالب بوقف الحكم الصادر عن محكمة أول درجة الذي قضى بإعدام موكله.
واعتبر المحامي أن القضية شابتها “أخطاء إجرائية”، مبدياً اعتراضه على الإجراءات التي تمت خلال التحقيقات، بما في ذلك التأثيرات المزعومة للمواد المخدرة التي كان يتعاطاها المتهم أثناء التحقيقات. وبحسب الدفاع، فقد أدت تلك المواد المخدرة إلى تغيّر اعترافات المتهم، ما يجعلها غير دقيقة ولا يمكن الاعتماد عليها في إصدار الحكم.
ومن الجدير بالذكر أن دفاع المتهم تجاهل عن عمد أحد أبرز التفاصيل في القضية، وهو أن المتهم قد قام بتوثيق جرائمه بنفسه عبر مقاطع فيديو يظهر فيها وهو يعتدي على ضحاياه ويقتلهن، بل ويستمر في ممارسة الجنس مع جثثهن بعد وفاتهن لساعات.
هذه المقاطع التي تم العثور عليها كانت شهادة دامغة ضد المتهم، إذ تبين أنه كان مدركًا تمامًا لما يفعله، مما يضعف بشكل كبير محاولات الدفاع للتأكيد على عدم وجود نية لقتل الضحايا.
ورغم كل ذلك، طلب الدفاع تعديل القيد والوصف في القضية من القتل العمد إلى “ضرب أفضى إلى موت”، وهو طلب بدا غير منطقي تمامًا بالنظر إلى كمية الأدلة التي تؤكد نية المتهم في قتل ضحاياه بدم بارد وبطريقة بشعة.
الدفاع ربط هذا الطلب بعدم وجود “دليل مادي” ثابت يربط المتهم بالقتل العمد، لكن المحكمة استمعت إلى شهادة الطبيب الشرعي في هذه الجلسة، والذي أكد أن السبب الرئيسي للوفاة لا يتعارض مع اعترافات المتهم، مشيرًا إلى أن الجثث كانت في حالة تعفن شديدة، ولكن ذلك لا يمنع من تأكيد أن الوفاة كانت نتيجة للضرب والتعذيب المبرح.