اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل: هزيمة لبنيامين نتنياهو وتعقيدات سياسية جديدة
أكد محللون ومتابعون أن اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل يمثل نقطة تحول مهمة تكشف عن الهزيمة السياسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. بينما يظل نتنياهو متمسكًا بموقفه الرافض لإبرام اتفاق هدنة مع حركة “حماس” في قطاع غزة، تتزايد الضغوط الدولية والمحلية لإعادة المحتجزين، مما يزيد من تعقيدات المشهد السياسي.
في ظل الضغوط التي تمارسها إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن على نتنياهو، يبرز الخوف من الوضع المستقبلي مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب، مما يعقد الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في المنطقة. يرى المحللون أن الهدنة مع حزب الله قد لا تدوم طويلاً، وأنها مجرد حل مؤقت في سياق الأزمة الحالية التي تعصف بالمنطقة.
وفي الوقت الذي أعرب فيه الكثير من الإسرائيليين عن قناعتهم بأن القتال في لبنان لم يحقق أهداف الحرب المنشودة وأن جيش الاحتلال فشل في القضاء على حزب الله، تتزايد المخاوف من أن تدخل إسرائيل في حرب استنزاف طويلة الأمد في الجنوب.
وأشار المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” آموس هرئيل إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار يمثل إنجازًا جزئيًا لإسرائيل، مما يستدعي العمل نحو إعادة جميع المحتجزين لدى حركة حماس كخطوة رئيسية لتحقيق السلام والاستقرار.
لافتا أن إسرائيل لم تستطع هزيمة حزب الله رغم الضربات التي تلقاها.
ويعتقد هرئيل أن وقف إطلاق النار على الجبهة الشمالية مع لبنان يضع إسرائيل أمام تحديات جديدة، وأن الامتحان الحقيقي هو اختبار تطبيق الاتفاق على أرض الواقع ومدى قدرة جيش الاحتلال على فرض واقع طويل الأمد دون تهديدات أمنية على المستوطنات الإسرائيلية في الشمال.
ورجح أن حزب الله سيحاول التعافي والتسلح واستعادة قدراته، وبالتالي في وقت ما، هذا العام أو بعد عقد من الزمان، سوف ينهار هذا الاتفاق وستندلع جولة أخرى من القتال.
وحسب هرئيل، كان لبنان وما زال إلى حد كبير جبهة ثانوية في الحرب التي بدأت بالهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على “غلاف غزة” في السابع من أكتوبر 2023، قائلا إن إسرائيل عادت مجددا لتصطدم بالجبهة التي ما زالت مشتعلة مع الفلسطينيين في القطاع.
سر عدم الوصول لهدنة في غزة
وقالت الكاتبة الإسرائيلية سيما كدمون في مقالها بصحيفة “يديعوت أحرونوت” بعنوان “لم يجب نتنياهو على السؤال الأكثر إيلاما وأهمية: ماذا عن غزة؟”، في إشارة منها أن وقف إطلاق النار مع حزب الله يبقى ثانويا، وتؤكد أن إسرائيل مطالبة بالتوصل إلى هدنة مع القطاع.
وتساءلت :لماذا لا يفعل نتنياهو في غزة ما يقوم به في لبنان؟ ولماذا يمكن العودة إلى لبنان إذا طلب ذلك، ولا يمكن وقف الحرب في غزة من أجل إعادة 101 محتجز الذين يتناقص عددهم. وأضافت: هو لا يريد وقف إطلاق النار على الجبهة الجنوبية.
وحسب كدمون، لا يريد نتنياهو هدنة مع غزة لأنه يخشى كل النتائج المحتملة ومن ضمنها انهيار الائتلاف الحكومي وخسارة قاعدته في معسكر اليمين، وفقدان السلطة عشية استئناف محاكمته بملفات فساد،وتقول “نتنياهو تخلى عن المحتجزين وهو يُسوِق للنصر المزعوم على حزب الله.
و قالت كدمون: معظم الجمهور الإسرائيلي ليس لديه ثقة في نتنياهو، وترى أنه لا يوافق على الاتفاق من أجل مصلحة إدارة بايدن، بل لأنه يعرف بالضبط ما تتوقعه منه الإدارة المقبلة، وأن ترامب يريد إنهاء الحرب مع لبنان قبل أن يستقر في البيت الأبيض.
وترجح الكاتبة الإسرائيلية أن ترامب لا يهمه حقا أن يبدأ هذا الإنجاز مع نهاية فترة بايدن، موضحة: أمامه 4 سنوات كاملة، وحتى لو بدأ إنجاز الاتفاق مع لبنان قبل نحو شهر من تتويجه، فهو مستعد لقبول هذه الهدية بأثر رجعي.
الطرح نفسه تبناه دانيال فريدمان المحاضر في كلية الحقوق في جامعة تل أبيب، ووجه انتقادات شديدة اللهجة إلى نتنياهو واتهمه بأنه يقوم بتسويق الوهم للمجتمع الإسرائيلي من خلال الترويج لإنجازات وهمية في الحرب، وعبر اتفاقية وقف إطلاق النار مع حزب الله.
فريدمان : إسرائيل لاتملك القوة للقضاء على حزب الله .. و لا نصر مطلق على حماس
وتحت عنوان (نتنياهو يُبدع في خلق الأوهام.. لكن الواقع مختلف تماما)، كتب فريدمان، الذي شغل في السابق منصب وزير القضاء في الحكومة الإسرائيلية الـ31، مقالا في صحيفة “معاريف”، قائلا إن نتنياهو يبرع في وصف واقع غير موجود وفي تقديم وعود لا يمكن الوفاء به.
لكن الواقع من وجهة نظر فريدمان هو أن إسرائيل لا تملك القوة العسكرية والسياسية للقضاء على حزب الله، ومن الأفضل قول الحقيقة بدلا من نشر الأوهام الكاذبة، ولن يكون هناك نصر مطلق على الجبهة الجنوبية مع غزة أيضا.