تقاريرمصر

قانون الإيجار القديم .. معركة الحكومة بين المالك والمستأجر وخمسة حلول مقترحة

يعد قانون الإيجار القديم في مصر أحد أكثر القضايا الاجتماعية والاقتصادية تعقيدًا، حيث يشغل عقول ملايين المصريين، ويثير الجدل بين الملاك والمستأجرين على حد سواء.

وبعد صدور الحكم التاريخي من المحكمة الدستورية بإلغاء هذا القانون الذي طالما أثار خلافات واسعة، أصبحت الحكومة ملزمة بوضع حلول عملية لتنفيذ هذا الحكم، مع مراعاة حساسية الموقف وتوازن العلاقة بين طرفي النزاع.

وفي هذا الإطار، تدرس الحكومة حاليًا خمسة مقترحات لحل هذه الأزمة التي تؤثر على مئات الآلاف من الأسر المصرية.

المقترح الأول: لجان محايدة لتحديد القيمة الإيجارية

المقترح الأول المطروح يعتمد على تشكيل لجان نوعية متخصصة تتسم بالحيادية في كل مدينة بمختلف المحافظات المصرية.

هذه اللجان ستكون مسؤولة عن تقدير القيمة الإيجارية للوحدات السكنية بناءً على الوضع الراهن لكل منطقة، حيث أن طبيعة كل مدينة تختلف من حيث الطلب على العقارات والموقع الجغرافي والاقتصادي، مما يجعل من الضروري عدم توحيد قيمة الإيجار على مستوى الجمهورية.

وستكون التقديرات الصادرة عن هذه اللجان ملزمة بعد عرضها على المحافظ المختص، لتصبح واجبة التنفيذ. هذه الآلية تهدف إلى تحقيق قدر من العدالة في تحديد قيمة الإيجارات بين المناطق المختلفة.

المقترح الثاني: إضافة مبلغ مالي ثابت

المقترح الثاني الذي يناقشه المسؤولون يتلخص في إضافة مبلغ مالي ثابت على قيمة الإيجار القديمة، فعلى سبيل المثال إذا كان المستأجر يدفع 50 جنيهًا شهريًا، سيتم إضافة مبلغ ثابت على هذه القيمة كل شهر.

هذا الاقتراح يهدف إلى التخفيف من الفجوة الكبيرة بين القيمة الحالية للإيجارات والقيم القديمة التي أصبحت غير واقعية بالنظر إلى التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة على مدار العقود الماضية.

المقترح الثالث: زيادة نسبية بالقيمة الإيجارية

المقترح الثالث يشير إلى فرض زيادة نسبية على الإيجار القديم بنسب مئوية ثابتة تختلف باختلاف الوحدة السكنية وظروفها. فمثلاً، يمكن زيادة الإيجار بنسبة تتراوح بين 300% إلى 500% شهريًا على القيمة الحالية.

هذه النسبة تأخذ في الاعتبار متغيرات عديدة مثل موقع العقار، نوعه، والخدمات المتاحة حوله، لتجنب أي إجحاف بحق أي من طرفي العلاقة.

المقترح الرابع: اعتماد تقديرات الضرائب العقارية

المقترح الرابع يقدم حلاً وسطًا يتمثل في الاعتماد على تقديرات الضرائب العقارية للوحدات السكنية، والتي تُجرى عادة كل خمس سنوات لتحديد القيم الإيجارية والشرائية للوحدات العقارية حسب موقعها في مختلف المحافظات.

هذا الاقتراح قد يكون الأكثر توازنًا لأنه يأخذ بعين الاعتبار تقديرات الجهات الحكومية المختصة التي تعمل بشكل دوري على مراجعة القيم العقارية، مما يسهم في تحقيق التوازن بين حقوق المالك والمستأجر، ويعد هذا الحل هو الأقرب للتطبيق نظرًا لعدالته من وجهة نظر الحكومة.

المقترح الخامس: زيادة سنوية تدريجية

أما المقترح الخامس فيقترح زيادة نسبة مئوية سنوية على القيمة الإيجارية لكل وحدة سكنية تخضع لقانون الإيجار القديم. هذه الزيادة التدريجية تهدف إلى تخفيف الأعباء عن المستأجرين الذين قد يتأثرون بشكل كبير بالزيادات المفاجئة،

وفي الوقت ذاته تمنح الملاك حقهم في الحصول على عوائد عادلة تتناسب مع قيمة العقارات الفعلية في السوق العقاري. لكن هذا المقترح لا يزال مجرد فكرة مطروحة للنقاش، مثل باقي المقترحات، ولم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأنه حتى الآن.

وزارة الأوقاف .. المستفيد الأكبر من التعديلات

فيما يخص المستفيدين من هذه التعديلات المتوقعة، تُعد وزارة الأوقاف من أبرز الأطراف التي ستحقق مكاسب مالية ضخمة بعد إلغاء قانون الإيجار القديم.

حيث تمتلك وزارة الأوقاف أصولًا عقارية تقدر بنحو تريليون جنيه، وهي موزعة في مختلف المحافظات المصرية، وتخضع أغلبها لقانون الإيجار القديم. وبالتالي فإن تعديل هذا القانون سيضاعف إيرادات الوزارة بشكل كبير.

وأن هناك العديد من القرى الكاملة في محافظة القليوبية وحدها مملوكة لوزارة الأوقاف، وتخضع عقاراتها لقانون الإيجار القديم، حيث لا تتجاوز المتحصلات المالية من هذه العقارات بضعة قروش.

وبعد تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا، من المتوقع أن تشهد الوزارة زيادة ضخمة في إيراداتها، مما يعزز من دورها المالي في دعم المشروعات المختلفة التي تديرها.

تحديات التنفيذ .. ما بين الحلول المقترحة والواقع

مع وجود هذه المقترحات على طاولة النقاش، تظل هناك تحديات كبيرة تواجه الحكومة في تنفيذ أي منها. فمن ناحية، يجب مراعاة أوضاع المستأجرين القدامى الذين يقطنون هذه الوحدات السكنية منذ عقود طويلة ويعتبرونها بمثابة مأوى ثابت لهم،

ومن ناحية أخرى، يتعين احترام حقوق الملاك الذين يشعرون بأن عقاراتهم تُستغل بشكل غير عادل في ظل القوانين القديمة. وبغض النظر عن الحل الذي سيتم اختياره في النهاية، يتعين على الحكومة المصرية أن تتخذ خطوات حاسمة لحل هذه الأزمة المستمرة بما يضمن استقرار المجتمع وتجنب أي صدامات مستقبلية بين الملاك والمستأجرين.

ولا تزال هذه الحلول المقترحة قيد الدراسة ولم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأنها، ولكن الواضح أن الجميع ينتظر تطبيق حكم المحكمة الدستورية العليا وتأثيره الكبير على العلاقة بين الملاك والمستأجرين في مصر.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى