فساد الهيئة العامة لقصور الثقافة يقضي على حقوق موظفي سوهاج ويخيب آمالهم
بدأ العمل على تطوير مقر فرع ثقافة سوهاج منذ ما يقارب الثلاث سنوات، ومع بداية التطوير المزعوم تم نقل موظفي فرع ثقافة سوهاج للعمل من بدروم مركز شباب الري، وذلك بعد تسليمه إلى إحدى الشركات المطورة بهدف ترميمه.
ورغم أن أعمال الترميم انتهت منذ أكثر من عام، فإن المشروع توقف بشكل غير مبرر، وسط إشاعات عن اختلاسات مالية، وهو ما يثير الشكوك حول مدى فساد الإدارة في الهيئة العامة لقصور الثقافة التي لم تكتفِ بتجاهل هذه الأزمة بل أمعنت في تقاعسها عن استكمال المشروع أو معاقبة المتورطين.
لكن الفاجعة الأكبر لم تكن في توقف الترميم فقط، بل في استمرار تجاهل الوزارة لحقوق موظفي الفرع الذين ضاقت بهم السبل وهم يعانون في موقع لا يليق بهم.
رغم وعد الوزير السابق والمحافظ السابق بسوهاج بنقل الموظفين إلى المبنى الجديد، إلا أن الوزارة بقيت في حالة من الإهمال التام تجاه هذه الوعود، واستبدلتها بقرار نقل الموظفين إلى بيت ثقافة أخميم، الذي يبعد كثيرًا عن مقرهم الحالي.
هذا القرار لم يأخذ في الحسبان الأعباء المادية والجسدية التي سيتحملها الموظفون جراء تنقلاتهم المتكررة، حيث سيتعين عليهم استقلال العديد من وسائل المواصلات للوصول إلى أخميم، ما يزيد من معاناتهم المادية والوقتية.
لكن الأسوأ من ذلك كان في استجابة المدير العام الحالي للفرع، أحمد فتحي، الذي لا يبدو أنه يكترث لأوضاع الموظفين أو يعيرهم أي اهتمام. فبدلاً من السعي لتحقيق مصلحة الموظفين، نجد أن فتحي تسلم هذا المنصب ليظل في موقعه، متبعًا تعليمات الوزارة دون أي مراعاة لمشاعر أو ظروف الموظفين.
وبدلاً من مواجهة الأزمة بشكل عملي، رأى أن يكون مجرد أداة للسمع والطاعة للحفاظ على منصبه، دون النظر إلى الضرر الذي لحق بالموظفين نتيجة قراراته غير المدروسة.
هذه الأوضاع لم تكن مفاجئة بعد أن كان المدير العام السابق للفرع، ضياء مكاوي، قد امتنع عن تعيين مدير جديد للفرع لمدة عام كامل، في محاولة لإبقاء الوضع على ما هو عليه، لتظل سلطته مستمرة، وهو ما يعكس واقعًا مُرًا من التسلط وعدم الاكتراث لحقوق الموظفين.
يضاف إلى ذلك أن أحمد فتحي لم يُظهر أي قدرة على التعامل مع هذه القضايا بشكل جاد، بل على العكس، قام بتنفيذ تعليمات الوزير التي تضر بالموظفين، حتى أنه وافق على انتداب عدد من الموظفين بناءً على طلب من بعض المسؤولين، دون أي محاولة لتقييم تأثير ذلك على سير العمل في الفرع أو تلبية احتياجات الموظفين.
الغريب أن هذا الفساد في إدارة الهيئة لم يقتصر على اتخاذ قرارات بعيدة عن الواقع فحسب، بل وصل إلى التلاعب في أسماء الموظفين وإرسال قوائم لأشخاص لا يروق لهم في ديوان عام المحافظة، وهو ما يفضح ممارسات الفساد والتمييز داخل الجهاز الإداري.
في الوقت الذي يعاني فيه العديد من المواقع الثقافية في سوهاج من نقص شديد في عدد الموظفين، نجد أن إدارة فرع ثقافة سوهاج لا تهتم بتوفير بدائل أو تعيين موظفين جدد لسد هذه الفجوات. بل إن الواقع يعكس حالة من الإهمال الجسيم في تلبية احتياجات العمل الثقافي في المنطقة.
إن ما يحدث في سوهاج هو تجسيد لواقع مرير يعكس فسادًا متجذرًا في وزارة الثقافة وفي الهيئة العامة لقصور الثقافة. فبدلاً من التركيز على تطوير العمل الثقافي وتهيئة بيئة مناسبة للموظفين، نجد أن الفساد أصبح سمة أساسية لإدارة الأمور، وأن همّ المسؤولين الوحيد هو الحفاظ على مواقعهم ومصالحهم الشخصية.
الموظفون في فرع ثقافة سوهاج يعيشون في حالة من اليأس والإحباط، فقد تم تجاهل حقوقهم، ولم يُنظر إلى معاناتهم أو تم توفير أي حلول لرفع الأعباء عنهم.
إذا كانت وزارة الثقافة تدعي أنها تسعى لتحسين الوضع الثقافي في البلاد، فإن واقع الحال في فرع ثقافة سوهاج يثبت عكس ذلك تمامًا. فقد ترك الموظفون ليواجهوا مصيرهم في ظل قيادة لا تعترف بوجودهم، ولا تولي اهتمامًا للمشاكل التي يواجهونها يومًا بعد يوم.
ما يحدث في فرع ثقافة سوهاج هو مجرد نموذج واحد عن الإهمال والفساد الذي يعصف بجهاز الثقافة في مصر، ويؤكد على أن حقوق الموظفين لن تُعاد لهم إلا إذا تم إجراء تغييرات جذرية في السياسة الإدارية للهيئة وفي طريقة اتخاذ القرارات.