تقاريرمصر

محاولات مصرية مضنية لإعادة فتح معبر رفح بعد الهجوم الإسرائيلي

في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على رفح، بدأت القاهرة في تكثيف جهودها الساعية لإعادة فتح معبر رفح بعد فترة من إغلاقه، وسط محاولات حثيثة لوضع حل يضمن إعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى القطاع دون تهديدات مباشرة للأمن المصري،

حيث تشير الأنباء الواردة من مصادر إسرائيلية وفلسطينية إلى أن مصر تسعى جاهدة لتجاوز الأزمة الإنسانية المتصاعدة نتيجة لذلك، وتحديدا في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها سكان قطاع غزة في الوقت الراهن.

ورغم أن المخاوف من تدفق مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية قد بدأت في التلاشي بشكل نسبي، إلا أن مصر لا تزال تواجه تحديات كبيرة في سعيها لإيجاد حل مناسب يعيد فتح معبر رفح، ويضمن استقرار الوضع الأمني على الحدود، فضلا عن توفير آلية مناسبة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.

لم تقتصر التحركات المصرية على الجانب الإنساني فحسب، بل شملت أيضًا التنسيق مع مختلف الأطراف الفلسطينية لإيجاد تسوية من شأنها أن تسهم في تعزيز السيطرة الفلسطينية على المعبر.

وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن القاهرة تلقت مؤخرا طلباً من القيادي البارز في حركة حماس، خليل الحية، الذي يشغل منصب القائم بأعمال رئيس الحركة في قطاع غزة، للبقاء في مصر لبضعة أيام بهدف الوصول إلى تفاهمات مع حركة فتح، التي تمثل السلطة الفلسطينية.

هذه التفاهمات تتعلق بتشكيل لجنة فلسطينية لإدارة قطاع غزة بشكل مشترك، وهي خطوة قد تؤدي إلى إبرام اتفاق حول صفقة التبادل التي تعد من أبرز القضايا العالقة بين الجانبين الفلسطينيين.

لكن، رغم التوصل إلى اتفاق مبدئي بين حركتي فتح وحماس حول تشكيل هذه اللجنة، إلا أن الخلافات بينهما لا تزال قائمة، وتتمحور بشكل أساسي حول مسألة الصلاحيات التي ستمنح للجنة المرتقبة.

الصراع الأبرز بين الحركتين يتمثل في مطالبة السلطة الفلسطينية لحركة حماس بنزع سلاحها، وهو الأمر الذي يظل حتى اللحظة حجر عثرة في إتمام التوقيع على الاتفاق النهائي، مما يعكس حجم التحديات السياسية التي تواجه أي محاولة للوصول إلى تسوية فعالة بين الفصائل الفلسطينية.

من جانب آخر، تبذل القاهرة محاولات حثيثة لتحقيق توافق فلسطيني يمكنها من طرحه كحل عملي أمام الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديدًا أمام الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي قد يكون له دور في ممارسة الضغط على إسرائيل لدعم هذا الحل.

الهدف الأساسي من هذه المبادرة هو ضمان فتح معبر رفح مرة أخرى بما يساهم في تحسين الوضع الإنساني في غزة، كما يعد هذا الحل جزءاً من السعي لتوفير المساعدات الإنسانية بشكل أكثر فاعلية وبدون تدخل إسرائيلي مباشر.

ويعد أحد الشروط الجوهرية التي وضعتها مصر لإعادة فتح معبر رفح هو أن يكون الفلسطينيون هم من يتولون إدارة الطرف الغزي من المعبر، وهذا يعني أن يكون هناك نوع من السيطرة الفلسطينية الكاملة على المعبر.

كما أن تشكيل لجنة فلسطينية مشتركة للإدارة قد يفتح الباب أيضًا أمام مشاركة قوى عربية أخرى في ضمان توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، مما يخفف من العبء الذي تتحمله إسرائيل في هذا الصدد. هذه الخطوة من شأنها أن تساهم في تجنيب إسرائيل دورًا محوريًا في التعامل مع قضايا المعبر والمساعدات، مما يقلل من الضغوط القانونية والسياسية التي قد تواجهها إسرائيل في محكمة العدل الدولية.

وتؤكد الصحيفة أن مصر لا تزال تأمل في أن تساهم هذه التفاهمات في التوصل إلى اتفاق شامل، يمكن أن يؤدي إلى إقناع المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، للضغط على إسرائيل لدعم هذه الحلول.

ومع ذلك، تبقى هذه المحاولات رهينة بتطورات الوضع السياسي على الأرض، في ظل تعقيدات العلاقة بين الفصائل الفلسطينية، ومدى استعدادها للتنازل عن بعض مطالبها من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي يرضي جميع الأطراف.

حتى الآن، لم تصدر أي تصريحات رسمية من الحكومة المصرية أو السلطة الفلسطينية أو من حركتي فتح وحماس بخصوص ما ذكرته الصحيفة الإسرائيلية حول هذه المساعي.

ومع ذلك، تتواصل الجهود المصرية وراء الكواليس للتوصل إلى حل يحسم أزمة معبر رفح، ويضمن توفير ظروف أفضل للفلسطينيين في قطاع غزة، دون أن يترتب على ذلك أية تهديدات للأمن المصري.

وتبقى أزمة معبر رفح واحدة من القضايا الشائكة التي تشهدها المنطقة في الوقت الراهن، وبينما تسعى مصر جاهدة للبحث عن حلول تضمن فتح المعبر بأمان، فإن التحديات السياسية والأمنية لا تزال قائمة، مما يجعل الطريق إلى الحل طويلًا وصعبًا في ظل المتغيرات المستمرة التي تطرأ على الوضع في غزة والمنطقة بشكل عام.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى