أعاد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية تأكيد موقفه الشرعي من المراهنات على نتائج المباريات الرياضية وذلك بعد الانتشار الواسع للتطبيقات والمجموعات الإلكترونية التي تروج لهذه الممارسات.
وأكد المركز أن ما يتم تداوله من مراهنات لا يعدو كونه نوعاً من القمار المحرم في الشريعة الإسلامية مهما كانت الأسباب أو التبريرات المرفوعة له.
وحذر المركز من أن مثل هذه الأنشطة لا تقتصر على كونها محظورة شرعاً فحسب، بل تفتح أبواباً للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر سلباً على الفرد والمجتمع.
وأشار الأزهر في فتواه إلى أن الترويح عن النفس مباح في الشريعة الإسلامية عندما لا يتجاوز حدود الشرع ويحافظ على مصلحة الإنسان، ولكنه في ذات الوقت حذر من أن هذا الترويح يجب ألا يتضمن ما يضر بالدين والمال والوقت.
وقال المركز إن الشريعة الإسلامية وضعت ضوابط دقيقة تحمي الفرد من الأضرار الناجمة عن مثل هذه الأنشطة المدمرة. ومن أبرز تلك الضوابط عدم التورط في الممارسات التي تندرج تحت بند المقامرة المحرمة.
وأكد الأزهر أن المراهنات على المباريات الرياضية لا تختلف في جوهرها عن القمار، بل هي نوع من المقامرة التي حرمها الإسلام.
ولفت إلى أن شريعة الإسلام وضعت قيوداً مشددة على كافة أشكال المقامرة، نظراً لما تسببه من أضرار اجتماعية واقتصادية ونفسية. وأوضح أن هذه الممارسات عادة ما تؤدي إلى النزاعات والمشاحنات بين الأفراد، مما يعكس بشكل قاطع الأضرار الجسيمة التي تترتب على التورط في مثل هذه الأنشطة.
وأردف المركز قائلاً إن القمار يؤدي إلى ظهور سلوكيات مدمرة تؤثر على الأفراد والمجتمع ككل. فإلى جانب تأثيراته النفسية والاجتماعية، يؤدي إلى تراكم الديون والمشاكل المالية، مما يهدد استقرار الأسر والمجتمعات.
وأكد أن حظر هذه الأنشطة ليس عبثاً بل هو جزء من حماية المسلم في دينه وماله ووقته وصحته. لذا فإنه يجب أن يتجنب المسلمون مثل هذه الأنشطة التي تهدم الأُسر وتضر بالجماعات.
وفي ظل هذا السياق، تطرقت الفتوى إلى حادثة أثارت جدلاً في الأوساط الرياضية، وهي تورط لاعب كرة القدم المصري السابق محمد زيدان في ترويج لإحدى شركات المراهنات.
وقد ظهرت له مقاطع فيديو تروج لتلك الشركة التي تدير منصات للمراهنات على نتائج المباريات الرياضية. وبالرغم من أن زيدان نفى تورطه المباشر في الترويج لمثل هذه الأنشطة طوال مسيرته الرياضية أو حتى بعد اعتزاله، إلا أن الفيديوهات التي تم نشرها أثارت موجة من الانتقادات والشكوك حول نواياه.
رد زيدان على الانتقادات موضحاً أنه لم يكن يقصد الترويج لشركات مراهنات، وأنه لم يتعامل مع هذه الشركات سواء خلال مسيرته الرياضية أو بعد اعتزاله،
مؤكداً أنه يعلم حدود دينه وأنه كان ضحية لبس وتضليل حول الدور الذي قام به في الترويج لتلك الشركة. وأكد أنه لم يكن على علم بتفاصيل الشركة التي قام بالترويج لها، ولا بالجوائز المالية التي قد يحصل عليها الفائزون في المسابقات المرتبطة بها.
وفي سياق رده على الاتهامات، شدد زيدان على أنه لم يكن لديه نية في التورط في ممارسات تخالف المبادئ الدينية أو الأخلاقية.
تجدر الإشارة إلى أن مثل هذه المواقف تثير العديد من التساؤلات حول كيفية التعامل مع مثل هذه الأنشطة في الوسط الرياضي والإعلامي. فقد أظهرت الحادثة الأخيرة، على الرغم من نفي زيدان، مدى انتشار هذه الظاهرة في الأوساط الرياضية.
وتطرح القضية تساؤلات مهمة حول دور اللاعبين والمدربين في تصديهم لمثل هذه الأنشطة التي قد تؤدي إلى الانزلاق في هوة المقامرة المحرمة.
من ناحية أخرى، بات من الضروري أن يتحمل الرياضيون والإعلاميون مسؤولياتهم تجاه المجتمع في التعامل مع هذه القضايا، خاصة في ظل انتشار التكنولوجيا ووسائل الإعلام الاجتماعية التي قد تساهم في نشر مثل هذه الظواهر على نطاق واسع. ويتطلب ذلك تضافر الجهود بين المؤسسات الدينية والرياضية والإعلامية للتصدي لهذا النوع من الأنشطة.
تظل فتوى الأزهر حول تحريم المراهنات على المباريات الرياضية تمثل دعوة ملحة للمجتمع الإسلامي بأسره للابتعاد عن هذه الأنشطة التي تتعارض مع القيم الدينية والأخلاقية. وعلى الجميع أن يدركوا أن مثل هذه الممارسات لا تضر فقط بالمال والمستقبل الشخصي للأفراد، بل تهدد استقرار المجتمع بشكل عام.