القيادة الأمريكية ترد بضربة على منشأة أسلحة في سوريا تابعة لمجموعات إيرانية
أعلنت القيادة المركزية الأمريكية تنفيذ ضربة عسكرية استهدفت منشأة لتخزين الأسلحة تعود لمجموعات مسلحة موالية لإيران في سوريا. وجاءت هذه الضربة كرد مباشر على هجوم استهدف القوات الأمريكية المتمركزة في المنطقة يوم أمس.
وتعتبر هذه الخطوة تصعيداً جديداً في المواجهات التي تشهدها المنطقة بين القوات الأمريكية والمجموعات المسلحة المدعومة من إيران، حيث يتبادل الطرفان الهجمات في سياق توتر متصاعد مرتبط بنفوذ إيران الإقليمي ودورها في دعم تلك المجموعات.
وأوضح المتحدث باسم القيادة المركزية أن الضربة نُفذت باستخدام وسائل دقيقة استهدفت منشأة لتخزين الأسلحة بهدف الحد من قدرات تلك المجموعات على شن هجمات مستقبلية ضد القوات الأمريكية وحلفائها في المنطقة. كما أشار إلى أن هذا الهجوم يأتي في إطار الدفاع عن النفس وحماية الجنود الأمريكيين المتواجدين في سوريا ضمن التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش. وتؤكد القيادة المركزية أن هذه العمليات تهدف إلى ردع أي تهديد مستقبلي من قبل المجموعات المدعومة من إيران.
وتعتبر هذه الضربة جزءاً من سلسلة من الاشتباكات والضربات المتبادلة بين القوات الأمريكية والمجموعات المسلحة في سوريا. ففي الأسابيع الماضية، تعرضت القوات الأمريكية المتمركزة في قواعد مختلفة في سوريا والعراق لهجمات متكررة باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ، والتي تنسب عادة إلى المجموعات المسلحة المدعومة من إيران. ونتج عن هذه الهجمات إصابات في صفوف الجنود الأمريكيين وأضرار مادية في المنشآت العسكرية. وقد أثارت هذه التطورات مخاوف من تصاعد الصراع بين الولايات المتحدة وإيران في المنطقة، مما يعزز من حالة عدم الاستقرار التي تشهدها سوريا منذ سنوات.
ورغم أن الهجمات المتبادلة ليست جديدة، فإن حدتها ازدادت في الفترة الأخيرة، خاصة في ظل التوترات الإقليمية الأوسع بين الولايات المتحدة وإيران. وفي هذا السياق، يشير المحللون إلى أن الضربة الأمريكية الأخيرة تهدف إلى توجيه رسالة واضحة لإيران بأن الهجمات على القوات الأمريكية لن تمر دون رد، كما تعكس تصميم واشنطن على حماية مصالحها في المنطقة وردع أي محاولات لاستهداف قواتها أو حلفائها.
من ناحية أخرى، تعتبر هذه الضربات جزءاً من الاستراتيجية الأمريكية الأوسع لمواجهة التهديدات الإيرانية في المنطقة، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى الحد من نفوذ إيران ومجموعاتها المسلحة في سوريا والعراق. ويرى المراقبون أن هذه الضربة قد تزيد من تعقيد الوضع في سوريا، حيث تتشابك المصالح الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى استمرار الحرب الأهلية التي تمزق البلاد منذ عام 2011. وقد أكدت واشنطن مراراً أن وجودها العسكري في سوريا يهدف إلى ضمان استقرار المنطقة ومنع عودة تنظيم داعش، إلا أن تدخلات إيران ودعمها للمجموعات المسلحة يعقد من هذه المهمة ويزيد من احتمالات الصدام بين الطرفين.
وإلى جانب هذا التوتر العسكري، تتواصل الجهود الدبلوماسية من قبل الولايات المتحدة وحلفائها لإيجاد حلول للأزمة السورية وتخفيف التوتر مع إيران، لكن التصعيد الأخير يبرز التحديات التي تواجه هذه الجهود. فقد أعربت وزارة الدفاع الأمريكية عن قلقها من تزايد الهجمات على القوات الأمريكية في المنطقة، معتبرة أن إيران تلعب دوراً رئيسياً في تسليح وتدريب المجموعات المسلحة التي تستهدف القوات الأمريكية. ومن جهتها، تؤكد إيران أنها ليست مسؤولة بشكل مباشر عن هذه الهجمات، لكنها تدعم “المقاومة” ضد الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة.
وفي السياق ذاته، يرى العديد من المحللين أن الرد الأمريكي جاء في إطار استراتيجية أوسع لتعزيز الوجود العسكري في الشرق الأوسط والحد من النفوذ الإيراني، خاصة في سوريا والعراق، حيث تعتبر إيران تلك المناطق جزءاً من مجال نفوذها الإقليمي. ويعتقد أن هذا التصعيد قد يتسبب في ردود فعل إضافية من قبل المجموعات المسلحة المدعومة من إيران، مما قد يؤدي إلى مزيد من الاشتباكات في المستقبل القريب.
وقد سبق وأن شهدت الساحة السورية عدة مواجهات بين القوات الأمريكية والمجموعات المسلحة المدعومة من إيران، حيث تصاعدت هذه المواجهات منذ انسحاب القوات الأمريكية من أجزاء كبيرة من سوريا عام 2019. ورغم ذلك، تحتفظ الولايات المتحدة بوجود عسكري محدود في البلاد، يتركز بشكل رئيسي في شمال وشرق سوريا، حيث تتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في مواجهة تنظيم داعش، بالإضافة إلى تأمين مصالحها الاستراتيجية في مواجهة النفوذ الإيراني والروسي.