أميرة أورون تهاجم الأزهر وشيخه أحمد الطيب وتتهمهما بنشر معاداة السامية
في هجوم مفاجئ وغير مسبوق، وجهت “أميرة أورون”، سفيرة إسرائيل السابقة لدى مصر، اتهامات خطيرة إلى الأزهر الشريف وشيخه، الإمام أحمد الطيب، واصفة المؤسسة الدينية الأكبر في العالم الإسلامي بأنها معادية للسامية.
وقد جاء هذا الهجوم خلال مقابلة تلفزيونية لها مع قناة “i24News” الإسرائيلية، حيث اتهمت الأزهر بالكراهية الشديدة لإسرائيل، معتبرة أن هذا العداء لا يعكس سوى مشاعر معادية للسامية على حد تعبيرها.
وأوضحت أورون أن العداء الذي يكنه الأزهر تجاه إسرائيل لا يمكن وصفه سوى بأنه “عداء في منتهى القسوة والصعوبة”، مشيرة إلى أن هذا الموقف لم يتغير طيلة فترة توليها منصبها كسفيرة لإسرائيل في القاهرة بين عامي 2020 و2023.
وتابعت بأنها لاحظت أن هذا العداء يتجسد بشكل واضح في تصريحات الإمام أحمد الطيب، التي كانت في نظرها تعكس تحريضا ضد إسرائيل وتلعب دورًا في تعزيز الكراهية ضد الشعب اليهودي.
الحديث عن معاداة السامية في هذا السياق لم يكن مفاجئًا إذ زعمت أورون أن تصريحات الشيخ أحمد الطيب، الذي يشغل أعلى منصب ديني في الأزهر، دائمًا ما تخرج ضد إسرائيل، وتتصاعد حدة هذه التصريحات لتكون في النهاية معادية للسامية.
وتابعت بأن الأزهر كان له دور بارز في نشر هذه الأفكار من خلال خطب الجمعة والبيانات الرسمية التي يطلقها، مما يعزز بشكل أو بآخر نظرة معادية لإسرائيل داخل المجتمع المصري، وهو ما رأت فيه “أورون” دليلا على رفض الأزهر المطلق للتعايش مع الدولة العبرية.
هذا التصعيد من قبل أورون لم يكن الأول، فقد سبق أن أبدت نفس المشاعر في وقت سابق، حيث تحدثت في مقابلة صحفية مع صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية في بداية الشهر الجاري، موجهة انتقادات لاذعة للموقف المصري من إسرائيل. ففي تلك المقابلة، أشارت أورون إلى أن صورة إسرائيل في مصر باتت في غاية السوء، وهو ما أكدته من خلال تجاربها الشخصية خلال فترة عملها في القاهرة. وقالت أورون: “رأيت ذلك في محادثاتي مع الناس عندما أغلقت الأبواب في وجهي”، مشيرة إلى أن وسائل الإعلام المصرية تتجاهل تماما المجريات الأخيرة للأحداث في غزة، خاصة ما حدث في السابع من أكتوبر من قبل حركة حماس، وتستمر في تصوير إسرائيل على أنها دولة محتلة ترتكب جرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
أورون، التي كانت تعمل في السلك الدبلوماسي الإسرائيلي منذ عام 1991، أكدت أن وسائل الإعلام المصرية تتعامل مع إسرائيل بشكل سلبي للغاية، وتدفع الرأي العام المصري إلى تصديق الروايات التي تصورها كدولة مغتصبة لا تنتهي في عدوانها على الفلسطينيين، وأن أحداً لا يتطرق إلى الأسباب التي أدت إلى التصعيد الأخير في غزة. وأضافت أن هذه الصورة السلبية عن إسرائيل قد تكون أحد الأسباب التي ساعدت في تعميق مشاعر العداء تجاه بلدها في الشارع المصري.
في سياق آخر، تحدثت أورون عن أن هناك حاجة ماسة إلى بناء الثقة من جديد بين إسرائيل والمجتمع المصري بعد الصراع الأخير في غزة. وأوضحت أنه بعد نهاية الحرب، سيكون من الضروري على الجانب الإسرائيلي بذل جهود كبيرة لإعادة بناء العلاقات مع الشعب المصري وتقديم مزيد من التوضيحات حول موقف إسرائيل من الأحداث في غزة. وقالت: “من الواضح أن الشعب المصري يعادي إسرائيل، وهذا أمر يتطلب منا إعادة التفكير في كيفية التعامل مع هذا الوضع وتطوير استراتيجيات جديدة لتقريب القلوب بين البلدين.”
تجدر الإشارة إلى أن أورون كانت قد شغلت عدة مناصب داخل وزارة الخارجية الإسرائيلية قبل أن تتولى منصبها كسفيرة في مصر. فمنذ عام 1991، عملت أورون في عدد من المناصب المهمة، أبرزها نائب المتحدث باسم السفارة الإسرائيلية في القاهرة، ومديرة قسم الإعلام في العالم العربي، ومديرة قسم مصر في الخارجية الإسرائيلية. ومن خلال هذه المناصب، كانت على دراية تامة بتفاصيل السياسة المصرية تجاه إسرائيل وعلاقات البلدين.
ما زالت تصريحات أميرة أورون تثير الجدل، حيث يرى البعض أن هجومها على الأزهر وشيخه أحمد الطيب يشير إلى أن إسرائيل تشعر بالقلق إزاء أي دور ديني أو سياسي قد يعزز مشاعر العداء تجاهها في العالم العربي. من جهة أخرى، يرى منتقدو أورون أن تصريحاتها تعد محاولة لتبرير ممارسات إسرائيل في المنطقة ورفض الاعتراف بأي مسؤولية تجاه تصعيد العنف في غزة. مهما كانت وجهات النظر المتباينة، تبقى هذه التصريحات ذات تأثير كبير على العلاقة بين مصر وإسرائيل، والتي تزداد تعقيدًا في ظل الظروف الراهنة.
يبقى التساؤل الأبرز هنا، هل يمكن لإسرائيل أن تعيد بناء جسور الثقة مع مصر في المستقبل، أم أن العداء الذي يروج له بعض المسؤولين في المؤسسات الدينية مثل الأزهر سيكون له الكلمة العليا؟