في تصريحات حاسمة ومفاجئة لموقع “أخبار الغد”، خرج اللواء دكتور محمد الحسيني، أمين صندوق حزب الوفد الأسبق، عن صمته ليقدم رؤيته الواضحة والمباشرة بشأن مستقبل الحزب وتحدياته السياسية في المرحلة المقبلة.
في تصريحات لم تخلُ من لهجة قوية، طرح الحسيني اقتراحات تعد بمثابة إصلاح جذري داخل الحزب، وأوضح معالم استراتيجيته التي يرى أنها ستسهم في استعادة الحزب لدوره الريادي على الساحة السياسية المصرية.
إعادة ترتيب مقرات حزب الوفد: ضرورة وشرط للنجاح
أوضح اللواء الحسيني أن عدد مقرات حزب الوفد قد تجاوز الـ 200 مقر في مختلف أنحاء البلاد، لكنّ هذه المقرات بحاجة إلى إعادة ترتيب وتنسيق شامل. وأكد أن الحزب يجب أن يعتمد معايير صارمة للموافقة على المقرات الجديدة أو استمرار المقرات القائمة.
وأضاف أن المقرات التي يتم افتتاحها في القرى يجب أن تحظى بعدد لا يقل عن 500 عضو معتمد في اللجنة المحلية، بينما يجب أن تتوفر المقرات في المراكز على الأقل على خمسة آلاف عضو.
ولفت الحسيني إلى ضرورة أن تتسم المقار بالكفاءة من حيث المكان والمرافق، مع ضرورة أن يكون الإيجار ملائماً لحالة المقر.
وأشار إلى أن المقرات التي يتم التبرع بها يجب أن تكون لصالح الحزب ولا يقل مدة التبرع عن عام كامل، مع ضرورة أن تكون العقود موثقة وفق النظام المعد من قبل الحزب نفسه. هذه الإجراءات هي من وجهة نظره شرط أساسي لضمان استمرارية الحزب وتحقيق نجاحه في المستقبل.
أزمة الانتخابات البرلمانية: تأجيلها ليس حلاً
وبشأن الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبّر الحسيني عن رفضه القاطع لفكرة تأجيلها، معتبراً أن أي تأخير في الانتخابات سيكون له تأثير سلبي على الاستقرار السياسي، خاصة في ظل توقعات بتحقيق استثمارات ضخمة في مصر بدءاً من العام المقبل.
وقال إن المستثمرين يتطلعون إلى حياة سياسية مستقرة وضمانات قانونية واضحة، وهو ما يستدعي وجود برلمان منتخب يعمل على تفعيل التشريعات اللازمة لدعم التنمية الاقتصادية. في رأيه، فإن التأجيل لن يؤدي سوى إلى تعميق الأزمات الاقتصادية وتعطيل المشاريع الحيوية.
تحديات الانتخابات: الفساد السياسي وأحزاب التيار الإسلامي
فيما يتعلق بالمرشحين في الانتخابات القادمة، شدد الحسيني على ضرورة استبعاد أي شخص ثبت تورطه في أعمال فساد سياسي خلال الفترات السابقة، سواء من الأحزاب الإسلامية أو الحزب الوطني المنحل.
وأكد أنه يجب أن يكون معيار التقييم هو المساهمة الفعلية في الحياة السياسية ومن لم يثبت تورطه في إفساد هذه الحياة فلا مانع من انضمامه إلى الانتخابات أو التحالف معه، ولكن بشرط أن تكون سيرته نقية ولم يسجل أي مواقف هجومية ضد حزب الوفد. وأضاف أن الأحزاب يجب أن تتسم بالشفافية والنزاهة في اختيار مرشحيها.
القانون الانتخابي وقانون تقسيم الدوائر: تقييم سلبي ولكن الاستقرار أولاً
أوضح الحسيني أن القانون الانتخابي الحالي يعاني من العديد من العيوب ولا يخدم التعددية السياسية بشكل كافٍ. ورغم ذلك، وفي ظل الظروف الحالية التي تمر بها البلاد، أكد أنه تم اتخاذ القرار بالموافقة على خوض الانتخابات طبقاً لهذا القانون، حيث أن استقرار البرلمان في المرحلة المقبلة أولوية.
أما عن قانون تقسيم الدوائر، فقد أشار الحسيني إلى أنه لم يتم بعد إصداره، لكنه في اعتقاده لن يأتي بتغييرات جوهرية، بل ستظل الأمور كما هي مع ما أعلنه وزير التنمية المحلية اللواء عادل لبيب، مما يعني أن الحزب لن يتأثر بهذا التعديل بشكل كبير في تشكيل قوائمه أو تحديد مرشحيه.
مشاركة المرأة والنظام الفردي في الانتخابات
وفيما يتعلق بمشاركة المرأة في الانتخابات المقبلة، أكد الحسيني أن حزب الوفد يولي اهتماماً خاصاً لدعم المرأة في السياسة والمشاركة الفعالة في الحياة العامة.
ودعا إلى زيادة تمثيل المرأة في القوائم الانتخابية، معتبراً أن هذا المبدأ هو جزء من استراتيجيات الحزب لدعم حقوق المرأة وتعزيز دورها في المجتمع المصري.
أما عن النظام الفردي في الانتخابات، فقد أشار إلى أن هذا النظام قد لا يكون هو الأنسب لتحقيق التمثيل العادل لجميع التيارات السياسية، لكنه في الوقت نفسه أضاف أن مصلحة البلاد تتطلب تجاوز هذه الأمور والتركيز على الأهداف الوطنية.
وشدد على أن المصلحة الوطنية هي الأهم، وعلى جميع الأطراف السياسية أن تتعاون لتحقيق الاستقرار والازدهار.
الوفد يجب أن ينطلق بلا تهاون
إن تصريحات اللواء دكتور محمد الحسيني تأتي في وقت حساس، حيث يعكف الحزب على استعادة مكانته في الساحة السياسية، متبنيًا رؤية إصلاحية جريئة.
إلا أن الوقت الذي نعيشه يتطلب من الجميع أن يتكاتفوا من أجل مصر، وأن يتجاوزوا الانتماءات السياسية القديمة أو النزاعات الحزبية لتوحيد الصفوف والعمل من أجل مستقبل أفضل.