الجزائر تنتصر للحقوق وتمنع مشاركة وزيرة خارجية الاحتلال السابقة في منتدى أممي
في خطوة حازمة وجريئة، نجح الوفد الجزائري بقيادة وزير الخارجية أحمد عطاف في إحباط مشاركة وزيرة خارجية الاحتلال الإسرائيلي السابقة، تسيبي ليفني، في منتدى الأمم المتحدة لتحالف الحضارات الذي عقد في البرتغال.
جاء هذا الإجراء عقب تحرك سريع من الجانب الجزائري الذي تصدى للدعوة الموجهة لليفني، حيث تم سحبها بناءً على موقف صارم يعكس التزام الجزائر بمبادئها الراسخة تجاه القضية الفلسطينية وحقوق الشعوب المحتلة.
التقرير الذي نقلته وكالة الأنباء الجزائرية أشار إلى أن الوفد الجزائري، فور علمه بتوجيه الدعوة لليفني، تحرك على الفور لضمان عدم مشاركتها في المنتدى.
هذا التحرك جاء في سياق السياسة الخارجية الجزائرية الثابتة في دعم القضايا العادلة، وعلى رأسها قضية فلسطين، والتصدي لأي محاولات لإعطاء الشرعية لمسؤولين إسرائيليين ضالعين في جرائم ضد الإنسانية.
الجزائر، التي تتمتع بمكانة تاريخية خاصة فيما يتعلق بدعم حركات التحرر ومناهضة الاستعمار، ترى في مثل هذه الدعوات خطوة خطيرة قد تعطي غطاءً دولياً لممارسات الاحتلال. هذا الموقف الواضح من قبل الجزائر يعكس عمق الالتزام بالمبادئ الإنسانية ورفض أي شكل من أشكال التطبيع أو التعايش مع الكيانات القائمة على العدوان والظلم.
من المهم الإشارة إلى أن تسيبي ليفني شغلت منصب وزيرة الخارجية في حكومة الاحتلال الإسرائيلي خلال الفترة التي شهدت عدواناً واسعاً على قطاع غزة، حيث ارتكبت قوات الاحتلال انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، ما جعلها شخصية غير مرغوب فيها في العديد من المحافل الدولية. وقد تورطت ليفني في جرائم حرب، وفق تقارير دولية موثوقة، أبرزها تقرير غولدستون الذي أشار إلى تجاوزات إسرائيلية خلال الحرب على غزة عام 2008-2009، مما أثار جدلاً واسعاً حول دورها في السياسة الإسرائيلية الداعمة للعنف والاضطهاد ضد الشعب الفلسطيني.
هذا الرفض القاطع لمشاركة ليفني من قبل الجزائر يأتي في ظل ظروف دولية تتسم بالتوتر والاحتقان فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. ويشكل سحب الدعوة إشارة قوية إلى أن الجزائر لن تقبل بأن تكون مثل هذه المنتديات ساحة لتلميع صور المسؤولين المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان. كما يؤكد هذا القرار على قوة الموقف الجزائري داخل المنتديات الدولية، وقدرته على التأثير في جدول أعمالها.
تحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، الذي يُعقد بغرض تعزيز الحوار والتفاهم بين الشعوب من مختلف الحضارات والأديان، قد يجد نفسه في موضع تساؤل إذا ما تم السماح بمشاركة شخصيات جدلية مثل ليفني، التي تفتقر مواقفها السياسية إلى أي مصداقية في سياق السعي إلى السلام العادل والشامل. الجزائر تدرك تماماً أن تحقيق السلام لا يمكن أن يتم عبر منح منصات دولية لشخصيات لطالما كانت رمزاً للقمع والتعنت الإسرائيلي.
وقد برز في موقف الجزائر خلال المنتدى التزامها الثابت بموقفها من القضية الفلسطينية، والذي يتجلى في دعمها المستمر للشعب الفلسطيني على المستويات السياسية والدبلوماسية. كما أن هذه الخطوة جاءت لتعزز سمعة الجزائر كمدافع شرس عن الحقوق العربية والإسلامية في المحافل الدولية، وتؤكد أنها لن تتردد في استخدام أدواتها الدبلوماسية لصد أي محاولات لإضفاء الشرعية على الاحتلال الإسرائيلي أو قادته.
وعلى الصعيد الدولي، يعكس هذا التحرك الجزائري نوعاً من اليقظة الدبلوماسية التي باتت تشكل جزءاً من استراتيجيتها الخارجية، حيث لم تقتصر الجزائر على إصدار بيانات الإدانة والاستنكار، بل استخدمت نفوذها الفعلي داخل الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية لتعطيل أي محاولات لإشراك شخصيات متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان. وهذا يظهر الجزائر كقوة إقليمية ذات تأثير في صياغة مسار الأحداث على الساحة الدولية.
هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، حيث سبق للجزائر أن تبنت مواقف مشابهة في منتديات دولية أخرى، مؤكدةً أن أي محاولات لتبييض صورة الاحتلال الإسرائيلي ستقابل برفض حازم. الجزائر تدرك أن التصدي للاحتلال لا يقتصر فقط على الساحات العسكرية، بل يمتد ليشمل الجوانب الدبلوماسية والإعلامية التي يمكن أن تستغل من قبل الاحتلال لتمرير أجنداته.
بالإضافة إلى ذلك، يشير هذا الموقف إلى استمرار الدور المحوري الذي تلعبه الجزائر في دعم القضايا العربية والإسلامية العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. فالجزائر ترى أن مسؤوليتها التاريخية تحتم عليها التصدي لكل أشكال التطبيع التي تسعى لتلميع صورة الاحتلال الإسرائيلي على الصعيد الدولي، وهذا ما يتضح جلياً في سحب الدعوة الموجهة إلى ليفني.
وتعكس هذه الخطوة الجريئة من الوفد الجزائري التزام الجزائر بمبادئها الراسخة وحرصها على حماية الشرعية الدولية من التلاعب، كما تؤكد أن دعمها للقضية الفلسطينية ليس مجرد شعار، بل هو موقف عملي تترجمه في مختلف المحافل الدولية. الجزائر، بقرارها هذا، وجهت رسالة قوية إلى العالم مفادها أن العدالة وحقوق الشعوب لن تُساوم، وأن أي محاولة لتلميع صورة الاحتلال الإسرائيلي لن تمر دون مواجهة