مع اقتراب نهاية عقد محمد صلاح مع نادي ليفربول، تتزايد الضغوط على إدارة النادي لتجديد عقد نجم الفريق المصري الذي أثبت نفسه كأحد أفضل اللاعبين في تاريخ النادي الإنجليزي العريق، حيث يسعى صلاح بكل الوسائل المتاحة لانتزاع عقد جديد يرضي طموحاته المهنية والمادية.
في ظل موسم كروي جديد مليء بالأهداف والإنجازات لصلاح، تزداد الضغوط على ليفربول لإعادة التفاوض على شروط بقائه مع الفريق.
ورغم أن هذه الضغوط عادة ما كانت تُمارس عبر وكيله رامي عباس، إلا أن صلاح أخذ زمام الأمور بنفسه هذا الموسم، وتبنى أسلوبًا جديدًا يعتمد فيه على التواصل المباشر مع جماهير النادي.
ففي خطوة وُصفت من قبل بعض المراقبين بأنها نوع من “الابتزاز العاطفي”، بدأ محمد صلاح في توجيه رسائل مباشرة لجماهير ليفربول، مستخدمًا عبارات تحمل تلميحات واضحة بإمكانية رحيله في حال لم تتجاوب إدارة النادي مع مطالبه. هذه الرسائل التي تظهر بشكل متكرر بعد المباريات أو من خلال تصريحات لوسائل الإعلام، تشير إلى أن مستقبل صلاح مع الفريق بات في مهب الريح، ما لم يتحرك ليفربول سريعًا لتجديد عقده قبل نهايته.
مستقبل صلاح في خطر؟
محمد صلاح الذي ينتهي عقده الحالي مع ليفربول في نهاية الموسم، لم يتلق حتى الآن أي عرض رسمي من إدارة النادي بشأن التجديد، وهو الأمر الذي أثار قلق العديد من مشجعي “الريدز”. وفي أكثر من مناسبة، أبدى صلاح استياءه من تأخر النادي في تقديم عرض له، حيث أشار بشكل غير مباشر إلى أن احتمالية رحيله عن الفريق أصبحت أكبر من بقائه، وأن قرار استمراره لم يعد بيده وحده.
ففي تصريح له عقب الفوز الأخير على ساوثهامبتون، قال صلاح: “نحن على مشارف ديسمبر، ولم أتلق أي عروض حتى الآن من إدارة النادي، ربما تكون فرصة رحيلي أكبر من استمراري”. هذه التصريحات التي تداولتها وسائل الإعلام، وعلى رأسها شبكة “سكاي سبورتس”، أثارت جدلًا كبيرًا حول موقف النادي من نجمه الأبرز.
وأضاف صلاح في تصريحاته: “لقد قضيت سنوات رائعة في ليفربول، لا يوجد ناد مثل هذا النادي، لكن مصيري ليس بيدي، وكما قلت سابقًا، لم أتلق أي إشارة بخصوص مستقبلي مع الفريق مع اقتراب الشهر الجديد”. هذه الكلمات تحمل في طياتها نبرة واضحة من القلق والإحباط تجاه تعامل الإدارة مع ملف تجديد عقده.
رسائل متكررة وتلويحات وداعية
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يعبر فيها صلاح عن مشاعره تجاه تأخر النادي في التجديد. ففي مطلع سبتمبر الماضي، عقب الفوز على مانشستر يونايتد في معقل الأخير “أولد ترافورد”، خرج صلاح بتصريح مثير قال فيه: “أعتقد أنها المرة الأخيرة التي ألعب فيها هنا، هذا هو عامي الأخير ولم يتحدث معي أحد بخصوص التجديد”. تصريحاته حينها أثارت عاصفة من التكهنات حول مستقبله مع الفريق، ودفعت جماهير ليفربول إلى ممارسة ضغوط أكبر على إدارة النادي لفتح باب المفاوضات معه.
هذه التصريحات التي هزت الأوساط الرياضية لم تهدأ لفترة طويلة، حيث تراجعت حدتها نسبيًا مع تزايد الضغوط الجماهيرية على النادي، لكن محمد صلاح عاد مرة أخرى ليشعل الأجواء مجددًا بتغريدة نشرها عبر حسابه على منصة “إكس” (تويتر سابقًا) الشهر الماضي، والتي بدت وكأنها رسالة وداع مبطنة. كتب فيها صلاح: “لن أنسى أبدًا شعور التسجيل في ملعب ليفربول، بغض النظر عما سيحدث في المستقبل”. هذه التغريدة عززت التكهنات بأن النجم المصري قد يكون بالفعل في طريقه لمغادرة النادي في حال لم تتمكن الإدارة من التجديد له.
هل يستجيب ليفربول للضغوط؟
إدارة ليفربول تجد نفسها اليوم أمام تحدٍ كبير، فمن جهة يجب عليها المحافظة على نجم الفريق الذي حقق لها العديد من الإنجازات، ومن جهة أخرى تواجه ضغوطًا مالية قد تجعل من الصعب تلبية كل مطالب محمد صلاح، خاصة في ظل ارتفاع سقف الرواتب في الأندية الأوروبية الكبرى. ورغم أن جماهير ليفربول تمارس ضغوطًا مستمرة على الإدارة لتجديد عقد صلاح، إلا أن التأخر في اتخاذ القرار يفتح المجال أمام العديد من الأندية الكبرى لاستغلال الموقف والتفاوض مع اللاعب.
صلاح الذي قاد ليفربول لتحقيق العديد من الألقاب، بما في ذلك دوري أبطال أوروبا والدوري الإنجليزي الممتاز، يعتبر حجر الزاوية في خطط المدرب يورغن كلوب. ورحيله قد يشكل ضربة قاسية لخطط النادي المستقبلية، خاصة وأنه لا يزال في قمة عطائه الكروي. إلا أن الوضع المالي للنادي، والتحديات التي تواجهه في الحفاظ على التوازن بين الرواتب المرتفعة والالتزام بقوانين اللعب المالي النظيف، قد تجبر الإدارة على التفكير مرتين قبل تقديم عرض يلبي طموحات صلاح المالية.
ما الخيارات المتاحة لصلاح؟
في حال فشل المفاوضات مع ليفربول، سيصبح محمد صلاح لاعبًا حرًا في نهاية الموسم، وهو ما يتيح له التفاوض مع أي نادٍ يرغب في التعاقد معه دون الحاجة إلى موافقة ليفربول. وبهذا السيناريو، يمكن لصلاح أن ينتقل إلى أي نادٍ أوروبي كبير، خاصة وأنه يحظى باهتمام العديد من الأندية الكبرى في إسبانيا وإيطاليا، بالإضافة إلى عروض مغرية من أندية الدوري السعودي.
ومع تقدم صلاح في العمر، قد تكون هذه الفرصة الأخيرة له للحصول على عقد كبير يناسب مكانته كلاعب عالمي. لكن في الوقت نفسه، يبدو أن اللاعب لا يرغب في الرحيل عن ليفربول دون سبب مقنع، وهو ما قد يدفعه لإعادة التفكير في موقفه في حال قدمت الإدارة عرضًا يناسب تطلعاته.
ويبقى السؤال الأهم: هل سيتحرك ليفربول سريعًا لإنهاء هذا الملف، أم أن محمد صلاح سيصبح أحد الأسماء الكبيرة التي تترك الدوري الإنجليزي بحثًا عن تحدٍ جديد؟