تقاريرصحافة دولية

واشنطن تمنح أوكرانيا الضوء الأخضر لاستخدام صواريخ أتاكمز ضد روسيا

أعلنت الإدارة الأمريكية مؤخرًا أن أوكرانيا استخدمت صواريخ أتاكمز التي زودتها بها الولايات المتحدة في شن هجمات على منطقة كورسك الروسية والمناطق المحيطة بها، مما يعد خطوة جديدة في تصعيد العمليات العسكرية بين البلدين.

أكد البيت الأبيض أن واشنطن وافقت على منح أوكرانيا الإذن باستخدام هذه الصواريخ ضد أهداف روسية، وذلك في إطار دعم الولايات المتحدة للدفاع الأوكراني في مواجهة الهجمات الروسية المستمرة.

أوضح جون كيربي، مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، في مؤتمر صحفي عقده مؤخرًا أن الولايات المتحدة سمحت لأوكرانيا باستخدام صواريخ أتاكمز في الدفاع عن نفسها، مضيفًا أن هذه الخطوة تأتي استجابة للتطورات الميدانية في الصراع،

حيث قال كيربي “في هذه اللحظة يمكنهم استخدام أتاكمز للدفاع عن أنفسهم، والآن يحدث هذا بشكل مفهوم في كورسك وما حولها”. وتابع قائلاً إن الولايات المتحدة قد عدلت إرشاداتها بشأن استخدام هذه الصواريخ، مما سمح لأوكرانيا باستهداف “أنواع معينة من الأهداف” داخل الأراضي الروسية.

وقد جاءت هذه التصريحات بعد أيام من إعلان وزارة الدفاع الروسية عن هجوم أوكراني على منطقة بريانسك الروسية باستخدام صواريخ أتاكمز أمريكية الصنع. وهذا الهجوم يعتبر ثاني استخدام معروف لهذه الصواريخ ضد أهداف داخل روسيا، بعد أن كشف مسؤولون أمريكيون لشبكة CNN أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أعطت كييف الضوء الأخضر لاستخدام هذه الصواريخ في ضرب مواقع داخل روسيا، وهو ما يشير إلى تحول في سياسة الولايات المتحدة فيما يتعلق بتزويد أوكرانيا بأسلحة أكثر تقدمًا لمواجهة العمليات العسكرية الروسية.

في الوقت ذاته، أعلن الجيش الأوكراني في بيان أصدره يوم الاثنين الماضي عن تنفيذه لهجمات ضد “عدد من الأهداف المهمة” في عدة مناطق داخل روسيا، بما في ذلك منطقة كورسك. ومع ذلك، لم يحدد الجيش الأوكراني نوعية الأسلحة التي استخدمها في هذه الهجمات، مما ترك الباب مفتوحًا أمام التكهنات حول ما إذا كانت تلك الصواريخ المستخدمة في الهجمات الأخيرة هي نفسها صواريخ أتاكمز التي تمت الموافقة عليها مؤخرًا من قبل واشنطن.

من جهتها، تمكنت وسائل الإعلام الأمريكية من تحليل مقاطع فيديو نُشرت على منصات التواصل الاجتماعي، والتي أظهرت انفجارات ضخمة بالقرب من مطار في منطقة كورسك، مما عزز الفرضيات حول تورط أوكرانيا في تلك الهجمات واستخدامها لتلك الأسلحة المتقدمة. ويعتبر هذا المطار من الأهداف الاستراتيجية التي تم استهدافها عدة مرات منذ بدء الحرب، حيث تسعى أوكرانيا لشل حركة الطيران الروسي ومنع وصول الدعم العسكري إلى القوات المتمركزة في المناطق الحدودية.

وبالرغم من هذه التطورات، إلا أن روسيا لم تلتزم الصمت، حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان رسمي يوم الاثنين أن أنظمة الدفاع الجوي الروسية تمكنت من إسقاط ثمانية صواريخ باليستية كانت موجهة نحو مواقع في منطقة كورسك. ومع ذلك، لم تقدم الوزارة أي تفاصيل إضافية حول الأضرار أو الخسائر التي قد تكون وقعت نتيجة للهجمات الأوكرانية أو مدى تأثير تلك الصواريخ التي تم إسقاطها.

فيما يتعلق بالصواريخ المستخدمة، تعتبر صواريخ أتاكمز واحدة من أخطر الأسلحة التكتيكية التي تمتلكها الولايات المتحدة، وتتمتع بقدرة كبيرة على إصابة الأهداف بدقة فائقة على مدى بعيد. تمتلك هذه الصواريخ القدرة على تدمير منشآت عسكرية استراتيجية بما في ذلك المطارات والقواعد العسكرية والمخازن اللوجستية. ومن خلال تزويد أوكرانيا بهذه الصواريخ، تسعى الولايات المتحدة إلى تقوية القدرات الدفاعية الأوكرانية وزيادة الضغط على روسيا في ظل استمرار الصراع العسكري الذي يدخل عامه الثاني دون أن تلوح في الأفق أي بوادر واضحة لإنهائه.

وقد أثار هذا التصعيد الجديد تساؤلات واسعة حول الأهداف المستقبلية للعمليات العسكرية الأوكرانية والدور الذي قد تلعبه الأسلحة الأمريكية المتقدمة في تغيير موازين القوى على الأرض. كما أن القرار الأمريكي بمنح أوكرانيا الإذن باستخدام صواريخ أتاكمز ضد أهداف داخل روسيا قد يكون له تداعيات دبلوماسية خطيرة، حيث من المتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى تصعيد التوترات بين موسكو وواشنطن.

وفي هذا السياق، تواجه إدارة بايدن ضغوطًا داخلية وخارجية فيما يتعلق باستمرار دعمها العسكري لأوكرانيا، حيث يرى بعض السياسيين الأمريكيين أن توفير أسلحة متقدمة لكييف قد يؤدي إلى تورط الولايات المتحدة بشكل أعمق في الصراع. بينما يرى آخرون أن تعزيز القدرات الأوكرانية هو السبيل الوحيد لتمكين أوكرانيا من مقاومة العدوان الروسي والدفاع عن سيادتها.

بالنظر إلى ما يحدث على الأرض، يبدو أن أوكرانيا تسعى لاستغلال الدعم العسكري الأمريكي بشكل أكبر من خلال استهداف البنية التحتية العسكرية الروسية، في محاولة لإضعاف قدرة روسيا على شن الهجمات المستقبلية. ومع ذلك، فإن السؤال الذي يبقى مطروحًا هو إلى أي مدى سيستمر هذا التصعيد العسكري، وهل ستؤدي هذه الهجمات إلى تسريع الجهود الدبلوماسية لإنهاء النزاع، أم ستؤدي إلى مزيد من التصعيد والمواجهة المباشرة بين القوى الكبرى؟

ومع استمرار هذه الهجمات من الجانب الأوكراني، والتصريحات الصادرة من البيت الأبيض، يبدو أن المرحلة المقبلة من الصراع ستشهد مزيدًا من استخدام الأسلحة المتقدمة، مما يجعل النزاع أكثر تعقيدًا ويضع المجتمع الدولي أمام تحديات كبيرة في محاولة إيقافه أو الحد من تداعياته.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى