تفشي وباء الكلازار في ريفي قلع النحل وتزايد المخاوف من انتشاره في السودان
في واحدة من أكثر المناطق تضررًا في ولاية القضارف شرق السودان يعاني سكان محلية ريفي قلع النحل من تفشي وباء الكلازار الذي أصاب المئات وأدى إلى وفاة عدة أشخاص.
مع تصاعد المخاوف من أن يمتد الوباء إلى مناطق أخرى في الولاية، يشير الخبراء إلى أن الوضع الصحي يزداد تدهورًا في ظل نقص حاد في الخدمات الطبية، وصعوبة الوصول إلى العلاج في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة.
أعلن رئيس جمعية أصدقاء مرض الكلازار والأمراض المنقولة بمستشفى الدهيماء في محلية قلع النحل أبكر الدومة إبراهيم، عن تسجيل 133 إصابة بالكلازار في المنطقة، من بينها ست حالات وفاة، ثلاثة منها كانت لنساء.
وأضاف الدومة أن من بين المصابين 40 طفلًا، ما أثر سلبًا على العملية التعليمية في المنطقة، حيث تعطلت الدراسة بسبب المرض. في الوقت نفسه، تم تسجيل 70 حالة إصابة بين النساء و17 حالة بين الرجال.
وفي حديثه لـ”سودان تربيون”، أشار الدومة إلى أن الوباء تفشى بعد انتهاء موسم حصاد محصول السمسم، حيث كانت الفترة التي تلت الحصاد بيئة مثالية لانتشار الناقل بسبب كثافة أشجار الهجليج في المنطقة، وتشققات الأرض التي تعزز وجود الحشرات الناقلة للمرض. كما أن تفشي المرض في قرى مثل المتنا والكويشر وابرنجة قد أدى إلى زيادة الحالات المشتبه فيها.
من جانب آخر، أكدت مصادر طبية أن مستشفى الدهيماء في محلية قلع النحل يواجه صعوبة كبيرة في تقديم الخدمات الطبية بسبب نقص الأدوية والمستلزمات الأساسية للتشخيص، وهو ما دفع العديد من المرضى إلى السفر لمسافات طويلة إلى مستشفى بازورة بمحلية الرهد التي تقع على بُعد 75 كيلومترًا، رغم وعورة الطريق وعدم توفر وسائل النقل المناسبة. ويفضل السكان استخدام التراكتورات والدراجات البخارية في رحلاتهم الطويلة إلى المستشفى.
المنطقة التي تضررت من النزاع الدائر في السودان تشهد أيضًا ارتفاعًا كبيرًا في أعداد النازحين، مما يزيد الضغط على الخدمات الصحية المتاحة.
حيث أشار الدومة إلى أن تدفق النازحين إلى المنطقة من المناطق المجاورة ساهم في زيادة حالات الإصابة بالكلازار هذا العام بشكل كبير. فبعد أن كان عدد الإصابات بالكلازار في عام 2023 أكثر من 400 حالة، شهد هذا العام زيادة ملحوظة في الإصابات بسبب الاكتظاظ السكاني الناجم عن النزوح.
وفي سياق التدابير التي تم اتخاذها للحد من انتشار الكلازار، أوضح الدومة أن السلطات المحلية وبعض الفعاليات الشعبية قد بذلت جهودًا لمكافحة ناقل المرض، بما في ذلك تقليص المساحات التي تنمو فيها أشجار الهجليج، والتي تعتبر من الأماكن التي تتكاثر فيها الحشرات الناقلة للكلازار.
ومع ذلك، أشار إلى أن هذه التدابير لا تكفي لمكافحة تفشي المرض بشكل فعّال، خصوصًا في ظل ضعف البنية التحتية الصحية ونقص الموارد.
ومع استمرار تفشي المرض، أطلق المسؤولون المحليون نداءات للمساعدة، مطالبين الدولة والجهات المانحة بتقديم الدعم العاجل لإنقاذ أرواح المصابين بالكلازار.
كما أشاروا إلى ضرورة إرسال المزيد من الأطباء والمساعدات الطبية لمساعدة الطواقم الصحية المحلية التي تكافح لتلبية الاحتياجات المتزايدة.
يأتي هذا الوضع في وقت يعاني فيه النظام الصحي في السودان من أزمة كبيرة نتيجة لتأثير النزاع الدائر في العديد من المناطق. فقد أُغلِق نحو 80% من المرافق الصحية في المناطق المتأثرة بالنزاع، بينما تضررت 45% من المنشآت الصحية في المناطق الأخرى، مما أدى إلى نقص حاد في الخدمات الطبية.
مع تدهور الأوضاع الصحية والإنسانية، يبقى أمل السكان في محلية ريفي قلع النحل معلقًا على التدخلات السريعة من قبل الحكومة والمجتمع الدولي، لوقف انتشار الأوبئة التي تهدد حياة العديد من المواطنين في هذه المنطقة النائية من السودان.