تصعيد الصراع في السودان: هجمات بالطائرات المسيرة ترفع وتيرة المعركة
يتصاعد الصراع في السودان بوتيرة متسارعة، مع استمرار العمليات العسكرية في مختلف أنحاء البلاد، مما ينذر بمستقبل أكثر قتامة في ظل غياب أي أفق لحل سلمي.
الهجمات الجوية التي تشنها قوات “الدعم السريع” باستخدام الطائرات المسيرة هي واحدة من أبرز ملامح هذا التصعيد، حيث استهدفت القوات قاعدة “وادي سيدنا” العسكرية غرب مدينة أم درمان، ما أسفر عن سلسلة من الانفجارات التي هزّت المنطقة وغطّتها سحب من الدخان واللهب.
الهجوم على قاعدة وادي سيدنا: طائرات مسيرة تُعزز الاستراتيجية العسكرية
أفادت مصادر عسكرية أن الهجوم على القاعدة العسكرية تم باستخدام سبع طائرات مسيرة انتحارية. وفي بيان رسمي صادر عن قوات “الدعم السريع”، تم الإعلان عن استهداف “وادي سيدنا” كجزء من عملية عسكرية نوعية شملت تدمير عدد من الطائرات الحربية، بما في ذلك طائرات “أنتونوف” وطائرات “K8” العسكرية، بالإضافة إلى إلحاق الأضرار بعدد من الآليات والمعدات العسكرية في القاعدة.
وأوضح البيان أن هذه الهجمات تأتي ضمن خطة عسكرية معدة مسبقًا، وهي الخطة “ب”، التي تتضمن استهداف المقرات والمواقع العسكرية للجيش السوداني في جميع أنحاء البلاد. ولم يصدر أي تعليق فوري من الجيش السوداني حول الهجوم بالطائرات المسيرة على قاعدة “وادي سيدنا”.
أهمية قاعدة وادي سيدنا الاستراتيجية في النزاع
تمثل قاعدة “وادي سيدنا” الجوية هدفًا استراتيجيًا في سياق الصراع المستمر بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” منذ منتصف أبريل 2023. تقع هذه القاعدة شمالي أم درمان، وعلى بعد نحو 22 كيلومترًا من العاصمة الخرطوم، مما يجعلها نقطة انطلاق رئيسية للهجمات العسكرية.
تضم القاعدة مطارًا مدنيًا، كما أنها قريبة من عدد من المنشآت العسكرية الهامة، مثل الكلية الحربية التي تضم معاهد متخصصة في مجالات عدة منها المشاة والمظليين.
إلى جانب ذلك، تقع بالقرب من “مجمع الصافات للتصنيع العسكري”، الذي يتخصص في صيانة الطائرات بأنواعها المدنية والعسكرية. لذلك، تشكل قاعدة “وادي سيدنا” موقعًا حيويًا بالنسبة للجيش السوداني في معاركه ضد قوات “الدعم السريع”، حيث تلعب دورًا بارزًا في الهجمات على معسكرات هذه القوات داخل الخرطوم، وكذلك في ضرب مواقعها الاستراتيجية في مداخل الجسور التي تربط الخرطوم بحري وأم درمان.
القتال مستمر في مختلف مناطق أم درمان
في سياق التصعيد العسكري، قالت مصادر ميدانية لـ “العين الإخبارية” إن قوات “الدعم السريع” لم تقتصر على هجوم “وادي سيدنا”، بل نفذت أيضًا قصفًا مدفعيًا على عدة مناطق أخرى في أم درمان، مثل أحياء كرري والجرافة والثورة.
هذا القصف جاء بعد أيام من تصاعد العنف في مختلف أرجاء العاصمة، مما أسهم في زيادة معاناة السكان المدنيين، الذين يعانون من غياب الخدمات الأساسية في ظل استمرار العمليات العسكرية.
كارثة إنسانية مهددة بحرب طاحنة واستمرار النزوح
تتفاقم الأزمة الإنسانية في السودان بشكل يومي، حيث تشير التقارير الأممية إلى أن البلاد تواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
ووفقًا للأمم المتحدة، فإن السودان يعاني من أسوأ أزمة نزوح في العالم، في وقت يُتوقع أن يتحول الوضع إلى واحدة من أكبر أزمات المجاعة التي قد يشهدها العالم في المستقبل القريب.
منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”، قُتل نحو 20 ألف شخص، فيما نزح أكثر من 11 مليون شخص داخل البلاد وخارجها، بحسب تقارير الأمم المتحدة. وتزداد المخاوف من تفاقم الوضع، حيث تسجل التقارير الدولية تدهورًا في الوضع الغذائي والصحي في العديد من المناطق.
الدعوات الدولية لإنهاء الحرب والحد من الكارثة الإنسانية
في ظل هذه الظروف، تتزايد الدعوات الأممية والدولية للضغط على الأطراف المتحاربة لوقف الحرب، بما يساهم في تجنب المزيد من الكوارث الإنسانية التي تهدد الملايين من المدنيين.
مع تزايد أعداد الضحايا والمشردين، لم يعد الوضع قابلاً للتحمل، فيما يبدو أن الحلول العسكرية لا تلوح في الأفق، بينما يستمر المدنيون في دفع الثمن الباهظ لهذا الصراع المستمر.
مستقبل قاتم لصراع لا ينتهي
يبدو أن السودان مقبل على مزيد من التصعيد العسكري في ظل غياب أفق سياسي أو دبلوماسي لحل الأزمة. ومع استمرار العمليات الهجومية بالطائرات المسيرة والقتال العنيف في العاصمة الخرطوم، باتت البلاد على شفا كارثة إنسانية قد تؤدي إلى مزيد من الدمار والموت.
تحتاج البلاد إلى تدخل عاجل من المجتمع الدولي لإنهاء هذه الحرب قبل أن تصل إلى مرحلة يصعب فيها تقديم أي حلول لإنقاذ ما تبقى من الدولة والشعب السوداني.