تابعت بدهشة، وحيرة، وغضب مكتوم، ردود أفعال متباينة بشأن تصريحات رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي حول فتح صفحة جديدة مع مواطنين مصريين وقرار إعادة حقوق المواطنة لـ716 مواطناً تعطّلت حياتهم واغتيلت حقوقهم المدنية بفعل إدراجهم فيما يُسمى بـ” قوائم الإرهاب “.
في اعتقادي، هناك (من هنا وهناك) من لا يزال يعزف نشازاً على أوتار صراعٍ استُهلكت مبرراته، واستُنزفت أسبابه، وكأنهم يرون في تمزيق الوطن ،فعلاً محموداً، ومألوفاً، ومعتاداً، رغم أنه يُظهر بوضوح ،غياب الحد الأدنى، من الفهم السياسي، والقيم الأخلاقية، والإنسانية، والدستورية.
هذا الوطن، الذي يقف اليوم في أشدّ الحاجة إلى وحدته ولُحمته، يُلقى به عبر بعض الأصوات في أتون الفرقة.
إنها أصوات اعتادت التناحر، والتلذذ بالمناكفة، وكأنها ترفض إدراك حقيقة أن الزمن لم يعد يحتمل هذه العبثية … ﻻ “هنا” ولا “هناك”.
إن أي قراءة سياسية ناضجة، وأي فهم عقلاني، لتحديات اللحظة الراهنة، لا بد أن يؤكد أن تهدئة الوضع الداخلي، هي الخيار الوحيد الذي يصب في مصلحة الجميع، باستثناء حزب واحد ،تسيد المشهد لعقد من الزمان، وهو حزب، توشح بوشاح قضاء مغشوش، يطل علينا يومياً ،بأحكام مغلظة، تصدر بحيثيات ممجوجة، ومنطوق عييّ هزيل، لإبقاء الحال ،على ما هو عليه.
إن الركون والرهان على “حزب يبقى الحال على ما هو عليه” هو رهان خاسر ،وتآلف وتحالف مع شيطان الجمود، وإدمان لتكرار ما اعتاده البعض (هنا وهناك) بلا قدرة على الحلم بغدٍ أفضل، أو رغبة حقيقية في تغيير الواقع.
رسالتي ليست- فقط – إلى الزملاء من الإعلاميين و الصحفيين (هنا وهناك)
بل هي إلى كل من يتحدثون قبل أن يتفكروا قليلاً، وإذا فكروا، يفكرون بمنطق أحادي ،ضيق، لا يعرف السيناريوهات المحتملة، ولا يدرك أن كل احتمال وارد، يحتاج إلى سيناريوهات وسيناريوهات بديلة.
إلى كل من يبحث عن بطولات، ولو زائفة، وشعارات، ولو فارغة، تمنحه لحظة تصفيق على- خشبة المسرح – ، بينما هو لا يرى أن الجدران تنهار من حوله.
أقول لهم (هنا وهناك): “من يكرر نفس الأقوال و الأفعال، وينتظر نتائج مختلفة، هو إما مغيّب ، فقد بوصلة الوعي، أو مدمن شهوة الفشل ، ووهج الأضواء المُمرضة.”
رسالتي أيضاً، تعبيراً صادقاً عن دهشتي ، وأسفي، من تلك الأصوات، التي لا تزال عاجزة عن التفرقة، بين الإرهاب والمعارضة ،وبين المعارضة والمؤامرة..!
فتطلب بسذاجة مفرطة “التوبة” ممن يعارضون أنظمة بلادهم بالكلمة الحرة والرأي، وكأنهم مجرمون، محرومون من حقوقهم المدنية والسياسية، حتى يحملوا الطبول والمباخر، ويتخلوا عن قيمهم ،وثوابتهم، وتاريخهم ،ويتحولوا إلى مسخ سياسي، بات الناس تنظر إليه ، باشمئزاز ،وعزوف.
في النهاية، أؤكد للجميع، هنا وهناك، أن منهجنا في ممارسة دورنا سيظل قائماً على الاحترام المتبادل لأنفسنا وللاخرين ، وتصويب الأخطاء ،لانفسنا أولا… وللاخرين….
كنا وسنظل نقبل بالآخر ، نسعي للاعتدال ، والوسطية ، وتقريب وجهات النظر ،وتضيق الخلافات، وتوسيع الحوار والمشتركات .. كنا وسنظل نؤمن أن بلدا بلا معارضة حقيقية لن يعرف سبيلاً إلا للديمقراطية المغشوشة ،والحرية المداره …
- كنا ، ولازلنا ، وسنظل ،نؤمن الي حد اليقين بالآتي:-
- لم ولن نعارض يوماً ما ينبغي أن نؤيده… ولم ولن نؤيد يوماً ما ينبغي أن نعارضه.
- معيارا واحدا في عصور مختلفة ومتعددة!!
وأعود لأقول لبعض المتعجلين في إطلاق الأحكام وفقاً لقناعات سابقة: دعوا الأيام تثبت صحة أو خطأ أحكامكم وتوقعاتكم.
أيّاً كانت الأسباب والنتائج، فاعلموا أن عودة شاب واحد إلى حضن وطنه وأسرته، وهدوء الأوضاع المحتقنة، ولو جاء متأخراً، يظل خيراً من ألا يأتي أبداً.
ربما يكون في كل خطوة نحو التهدئة بذرة أمل، وفي كل خطوة نحو المصالحة لمسة تسامح وشعاع حياة لأشخاص يدفعون ثمناً باهظاً وينتظرون فعلاً وقولاً وخطاباً مغايراً.
من أجلهم وغيرهم، لا ينبغي أن نقتل الأمل في قلوب الناس لنثبت لأنفسنا صحة ظنوننا، ولو كانت مشروعة
فليس هذا ما تستحقه مصر وأبناؤها. قوائم الإرهاب