استفاقت مدينة غزة على ليلة دموية أخرى من الغارات الإسرائيلية، مما أسفر عن مقتل 11 فلسطينياً وإصابة آخرين في مناطق مختلفة من القطاع.
التصعيد الأخير جاء نتيجة قصف جوي ومدفعي إسرائيلي استهدف مناطق مأهولة بالسكان المدنيين في غزة، فيما تتواصل الجهود الدبلوماسية للوصول إلى اتفاق يخفف من حدة النزاع بين إسرائيل وحماس، الذي دخل مرحلة حرجة.
وفقًا لما أفادت به وكالة الأنباء الفلسطينية، شهدت ليلة الثلاثاء واحدة من أعنف الهجمات الإسرائيلية، حيث لقي 6 فلسطينيين مصرعهم، بينهم نساء وأطفال، إثر استهداف منزل في حي التفاح الواقع شمال شرق مدينة غزة.
القصف طال المنزل بشكل مباشر، مما أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين، بالإضافة إلى إصابة العديد من سكان الحي بجروح متفاوتة الخطورة.
الهجوم على حي التفاح لم يكن الوحيد في تلك الليلة، ففي وقت سابق، تعرضت منطقة الأبرار شرق حي الزيتون جنوب شرق غزة لقصف مدفعي مكثف من قبل القوات الإسرائيلية، مما أدى إلى مقتل فلسطينيين آخرين وإصابة عدد من المدنيين.
شهود عيان أكدوا أن القصف كان عنيفًا ومفاجئًا، واستهدف مناطق سكنية مكتظة، مما أدى إلى إحداث حالة من الذعر بين السكان المحليين.
ولم يقتصر القصف الإسرائيلي على الأحياء الشرقية من غزة، بل امتد إلى مخيم الشاطئ غرب المدينة، حيث قُتل ثلاثة فلسطينيين آخرين في هجوم استهدف تجمعاً للمواطنين.
هذا الهجوم تسبب أيضاً في إصابة عدد من الأشخاص الذين كانوا في المكان لحظة القصف. الأضرار الناجمة عن الهجمات طالت المباني السكنية والبنية التحتية الحيوية، مما زاد من معاناة السكان المحاصرين في القطاع الذي يعاني أصلاً من نقص حاد في الإمدادات الأساسية نتيجة الحصار المستمر.
وفي خضم هذا التصعيد العسكري، جاء حديث مسؤول أمني إسرائيلي بارز ليعكس توجهاً نحو اتفاق محتمل حول تبادل الرهائن في غزة، حيث أكد المسؤول أن التوصل إلى صفقة بهذا الشأن أصبح أقرب من أي وقت مضى. تصريحات هذا المسؤول الإسرائيلي لصحيفة “جيروزاليم بوست” أظهرت أن الضغوط العسكرية المتزايدة على حركة حماس تدفعها نحو تقديم تنازلات قد تسهم في تسريع المفاوضات. المسؤول أشار إلى أن حماس باتت تواجه ضغوطًا هائلة تجعلها عاجزة عن التنسيق مع حزب الله الذي يزداد انخراطه في الصراع، فضلاً عن تراجع الدعم الإيراني الذي أصبح يواجه تحديات داخلية.
وأضاف المسؤول أن حماس مستعدة للتخلي عن بعض مطالبها السابقة، مثل اشتراطها لوقف الحرب بشكل كامل قبل الدخول في أي مفاوضات جدية. هذه المرونة الجديدة قد تفتح الباب أمام تسوية تقود إلى تهدئة مؤقتة أو ربما حتى اتفاق دائم ينهي حالة النزاع المستمرة.
وعلى الصعيد الدبلوماسي الدولي، أصدر البيت الأبيض بياناً أشار فيه إلى زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي للشرق الأوسط بريت ماكغورك إلى السعودية. الزيارة تهدف إلى استغلال الفرصة التي قد يتيحها وقف إطلاق النار المحتمل في لبنان، من أجل التوصل إلى اتفاق مماثل في غزة. هذه التحركات تأتي في إطار الجهود الدولية الرامية لتهدئة الأوضاع في المنطقة التي تشهد تصعيداً عسكرياً غير مسبوق.
الوساطة الأميركية والعربية تكتسب أهمية خاصة في ظل تعثر الجهود الرامية لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس. الأوضاع في غزة تتفاقم يوماً بعد يوم، خاصة مع تصاعد أعداد الضحايا المدنيين وتدهور الظروف الإنسانية. المساعدات الإنسانية تواجه عقبات كبيرة في الوصول إلى السكان بسبب الإغلاق المستمر للمعابر الحدودية، فيما تعيش غزة تحت وطأة نقص حاد في الكهرباء والماء والدواء.
الوضع الميداني في غزة لا ينفصل عن التطورات السياسية الإقليمية، حيث تلعب الدول المجاورة دوراً محورياً في تحديد مسار الصراع. الدول العربية، ولا سيما مصر وقطر، تحاول دفع الأطراف نحو طاولة المفاوضات، فيما تتصاعد الدعوات الدولية لوقف فوري لإطلاق النار لحماية المدنيين من ويلات الحرب.
وفي ظل هذا التصعيد العسكري، يبقى مصير المدنيين العالقين في غزة أحد أكبر التحديات التي تواجه المجتمع الدولي. المنظمات الإنسانية الدولية تدعو بشكل متكرر لوقف الأعمال العدائية وفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات والإغاثة، ولكن حتى الآن، لم تجد هذه الدعوات استجابة فعلية على الأرض.
الآمال بوقف فوري للأعمال القتالية تبدو بعيدة المنال مع استمرار الغارات الجوية والقصف المدفعي على المناطق السكنية في غزة. ومع ذلك، تبقى الجهود الدولية قائمة، حيث تعقد آمال كبيرة على التوصل إلى اتفاق يمكن أن يوقف نزيف الدم المستمر، ويعيد الأمل بإمكانية تحقيق سلام دائم في المنطقة.