شهدت مناطق النازحين في قطاع غزة كارثة إنسانية جديدة مع قدوم منخفض جوي قوي، حيث غمرت أمواج البحر العشرات من خيام النازحين، مما زاد من معاناتهم في ظل الظروف القاسية التي يعيشونها. وأعلنت أجهزة الدفاع المدني في غزة عن هذه التطورات المحزنة، وسط ضعف الاستجابة وعدم توفر الإمكانيات اللازمة لإنقاذ المتضررين.
المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني، محمود بصل، أوضح أن الخيام التي تضررت جراء الأمواج كانت في حالة مزرية منذ فصل الصيف، حيث تعرضت للتلف وتهالك معظمها، ما جعلها غير صالحة للسكن.
وأكد بصل أن غالبية النازحين الذين يعيشون على الشريط الساحلي فوجئوا بتمدد مياه البحر وغمر مئات الخيام التي تمثل ملاذهم الأخير. لم يتلق هؤلاء النازحون أي مساعدة حقيقية تذكر حتى الآن، سواء لإنقاذهم أو إنقاذ أطفالهم من الغرق.
الوضع الكارثي للنازحين وتدهور البنية التحتية
يرجع جزء كبير من هذه الكارثة إلى التدهور المستمر في البنية التحتية لمخيمات النازحين التي أصبحت غير مهيأة على الإطلاق لمواجهة تقلبات الطقس. ومع دخول فصل الشتاء، باتت الخيام الهشة غير قادرة على الصمود أمام الرياح والأمطار، فضلاً عن الأمواج التي أصبحت تشكل تهديداً مباشراً على حياة النازحين.
هذا الأمر يزيد من احتمالات تكرار الحوادث المأساوية التي شهدها القطاع في السنوات الماضية، خاصة في ظل تدهور الخدمات الإنسانية وضعف الاستجابة السريعة من قبل المؤسسات المعنية.
العجز الإغاثي وقلة الإمكانيات
في ظل هذه الظروف الصعبة، حمّل بصل السلطات الإسرائيلية المسؤولية المباشرة عن تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، وذلك من خلال منعها المستمر للمنظمات الإغاثية والمؤسسات الدولية من العمل بحرية في القطاع وتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة للسكان، خاصة للنازحين الذين يعانون من ظروف معيشية قاسية.
أشار بصل أيضاً إلى أن جهاز الدفاع المدني يعاني من نقص حاد في الإمكانيات، سواء من حيث المعدات أو الوقود اللازم لتشغيل المركبات التي يمكن استخدامها في نقل وإجلاء الضحايا.
هذا النقص يعوق بشكل كبير عمل فرق الإنقاذ ويحد من قدرتهم على التعامل مع الأوضاع الطارئة التي يتسبب فيها المنخفض الجوي، خصوصاً في ظل تزايد الطلب على المساعدات وعمليات الإنقاذ مع تفاقم الأزمة.
الأرقام تكشف حجم الكارثة
من جانبه، أصدر المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحركة حماس في غزة بياناً أكد فيه أن أكثر من 10 آلاف خيمة تضررت خلال اليومين الماضيين فقط، نتيجة الأمواج والرياح العاتية التي صاحبت المنخفض الجوي.
وأوضح البيان أن قرابة 81% من خيام النازحين في غزة أصبحت غير صالحة للاستخدام، ما يعكس حجم الكارثة التي تهدد النازحين في القطاع، خاصة مع توقع استمرار الأحوال الجوية السيئة خلال الأيام المقبلة.
مشهد إنساني كارثي
تحدث المتحدث باسم المكتب الإعلامي عن مشهد إنساني كارثي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، مؤكداً أن النازحين يعيشون في ظروف مأساوية تزداد تفاقماً مع بداية موسم الشتاء.
وأعرب عن قلقه البالغ من استمرار هذا الوضع، خاصة في ظل عدم وجود أي بدائل أو حلول فورية لتوفير مأوى آمن للنازحين الذين فقدوا كل شيء تقريباً.
وأضاف أن تلف معظم الخيام وعدم صلاحيتها للإيواء يضع آلاف الأسر في خطر داهم، لا سيما أن كثيراً من هؤلاء النازحين يعيشون بالفعل في ظروف معيشية صعبة ويفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة.
مسؤولية دولية تجاه معاناة النازحين
في ظل هذه الأوضاع، بات من الواضح أن هناك حاجة ملحة لتدخل دولي عاجل لإنقاذ النازحين في غزة من المصير المأساوي الذي يواجهونه.
فالمنظمات الدولية والإغاثية عليها دور كبير في تقديم المساعدة اللازمة، لكن العقبات التي تفرضها السلطات الإسرائيلية تحول دون وصول تلك المساعدات إلى المستحقين.
من هنا، تتزايد المطالبات بضرورة الضغط على الأطراف المعنية للسماح بدخول المساعدات والمعدات الإغاثية التي من شأنها تخفيف حدة الأزمة.
هذا ويطالب المدافعون عن حقوق الإنسان المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه غزة وضرورة توفير المساعدات اللازمة بشكل عاجل، مع تأكيدهم على أن الوضع لا يحتمل مزيداً من التأخير في ظل هذه الكارثة الإنسانية المتفاقمة. كما أن الجهود المحلية رغم أهميتها، تبقى غير كافية في ظل محدودية الموارد والإمكانيات المتاحة في القطاع المحاصر.
توقعات بتدهور أكبر مع استمرار فصل الشتاء
مع بدء موسم الشتاء، تتزايد المخاوف من حدوث تدهور أكبر في أوضاع النازحين، حيث من المتوقع أن تتكرر الحوادث المأساوية في حال استمرت الأمطار الغزيرة والرياح العاتية في ضرب المنطقة.
ويؤكد الخبراء أن قطاع غزة بحاجة ماسة إلى خطة طارئة شاملة تهدف إلى حماية النازحين وتوفير المأوى والمساعدات الأساسية لهم.
هذه الخطة يجب أن تشمل إعادة تأهيل الخيام أو توفير بدائل سكنية أكثر أماناً، فضلاً عن تعزيز قدرات جهاز الدفاع المدني ليتمكن من التعامل بشكل أفضل مع الكوارث الطبيعية التي قد تزداد وتيرتها خلال الأشهر المقبلة.
دعوات لإنهاء الحصار
إلى جانب ذلك، تتزايد الأصوات المطالبة بضرورة رفع الحصار المفروض على قطاع غزة، والذي يفاقم من معاناة النازحين ويمنع وصول المساعدات الضرورية إليهم.
فبدون إنهاء هذا الحصار، ستظل الظروف الإنسانية في القطاع تتدهور يوماً بعد يوم، مما يضع حياة آلاف الأسر في خطر دائم.