في مواجهة التقلبات الجوية العنيفة التي ضربت البلاد مؤخراً، أثبتت الحكومة المصرية مرة أخرى عجزها التام عن التعامل مع الأزمات الطبيعية، وكشفت عن ضعف خطط الطوارئ والفساد المستشري في مختلف الأجهزة الحكومية.
هذه الظروف الجوية التي شملت ارتفاع الأمواج، عواصف رعدية، وسقوط أمطار غزيرة كانت كفيلة بإظهار فشل المسؤولين في اتخاذ الإجراءات الفعالة لحماية المواطنين.
الأمواج العاتية التي وصل ارتفاعها إلى 6 أمتار، وسرعة الرياح التي تجاوزت 80 كم/ساعة كانت كفيلة بإرباك معظم المدن الساحلية، ولكن بدلاً من الاستعداد الجاد، كانت هناك حالة من الفوضى والتقصير في اتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة.
بدأت الحكومة في إعلان حالة الاستنفار بعد وقوع الكارثة، وبدأت وسائل الإعلام في نقل تحذيرات متأخرة من هيئات الأرصاد الجوية التي لم تقم بتقديم تنبؤات دقيقة أو اتخاذ التدابير المناسبة في وقت مبكر.
كانت التحذيرات الواردة عن ارتفاع الأمواج والرياح العاتية تصل بعد وقوع الحوادث، مما يبين تقاعس الحكومة في تقديم المساعدة الحقيقية للمواطنين الذين يتعرضون للخطر.
في ظل هذا التواطؤ، جرى تحميل المواطنين عبء البحث عن حلول لأنفسهم، في وقت كان من المفترض أن يكون هناك تدخل حكومي حازم منذ اللحظة الأولى.
في مناطق شمال ووسط سيناء، على سبيل المثال، تم إعلان حالة الطوارئ بعد تساقط أمطار غزيرة، لكن الحكومة لم تقدم أي مساعدة حقيقية للمواطنين المتضررين، بل اكتفت بالتنبيهات التي لم يكن لها أثر حقيقي على الأرض. تقارير تشير إلى أن التنسيق بين الجهات المختلفة كان معدوماً، فشركات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، التي يفترض بها أن تكون في حالة تأهب دائم، لم تقدم المساعدة الفورية للتعامل مع تداعيات الطقس السيء.
وتفاجأ المواطنون بسقوط سقف منشأة بنادي شركة الإسكندرية للبترول في حي العجمي بسبب الرياح العاتية، دون أن تتحرك السلطات بشكل سريع لاحتواء الحادث. بل كانت الحلول التي تم تنفيذها بطيئة، مما يعكس مستوى الفشل الحكومي في التعامل مع الأزمات.
أيضاً، كانت حكومة مصر بعيدة كل البعد عن اتخاذ تدابير فعالة في مواجهة المخاطر التي تهدد حياة المواطنين. الأمطار الغزيرة في بعض المناطق كانت كفيلة بتحويل الشوارع إلى مجاري مائية، إلا أن الحكومات المحلية اكتفت بالتقاعس عن القيام بأعمال الصيانة الدورية لشبكات الصرف الصحي التي كانت غائبة أصلاً في بعض المناطق.
تم نشر فرق الصرف الصحي في بعض الأماكن، لكن كان ذلك متأخراً للغاية، مما أضاف عبئاً على المواطنين الذين اضطروا للتعامل مع تجمعات المياه بأنفسهم.
وفيما يخص الاستعدادات لمواجهة السيول، وهي إحدى أخطر الكوارث الطبيعية التي قد تتسبب في أضرار ضخمة للمواطنين، كانت الحكومة المصرية قد أعلنت عن “خطط طوارئ” كان من المفترض أن تكون جاهزة للعمل في أي وقت.
ولكن على أرض الواقع، كانت هذه الخطط غير فعالة، حيث تم رفع حالة الطوارئ فقط بعد حدوث الكارثة، بدلاً من اتخاذ تدابير وقائية قبل حدوثها. على سبيل المثال، تم التنسيق بين بعض المجالس المحلية وجهات أخرى لتوفير الخدمات اللازمة، ولكن الوضع كان يعكس غياب الجهود الحكومية الحقيقية لحماية السكان.
ما يحدث في مصر ليس فقط تقاعساً حكومياً بل فساداً مستشرياً في جميع مؤسسات الدولة. إذا كانت هناك أي استجابة من الأجهزة المعنية، فهي كانت بطيئة وغير منسقة، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع.
بينما تتحدث الحكومة عن الجاهزية في مواجهة الطوارئ، لا يجد المواطنون إلا الإهمال والتجاهل من المسؤولين الذين لا يبالون بحياة الناس. فالتقصير في إنشاء بنية تحتية قوية لمواجهة الأمطار والسيول، والتأخر في التحرك عند حدوث الأزمة، هو نتيجة فساد طويل الأمد.
أما في الإسكندرية والسواحل الشمالية الغربية، فقد كانت العواصف هي الأخرى كارثية، حيث تسببت الرياح في تعطيل حركة الترام وسقوط أشجار ضخمة على حرم الطرق، ما أدى إلى تعطيل حركة المرور. وقد تلقت غرفة عمليات المحافظة عدة بلاغات عن هذه الحوادث، إلا أن السلطات المحلية بدت عاجزة عن تقديم حلول سريعة.
حتى فيما يخص الملاحة البحرية التي تأثرت بشدة بسبب ارتفاع الأمواج، لم تكن هناك أي إجراءات واضحة لحماية السفن أو الزوارق، بل استمر الوضع في التدهور إلى أن أصبح من المستحيل السيطرة عليه.
بالرغم من تحذيرات الأرصاد الجوية وتوقعاتها حول الطقس السيء، ظلت الحكومة في حالة من السبات العميق، متأخرة في التدخل وبدون أي خطة استراتيجية للتعامل مع مثل هذه الحالات الطارئة.
وكانت الكارثة الحقيقية تكمن في غياب التنسيق بين الجهات المختلفة، حيث كانت غرفة عمليات الطوارئ في أغلب الأحيان غير فاعلة، رغم أنها كانت تحت إشراف المسؤولين المحليين الذين لم يظهروا أي استعداد حقيقي لمواجهة تلك الأزمات.
وتتجلى الأزمة بشكل كبير في التصريحات الحكومية التي كانت محشوة بالوعود الزائفة عن استعدادات الطوارئ، والتي كانت مجرد كلام في الهواء.
فالحكومة المصرية، بدل أن تسعى إلى إصلاح الوضع المتدهور، تركز على تقديم تصريحات لا تحمل أي مضمون، وتظل عاجزة عن الوفاء بوعودها للمواطنين الذين يعانون جراء عدم وجود استراتيجيات واضحة وفعالة للتعامل مع الكوارث الطبيعية.