تقارير

الحكومة المصرية تتجاهل معاناة أهالي جزيرة الوراق وتواصل تقاعسها في توفير السكن

في خطوة تضاف إلى سلسلة من الإجراءات الغير مدروسة والقرارات المتسرعة، قام رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بتوجيه تعليماته بخصوص تطوير الوحدات المبنية في أرض مطار إمبابة، على الرغم من أن هذه الوحدات ليست الحل الأمثل لأزمة الإسكان التي يعاني منها المواطنون، خاصةً أهالي جزيرة الوراق وقاطني المناطق غير الآمنة، الذين يعانون من ظروف حياتية صعبة جراء تدهور الوضع السكني في مصر، بينما الحكومة تواصل إهمالها وغيابها التام عن تلبية احتياجات المواطنين.

تأتي هذه التوجيهات في وقت يعاني فيه العديد من المصريين من الفقر المدقع وعدم قدرتهم على تأمين مأوى لائق لهم، في ظل تقاعس حكومي غير مبرر واستمرار فساد يطال مختلف أجهزة الدولة.

وفي الوقت الذي تحاول فيه الحكومة تقديم حلول ظاهرية لا تسهم في حل المشكلة الحقيقية، تظهر بوضوح سلبية الحكومة تجاه الأزمات المستمرة والتي كانت تحتاج لتدخل جاد وفوري.

ووفقًا للتوجيهات التي أصدرها مدبولي، فإن الهدف من تطوير هذه الوحدات هو تحويلها إلى إسكان بديل لأهالي جزيرة الوراق وبعض المناطق التي تصنف ضمن المناطق غير الآمنة. إلا أن هذا القرار يبدو كأنه مجرد محاولة لتبرير التقاعس الحكومي وتقديم حلول غير قابلة للتطبيق عمليًا. فبالإضافة إلى أن هذه الوحدات قد لا تكون مناسبة في المقام الأول لتلبية احتياجات الفئات المستهدفة، فإن الحكومة فشلت في توفير الاستشارات والتخطيط اللازم الذي يضمن تنفيذ هذه الحلول بشكل يراعي ظروف المواطنين ويأخذ بعين الاعتبار المستقبل الاجتماعي والاقتصادي لهؤلاء السكان.

يستمر الوضع على حاله، حيث يعاني أهالي جزيرة الوراق من تهديدات مستمرة بهدم منازلهم التي شيدوها على مر السنين، رغم أن هذه المنطقة تعتبر واحدة من أبرز المناطق التي لا تزال تفتقر إلى أي خطط تطوير أو تحسين حقيقية. كما أن حكومة مدبولي لم تقدم أي خطة بديلة أو مشروعة تضمن حقوق هؤلاء المواطنين في الحصول على سكن لائق. بل على العكس، يواصل النظام استغلال الأراضي الزراعية في المنطقة لتوسيع المشاريع السكنية التي لا تعود بالفائدة على سكان المنطقة الأصليين.

إن هذه السياسات التي تعتمد على إجراءات شكلية وتوجيهات غير فعالة لا تعكس بأي حال من الأحوال اهتمام الحكومة بحل الأزمات المتفاقمة في مصر. بل تظهر بوضوح مدى تفشي الفساد الإداري في مختلف مؤسسات الدولة الذي يعطل أي جهود حقيقية لمعالجة الأزمات التي تزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم. وبالرغم من أن تصريحات رئيس الوزراء تشير إلى وجود نية لتحسين الوضع السكني لأهالي جزيرة الوراق والمناطق غير الآمنة، إلا أن ذلك يبقى مجرد وعود لم تجد طريقها إلى التنفيذ الفعلي حتى الآن.

وعلى الرغم من المحاولات الإعلامية لتسويق هذا المشروع كحل مثالي، فإن الواقع يؤكد أن هذه التوجيهات لا يمكن أن تشكل بداية حقيقية لمعالجة أزمة الإسكان في مصر. فنقل سكان المناطق غير الآمنة إلى وحدات سكنية في أماكن بعيدة عن مناطقهم الأصلية لن يحل المشكلة بل سيسهم في خلق مشاكل اجتماعية جديدة. فهؤلاء المواطنون لا يحتاجون إلى مجرد مكان للسكن، بل يحتاجون إلى بيئة توفر لهم كافة الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والمواصلات التي تسهل حياتهم اليومية.

ومن الجدير بالذكر أن مصر تشهد أزمة سكنية خانقة كان يجب على الحكومة التعامل معها منذ سنوات طويلة، ولكنها ظلت تتجاهل الحلول الجذرية واكتفت بتقديم وعود فارغة لا تسهم في تغيير الواقع المعيشي للمواطنين. إن الفساد المستشري في العديد من الأجهزة الحكومية يعطل أي جهد حقيقي نحو إصلاح هذه الأوضاع، حيث يتم استغلال الموارد العامة في مشاريع لا تخدم المواطن بشكل فعلي بل تعزز من مصالح القلة المتنفذة في السلطة.

إن الأزمة في جزيرة الوراق وفي المناطق غير الآمنة ليست أزمة إسكان فقط، بل هي أزمة حقوق إنسان، حيث يتم تهديد حياة المواطنين في سبيل مشاريع يتم تسويقها باعتبارها “حلاً سكنيًا”. الحكومة المصرية لم تقدم أي خطوات حقيقية من شأنها تحسين أوضاع هؤلاء المواطنين، بل استمرت في تنفيذ مشاريع عقارية تهدف إلى تحسين صورة الحكومة دون النظر إلى حقيقة المعاناة التي يعيشها المواطنون.

من الواضح أن هذه السياسات التي يروج لها رئيس الوزراء مصطفى مدبولي تفتقر إلى أي رؤية استراتيجية طويلة الأمد، بل هي مجرد إجراءات وقتية لا تغير من الواقع شيئًا. فهل ستستمر الحكومة في هذا النهج الفاشل الذي أثبت فشله مرارًا وتكرارًا؟ أم أن هناك خطة حقيقية للنهوض بالأوضاع المعيشية للمواطنين الذين أصبحوا ضحايا لسياسات إدارية فاشلة، وللحسابات السياسية التي لا تعير اهتمامًا لمصير الناس؟

حيث أن تصريحات الحكومة المصرية لا تعدو كونها مجرد شعارات فارغة ولا تحمل في طياتها أي نية حقيقية للتغيير. المواطن المصري لا يحتاج إلى المزيد من الوعود الفارغة بل إلى حلول ملموسة تساعده على تأمين حياته وحياة أسرته في ظل الظروف الحالية التي تزداد صعوبة يومًا بعد يوم.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى