تسريبات خطيرة تكشف فساد نتنياهو وتورط مكتبه في تسريب وثائق أمنية حساسة
في خطوة صادمة أثارت ضجة كبيرة داخل الأوساط السياسية والأمنية في إسرائيل، كشفت القناة 13 الإسرائيلية عن تسريبات خطيرة تتعلق بقضايا فساد وفضائح أمنية تورط فيها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وفريقه المقرب.
وقد تم رفع الحظر عن بعض تفاصيل القضية التي تتعلق بتسريبات وثائق ومستندات حساسة من قبل موظفي مكتب رئيس الوزراء، ما يكشف عن تلاعب خطير بالمعلومات التي تخص الأمن القومي الإسرائيلي وإدارة الحروب، بما في ذلك الحرب على غزة.
القضية أثارت جدلًا واسعًا ووصفت بالفضيحة غير المسبوقة في أروقة الحكومة، حيث تشير الوثائق المسربة إلى أن مكتب نتنياهو قام بتسريب مستندات تتعلق بالحرب على غزة إلى وسائل إعلام أجنبية، وذلك وسط تصاعد الشبهات حول تورط نتنياهو ومستشاريه في هذا التسريب.
الوثائق التي سربت تضمنت معلومات حساسة تتعلق بقيادة حركة حماس وعلى رأسها يحيى السنوار، حيث زعمت التسريبات أن السنوار لا يسعى لوقف الحرب، بل يستغل الوضع الحالي للضغط على حكومة نتنياهو لإبرام صفقة تبادل الأسرى.
وكشفت صحيفة “هآرتس” أن النيابة العامة الإسرائيلية تجري تحقيقًا واسعًا حول هذه التسريبات، حيث اشتبهت بأن المعلومات التي تم تسريبها تتعلق بوثائق استخباراتية تم تمريرها إلى صحيفتي “بيلد” الألمانية و”غويش كرونيل” البريطانية.
وتبين أن مستشارين من مكتب نتنياهو تواصلوا مع المحامي عميت حداد، الذي يترافع عن نتنياهو في ملفات الفساد التي يواجهها، في إشارة إلى احتمالية تورط أفراد من الدائرة المقربة لرئيس الوزراء في هذا الفعل المشبوه.
في هذه الأثناء، أكدت القناة 12 الإسرائيلية أن نتنياهو يعتزم تحميل بعض مستشاريه المسؤولية الكاملة عن هذه التسريبات. ويأتي هذا التصرف في إطار محاولة للتنصل من المسؤولية الشخصية عن الفضيحة والهروب من التداعيات القانونية التي قد تلاحقه. وقد أكدت إذاعة “كان-11” الإسرائيلية الرسمية أن جهاز الأمن العام “الشاباك” اعتقل عددًا من المشتبه بهم من مكتب رئيس الوزراء، ويجري التحقيق معهم بتهمة تسريب وثائق خطيرة تتعلق بالأمن القومي، وهو ما ينفيه مكتب نتنياهو.
ورغم نفي مكتب رئيس الوزراء تورط أي من طاقمه في هذا الفعل الخطير، تشير التسريبات إلى أن موظفًا بارزًا في مكتبه لم يخضع لفحوصات الأمن العام للحصول على التصنيف الأمني اللازم، ما سمح له بالاطلاع على مستندات ومعلومات سرية دون رقابة مشددة، وقد استمر في الحصول على المعلومات الحساسة رغم عدم تأهله لذلك.
ومن جانب آخر، حاول مكتب نتنياهو عبر بيان رسمي التنصل من المسؤولية والتأكيد على عدم تورط أي فرد من فريقه في هذه التسريبات، حيث زعم المكتب أن هذه الادعاءات تأتي في إطار حملة منظمة من قبل وسائل الإعلام الإسرائيلية لتشويه صورة رئيس الوزراء وديوانه، مشددًا على أن الهدف من عدم رفع الحظر الكامل عن القضية هو إعاقة التحقيق وتشويه الحقائق.
وفي هذا السياق، أشار رئيس المعارضة وزعيم حزب “هناك مستقبل”، يائير لبيد، إلى أن هذه القضية تفضح مدى ضعف العلاقة بين مكتب رئيس الوزراء والأجهزة الأمنية في إسرائيل. وأكد لبيد أن هذه الفضيحة تعكس جوهر الفساد الذي يتغلغل في مركز اتخاذ القرارات، ما يهدد الأمن القومي ويقوض ثقة الجمهور الإسرائيلي في قدرة القيادة السياسية على إدارة الأزمات الأمنية. وأوضح لبيد أن نتنياهو يحاول كالعادة التنصل من المسؤولية وإلقاء اللوم على الآخرين، رغم أن مكتبه هو المسؤول المباشر عن أي تسريب أو فشل في تأمين الوثائق الحساسة.
في الوقت نفسه، عبر بيني غانتس، رئيس “المعسكر الوطني”، عن موقف مماثل، محملًا نتنياهو المسؤولية الكاملة عن كل ما يحدث في مكتبه، سواء كان إيجابيًا أو سلبيًا. وشدد غانتس على أنه من غير المقبول أن تتم مثل هذه التسريبات دون أن يكون رئيس الوزراء على علم بها، مشيرًا إلى أن هذا الحادث يثير تساؤلات خطيرة حول مستوى الكفاءة في إدارة الأمن القومي داخل مكتب رئيس الوزراء.
القضية التي تم الكشف عنها تعد حلقة جديدة في سلسلة الفضائح التي تلاحق نتنياهو منذ فترة، حيث يواجه تهما بالفساد والرشوة في قضايا سابقة، والآن تأتي هذه التسريبات لتضيف المزيد من الشكوك حول نزاهته وقدرته على الحفاظ على سرية الوثائق الحساسة التي تتعلق بالأمن القومي لإسرائيل. إن هذه التطورات تزيد من حدة الضغوط السياسية والشعبية على نتنياهو، الذي بات يواجه تحديات متزايدة سواء من داخل حكومته أو من المعارضة التي تسعى لاستغلال هذه الفضيحة لإسقاط حكومته.
ويبدو أن هذه التسريبات ستظل تلقي بظلالها على المشهد السياسي في إسرائيل لفترة طويلة، حيث من المتوقع أن تؤدي إلى مزيد من التحقيقات وربما إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد المتورطين. ويبقى السؤال الأهم هو مدى قدرة نتنياهو على الخروج من هذه الأزمة بسلام، في وقت تزداد فيه المطالبات بمحاسبته وتحميله المسؤولية عن كل هذه الفضائح التي تهدد استقرار إسرائيل وأمنها.