مع الارتفاعات المتتالية في الأسعار، يئن المواطن المصري تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة، بينما الحكومة تلتزم الصمت وتترك الموقف يتفاقم دون تدخل حقيقي.
التصريحات الرسمية لا تسمن ولا تغني من جوع، والأسعار تواصل ارتفاعها بشكل جنوني، في وقت يعاني فيه المواطن من صعوبة العيش بكرامة.
وفي الوقت الذي يفترض أن تعمل الحكومة على حماية المواطن وتخفيف الأعباء، نجدها تتنصل من مسؤولياتها، ما يفتح الباب أمام التجار لاستغلال الظروف وفرض أسعارهم كما يحلو لهم، وكأنها أعطت لهم الضوء الأخضر لذبح المواطنين اقتصاديًا.
المواطنون في كافة أنحاء البلاد يصرخون من ارتفاع الأسعار الجنوني في كل شيء، من المواد الغذائية الأساسية إلى وسائل المواصلات والكهرباء والمياه. مع كل يوم يمر، يجد المواطن نفسه عاجزًا عن تلبية احتياجاته الأساسية.
الأسواق مشتعلة والفوضى تعم، في ظل غياب الرقابة الحكومية التي تركت التجار يعبثون بالأسعار دون رقيب أو حسيب. الموجات المتتالية من رفع أسعار الوقود كانت الشرارة التي أشعلت أزمة الأسعار. الحكومة بدلاً من أن تتحرك لضبط الأسواق، زادت الأمر سوءًا عندما رفعت تعريفة المواصلات العامة، ما جعل المواطنين يتساءلون: إلى متى سيظل هذا الصمت الحكومي؟.
البائعة المتجولة تعبر عن حجم المعاناة التي يعيشها المواطنون، حيث تشير إلى أن أسعار الخضروات والفاكهة تقفز بشكل يومي. الطماطم التي كانت تباع بـ 20 جنيهاً قفزت إلى 30 جنيهاً بعد زيادة أسعار الوقود، والباذنجان قفز سعره من 15 إلى 20 جنيهاً.
الفوضى تضرب الأسواق بشكل غير مسبوق، والتجار يستغلون الأزمات بحجة زيادة تكاليف النقل الناتجة عن ارتفاع أسعار الوقود. المواطنون لم يعودوا قادرين على شراء حتى أبسط احتياجاتهم اليومية، في ظل ارتفاعات متواصلة للأسعار من كل جانب.
وفي الشارع، تتعالى صرخات المواطنين الذين لا يجدون من يسمعهم. مع زيادة أسعار الوقود، استغل السائقون الموقف لزيادة تعريفة الركوب دون رقابة، ما أدى إلى تصاعد الغضب الشعبي واندلاع المشاجرات بين السائقين والركاب. الحكومة تقف متفرجة، وكأنها أعطت الضوء الأخضر للسائقين والتجار بزيادة الأعباء على المواطنين.
المواطنون يدركون أن الحكومة تنفذ تعليمات صندوق النقد الدولي دون أدنى اعتبار لتبعات هذه السياسات على حياة الناس اليومية. الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بزيادة أسعار الوقود دفعت المواطنين إلى اليأس، والعديد منهم اضطروا إلى تغيير نمط حياتهم بشكل كامل.
في إحدى القرى، لجأ السكان إلى استخدام الدراجات بدلًا من التوك توك لتفادي دفع أجرة الركوب التي تضاعفت بشكل غير معقول، في غياب تام لأي تدخل حكومي لفرض الأسعار المحددة من السلطات المحلية.
وفي الوقت الذي يتفاخر فيه المسؤولون بأن الأسعار لم تتأثر بشكل كبير برفع أسعار الوقود، الحقيقة على الأرض تؤكد عكس ذلك. أسعار اللحوم والدواجن قفزت بشكل غير مسبوق، إذ وصل سعر كيلو الدواجن إلى 90 جنيهاً، وسعر طبق البيض إلى 185 جنيهاً في الأسواق. بينما تظل الحكومة تردد نفس الأعذار والوعود دون أية إجراءات فعلية لتخفيف العبء عن كاهل المواطنين.
الأزمة تتجاوز مجرد ارتفاع الأسعار لتصل إلى مسألة الكرامة الإنسانية. الكثيرون ممن كانوا يعملون في وظائف حكومية محترمة اضطروا للعمل في وظائف أخرى لا تتناسب مع مؤهلاتهم لتغطية تكاليف الحياة المتزايدة.
أحد مديري المدارس مثلاً اضطر للعمل كحارس أمن في إحدى محطات المترو بعد ساعات عمله الرسمية لأن راتبه لم يعد يكفي لتغطية احتياجات أسرته. المواطنون يعانون من العجز أمام تكاليف الحياة التي لا ترحم، والحكومة تظل بعيدة عن همومهم ومعاناتهم اليومية.
الأزمة الاقتصادية الطاحنة لم تترك أي فئة من الشعب دون أن تلمسها. حتى الطلاب لم يسلموا منها، فقد أجبر طالب بكلية الطب على العمل سائق توك توك لتوفير نفقات تعليمه وتخفيف العبء عن أسرته.
هذه هي الصورة الحقيقية للمجتمع المصري اليوم، حيث يجد الجميع أنفسهم مضطرين للعمل في وظائف إضافية لسد الفجوة المتزايدة بين الدخل وتكاليف المعيشة.
في ظل هذه الأزمة، نجد أن كل الحلول المقدمة من الحكومة ليست سوى ترقيعات سطحية لا تعالج المشكلة من جذورها. الخبراء يحذرون من أن المزيد من الارتفاعات في الأسعار قادمة، ولن ينجو أي منتج من هذه الموجة.
الأوضاع الاقتصادية المتدهورة تهدد بزيادة نسبة البطالة إذا اضطرت الشركات إلى تقليص عدد العاملين بها أو تخفيض رواتبهم. الأزمات تتفاقم والناس لم يعد بإمكانهم العيش بكرامة في وطنهم.
مع زيادة الفقر وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية، نجد أن المواطن المصري أصبح يعيش في أضيق الحدود. الرواتب لم تعد تكفي حتى لأبسط الاحتياجات اليومية.
الكثيرون اضطروا للتخلي عن تلقي العلاج بسبب ارتفاع أسعار الأدوية، والمستشفيات لم تعد تستقبل إلا من يملك المال، وهو أمر لم يعد في متناول أغلبية الشعب.
الحكومة المصرية لم تتخذ أي خطوات حقيقية لتخفيف الأعباء عن المواطنين، بل إنها تواصل تنفيذ سياسات الإصلاح الاقتصادي التي تفرضها المؤسسات الدولية دون توفير أي حماية اجتماعية للفئات المتضررة.
الأزمة تتفاقم يومًا بعد يوم، والمواطن البسيط يدفع الثمن، بينما الحكومة لا تزال غارقة في وعودها وتصريحاتها الفارغة.