محكمة جنايات الأقصر تحيل أوراق سيدتين للمفتي بتهمة قتل الطفلة وسرقة ذهبها
في مشهد مروع يندرج تحت أبشع صور الجرائم الإنسانية، قضت محكمة جنايات الأقصر، برئاسة المستشار باسم عبد المنعم دسوقي، بإحالة أوراق سيدتين متهمتين بقتل الطفلة “جودي مصطفى عبد الرسول” وسرقة قرطها الذهبي إلى فضيلة المفتي، لتقديم الرأي الشرعي في القضية، وحددت المحكمة يوم الثالث من يناير من العام المقبل موعداً للنطق بالحكم.
القضية التي هزت أرجاء المحافظة بأكملها، شهدت تداعيات خطيرة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تمر دون أن يُحاسب عليها الجناة، فالتحقيقات كشفت عن تفاصيل مرعبة، تتجلى فيها أبشع صور الخيانة والانحراف. الجريمة وقعت في 24 يونيو الماضي في قرية الزينية التابعة لمركز الأقصر، عندما تلقت مديرية أمن الأقصر بلاغًا من شرطة النجدة يفيد بالعثور على جثمان الطفلة “جودي” البالغة من العمر ست سنوات ملقاة في مكان قريب من منزلها، وهي مكبلة بحبل داخل جوال بلاستيكي، وعليها آثار الخنق، بينما سرق الجناة قرطها الذهبي.
على الفور، انتقلت الأجهزة الأمنية إلى موقع الحادث، لتجد جثمان الطفلة جودي مرميًا بجانب منزلها، دون أي علامات تشير إلى أنها كانت قد تعرضت للاعتداء الجسدي المباشر أو غيره، سوى ما يدل على خنقها بواسطة الحبل ووجود مادة مخدرة في جسدها. ولم يكن قد خلت محاولات الجناة من تجنب أعين المارة والشرطة، بل عملوا على إخفاء معالم الجريمة بكل ما أوتوا من قدرة، لكن خيوط التحقيق كانت أشد فتكًا.
سعت الأجهزة الأمنية من خلال التحريات إلى كشف خيوط الجريمة، وكشفت التحقيقات الأولية عن أن القاتلات هن جارتا الطفلة المجني عليها. الأولى تدعى “ش.ع.أ” تبلغ من العمر 42 عامًا، والثانية تدعى “ع.ص.م.ح” وتبلغ من العمر 23 عامًا، وكانتا قد استدرجتا الطفلة إلى منزلهما بدافع سرقة قرطها الذهبي. الطفلة، التي كانت في طريقها إلى السوبر ماركت القريب من منزلها، لم تكن تعرف أن نهايتها ستكون على يد من كان من المفترض أن يكونا جيرانها الآمنين.
ووفقاً للتحريات، فقد قامت ابنتا المتهمة الأولى بإقناع الطفلة بدخول المنزل، حيث قدما لها مشروبًا يحتوي على مادة مهدئة جعلتها تشعر بالدوار وتفقد قدرتها على المقاومة. وبمجرد أن تراجع وعي الطفلة، بدأت المتهمة الثانية في مهاجمتها. حيث أمسكت بقطعة قماش مبللة بالماء ووضعتها على فم الطفلة، بينما كانت المتهمة الأولى تُثبت يديها في محاولة لمنعها من الهروب. وبينما كانت الطفلة تكافح بكل قوتها في محاولة النجاة من براثن القاتلات، فإن إرادتها لم تتحمل الضغوط، فانقضت عليها القاتلتان بكل وحشية.
وتكشف التحقيقات أن المتهمتين قد أغشي على الطفلة تمامًا بعد أن أجهزتا عليها بضربات قاتلة أوقعت بها جثة بلا حراك. وحين تأكدتا من وفاتها، قامت المتهمة الأولى بنزع الحلق الذهبي من أذن الطفلة لتتمكن من سرقته، ثم وضعتها في جوال بلاستيكي وقامتا بإخفاء جثتها في مكان نائي. كانت الجريمة محبوكة بعناية تامة لدرجة أن السلطات لم تتمكن من كشفها في وقتها إلا بعد قيام المحققين بتفصيل كل خطوة جرت في هذه الواقعة المروعة.
مما يثير الدهشة في هذا الحادث هو أن الطفلة “جودي” لم تكن سوى ضحية لطمع وحشية ارتكبتها سيدتان كانتا تدعيان الجيرة والصداقة. فبينما تتألم الأسرة المكلومة على فقدان طفلتها الصغيرة، لا يمكن للإنسان أن يتصور أي عقل قد يسمح لمثل هاتين المتهمتين بتنفيذ هذه الجريمة البشعة. وعلى الرغم من وحشية الجريمة إلا أن الأجهزة الأمنية استطاعت الوصول إليهن بفضل الله أولاً ثم بفضل يقظة رجال التحقيقات في مركز شرطة طيبة، الذين قاموا بربط الخيوط ببعضها حتى تم الوصول إلى الجناة.
محكمة جنايات الأقصر التي عقدت جلستها في حضور عدد من القضاة الأجلاء، قررت بالإجماع إحالة أوراق القضية إلى فضيلة المفتي لإبداء الرأي الشرعي في ما ارتكبتاه المتهمتان من جرم شنيع. وقد حددت المحكمة يوم الثالث من يناير المقبل للنطق بالحكم النهائي في القضية، مع استمرار حبس المتهمتين على ذمة القضية.