محكمة الجنايات في مصر ترفع أسماء 716 شخصًا من قوائم “الكيانات الإرهابية” في خطوة جديدة نحو تعزيز الحوار الوطني
أعلنت محكمة الجنايات في مصر عن قرارها برفع أسماء مئات الأشخاص من قوائم “الكيانات الإرهابية”، استجابة لتوجيهات رئاسية تهدف إلى مراجعة الموقف القانوني للأفراد المدرجين على هذه القوائم.
في خطوة تاريخية، شمل القرار نحو 716 شخصًا، مما يشير إلى توجه الحكومة المصرية نحو تحقيق التقارب وتعزيز الحوار الوطني. وأوضحت النيابة العامة المصرية أن هذا القرار يأتي في إطار التوجيهات لإجراء تحريات دقيقة حول نشاط الأفراد المدرجين، لتحديد ما إذا كانوا لا يزالون يمثلون تهديدًا للأمن القومي.
تم تحديث قائمة “الكيانات الإرهابية” والإرهابيين في مصر في 12 أغسطس 2024، حيث بلغ إجمالي عدد المدرجين عليها 4408 أشخاص، بينهم من هم داخل البلاد ومن هم خارجها. ومن الجدير بالذكر أن مدة الإدراج على قوائم الإرهاب تستمر لخمس سنوات، حيث يتم بعدها مراجعة القوائم من قبل محكمة الجنايات.
وقد أكدت النيابة العامة في بيانها يوم الأحد أنها قامت بتكليف الجهات الأمنية للتحقق من نشاط كافة المدرجين، تمهيدًا لرفع الأسماء التي تثبت تحرياتهم عدم استمرار نشاطهم الإرهابي.
وفي تعليق لها، قالت النيابة العامة: “إن مراجعة موقف المواطنين المدرجين على قوائم الإرهاب تأتي انطلاقًا من حرص الدولة على تعزيز قيم العدالة، وتأكيدًا على التزامها بترسيخ الأمن والاستقرار.”
وتسبب إدراج بعض الأسماء على قوائم الإرهاب انتقادات حقوقية، على اعتبار أنه بمثابة “إجراء تعسفي لقمع المعارضة”، خاصة بعد إدراج بعض الحقوقيين والمعارضين على قوائم الإرهاب خلال السنوات الماضية، من بينهم الناشط علاء عبد الفتاح، والمحامي الحقوقي محمد الباقر، والبرلماني السابق زياد العليمي.
وكان لاعب الكرة الشهير محمد أبوتريكة، من بين المدرجين على القائمة، ورغم الإعلان عن قبول طعنه وعدم تمديد إدراجه على قوائم الإرهاب، إلا أن اسمه مازال موجودا في القائمة التي اطلعت عليها بي بي سي.
ووفقا لقانون الكيانات الإرهابية الذي أصدره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في عام 2015، فإن كل من يتم إدراجه على قوائم الكيانات الإرهابية يتعرض لتجميد الأموال وحظر التصرف في الممتلكات الخاصة، والمنع من السفر وترقب الوصول، وحظر النشاط والتجميد بالنسبة للكيانات الاعتبارية وحظر التمويل داخليا وخارجيا.
كما يخضع الشخص المدرج على قوائم الكيانات الإرهابية لسحب جواز سفره أو إلغائه أو يُمْنَع من تجديده، سواء كان مقيما بالداخل أو الخارج، كما يفقد صفة “حسن السيرة والسلوك” اللازمة لتولي المناصب العامة والنيابية.
كيف يتم إدراج الشخص على قوائم الإرهاب في مصر؟
بحسب المادة رقم 1 من قانون رقم 8 لسنة 2015، يتم إدراج الشخص الطبيعي على قوائم الإرهاب في حال “ارتكب أو شرع في ارتكاب أو يحرض أو يهدد أو يخطط لجريمة إرهابية بأي وسيلة كانت، سواء بشكل منفرد أو في إطار مشروع إجرامي مشترك”.
ويشمل هؤلاء الأشخاص من يتولون مناصب قيادية أو إدارية في الكيانات الإرهابية أو يساهمون في أنشطتها أو يقومون بتمويلها.
ويوضح المحامي المصري أحمد إبراهيم، أن إعداد هذه القوائم يتم بعد تحقيقات ووجود أدلة ولا يتم “بشكل عفوي أو بدون أسانيد قانونية”.
وقال إبراهيم لبي بي سي، إن النائب العام في مصر هو من يشرف على التحقيقات ويقوم بإعداد قوائم الكيانات الإرهابية والأشخاص أيضا ويرفق بها نتائج التحقيقات والأدلة التي جمعتها فرق البحث وتأكدت منها فرق التحقيق، ويقدم النائب العام طلب إدراج الأشخاص على قوائم الإرهاب في دائرة خاصة بمحكمة الجنايات المصرية.
ووفقا للقانون فإن محكمة الجنايات هي من تفصل في الطلب إما بالموافقة أو الرفض، في مدة لا تزيد عن سبعة أيام عمل، على أن تكون مدة الإدراج في القوائم خمس سنوات فقط، ويُنشر القرار في الجريدة الرسمية.
ما هو الوضع القانوني للمدرجين على قوائم الإرهاب؟
فور صدور قرار المحكمة بالموافقة على إدراج أشخاص على قوائم الإرهاب، فإنهم يخضعون لعدة قيود قانونية، بحسب المحامي أحمد إبراهيم.
وتتمثل هذه القيود في إصدار مذكرة للقبض عليهم ومنعهم الفوري من السفر خارج مصر، إذا كانوا بالداخل، أما إذا كانوا خارج مصر يتم وضعهم على قوائم ترقب الوصول للقبض عليهم فور دخولهم مصر بأي طريقة.
إذا كانوا خارج مصر أيضا يتم سحب جوازات سفرهم إذا توجهوا لأي سفارة أو قنصلية خارج مصر، ولا يسمح بتجديد جوازات سفرهم مرة أخرى.
ويفقد الشخص المدرج على قوائم الإرهاب، ما يُعرف في القانون المصري بأنه “حسن السير والسلوك والسمعة”، وهو شرط موجود لتولى الوظائف العامة في الحكومة المصرية أو الترشح للمجالي النيابية، سواء البرلمانية أو على مستوى المحليات، طوال الخمس سنوات.
ويضيف المحامي المصري أحمد إبراهيم، أن “السلطات المصرية تبدأ إجراءات تجميد الأموال والأصول المملوكة لهذا الشخص بأثر فوري، ويستمر التجميد مدة خمس سنوات”.
خلال الخمس سنوات المدرج فيها اسم الشخص على قوائم الإرهاب تكون هناك إجراءات محاكمته “على الجرائم التي ارتكبها وفقا للقانون والتي تسببت في إدراج اسمه”، وقد يصدر خلالها حكم نهائي ضده.
ويؤكد إبراهيم أنه في حال انقضت مدة السنوات الخمس ولم يصدر ضده أية أحكام نهائية، “يتوجب على النائب العام التقدم بطلب جديد إلى محكمة الجنايات لتمديد إدراج اسم الشخص على قائمة الإرهاب”، وللمحكمة الحق في القبول أو الرفض.
ويضيف إبراهيم، أنه في حال التجديد يبقى الوضع على ما كان سابقا، أما لو رفضت المحكمة التمديد ورفعت اسم الشخص من قوائم الإرهاب، “تعود له حياته السابقة فيمكنه تولى المناصب الحكومية والترشح للبرلمان والمجالس المحلية”، ويستعيد أمواله المجمدة بالكامل، ويمكنه السفر في أي وقت.