تقاريرحوادث وقضايا

القبض على أخطر هاكر اخترق مؤسسات وباع بياناتها مقابل عملات مشفرة بملايين الدولارات

نجحت السلطات المصرية في توجيه ضربة موجعة لعالم الجرائم الإلكترونية عبر إلقاء القبض على أحد أخطر “الهاكرز” الذين تم تصنيفهم كتهديد متزايد للأمن الرقمي، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات، محلياً ودولياً.

هذا المتهم تفنن في استخدام أساليب متطورة لاختراق النظم الإلكترونية وسرقة البيانات الحساسة وبيعها مقابل مبالغ مالية كبيرة بالدولار الأمريكي، مدفوعة بالعملات المشفرة، مما يصعّب من عملية تتبع أثر هذه الجرائم ورصد الأموال الناتجة عنها.

تأتي هذه العملية النوعية كجزء من الجهود المستمرة التي تبذلها هيئة الرقابة الإدارية في مصر لمحاربة جرائم الاحتيال الإلكتروني التي أصبحت تشكل تحدياً متنامياً للدولة.

وأوضحت هيئة الرقابة الإدارية في بيان رسمي أنه تم القبض على شخص متورط في إنشاء منصات إلكترونية متخصصة في تقديم خدمات اختراق وتصيد احتيالي.

هذه الخدمات الخطيرة التي كان يقدمها المتهم تستهدف الأفراد والمؤسسات العامة والخاصة داخل مصر وخارجها. وأكدت التحريات أن هذا الشخص لم يقتصر على تقديم خدمات الاختراق وحسب،

بل كان يتخصص في توفير أدوات وبرامج ضارة موجهة خصيصاً لسرقة بيانات الأفراد والمؤسسات، وخاصة تلك المؤسسات التي تقدم خدمات مالية والتي كانت تُعد هدفاً رئيسياً له.

هذا الهاكر أنشأ مواقع مزيفة تنتحل هوية مؤسسات حقيقية تعمل في مجالات مختلفة، بما في ذلك المؤسسات المالية والمصرفية. وقد أتاح هذه المواقع المزورة للراغبين في الاستفادة من خدماته، حيث كان يبيعها لهم مقابل مبالغ مالية ضخمة تُدفع بالعملات الرقمية، وخاصة العملات المشفرة. الهدف من استخدام العملات المشفرة كان واضحاً، وهو تجنب تتبع العمليات المالية وتضليل الجهات المختصة التي تلاحق مثل هذه الأنشطة غير القانونية. هذه التقنية المعقدة في التعامل المالي أضفت صعوبة إضافية على عملية ملاحقته وتعقبه، حيث تُعتبر العملات المشفرة وسيلة مثالية لغسل الأموال وإخفاء الأنشطة الإجرامية المتعلقة بالاحتيال الإلكتروني.

التحريات كشفت تفاصيل خطيرة عن طبيعة هذه المنصات التي كان يديرها المتهم. فقد تبين أنها من بين أكبر المنصات العالمية المتورطة في تنفيذ هذه الجرائم خلال العام الحالي. وبلغ إجمالي التعاملات المالية لهذه المنصات مئات الآلاف من الدولارات، وهو رقم يوضح حجم التأثير والخطر الذي كان يشكله هذا المتهم على أمن المعلومات الشخصي والمؤسسي. وعلى الرغم من أن هذه الجرائم تُعتبر حديثة نسبياً مقارنة بأساليب الجريمة التقليدية، إلا أن تأثيرها المدمر على الاقتصاد وأمن الأفراد والشركات بات واضحاً بشكل جلي.

الجهات المختصة قررت إحالة هذا المتهم إلى نيابة الشؤون الاقتصادية وغسل الأموال التي باشرت التحقيقات في القضية. وبناءً على حجم وخطورة التهم الموجهة إليه، قررت النيابة إصدار أمر بحبس المتهم على ذمة التحقيقات. يتوقع أن تكون هذه القضية واحدة من القضايا الكبرى التي ستسلط الضوء على ضرورة تعزيز وسائل مكافحة الجريمة الإلكترونية في مصر والمنطقة.

ومن المهم الإشارة إلى أن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها في مصر. ففي الأسابيع الماضية، تمكنت الرقابة الإدارية أيضاً من القبض على عصابة منظمة تورطت في عمليات احتيال إلكترونية مختلفة. هذه العصابة كانت تعتمد على استدراج الشباب المصري للمشاركة في مراهنات إلكترونية غير قانونية تُدار من الخارج عبر عدد من المحافظات المصرية. تلك العمليات الاحتيالية كانت تستهدف استغلال حاجة الشباب إلى المال وتورطهم في أنشطة غير قانونية تعود على العصابة بأرباح طائلة.

في هذا السياق، تُظهر هذه القضايا مدى توسع نشاط الجرائم الإلكترونية في مصر والمنطقة، وضرورة وجود استراتيجيات جديدة وحازمة لمواجهة هذه التحديات المتزايدة. مع تقدم التكنولوجيا واتساع نطاق استخدامها في حياتنا اليومية، يبدو أن الجرائم الإلكترونية قد تجاوزت الحدود التقليدية للجريمة وأصبحت تهدد الأفراد والشركات وحتى الاقتصادات الوطنية بشكل مباشر. هذا الهاكر الذي تم القبض عليه كان نموذجاً لمدى قدرة الجرائم الإلكترونية على التأثير، ليس فقط على مستوى الفرد، بل على نطاق أوسع يشمل المؤسسات ذات الأهمية الكبيرة للدولة.

أصبحت الآن مواجهة هذا النوع من الجرائم أمراً حتمياً، ويجب أن تترافق مع تطور موازٍ في آليات وطرق التحقيق والتعقب الرقمي. فتزايد استخدام العملات المشفرة وأنظمة التشفير المعقدة يستدعي تجهيز فرق متخصصة قادرة على التصدي لمثل هذه التهديدات بكفاءة عالية. لا يمكن للدولة أن تواجه هذا الخطر المتزايد وحدها؛ إذ يجب أن يكون هناك تعاون دولي لملاحقة هؤلاء المجرمين، وخاصة أن الجرائم الإلكترونية غالباً ما تمتد عبر الحدود وتتداخل مع شبكات دولية معقدة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى