تقاريررياضة

مراكز الشباب في الدقهلية والغربية تعاني الإهمال وتقصير الخدمات لصالح الشباب

أصبحت مراكز الشباب في العديد من القرى والمدن بمحافظة الدقهلية مجرد لافتات معلقة على أسوار متهالكة لا تقدم أي قيمة حقيقية للشباب، في ظل الإهمال المتفشي في جميع جوانب تلك المراكز.

فبدلاً من أن تكون هذه المراكز الحاضنات التي تنمي مهارات الشباب وتوجههم نحو أنشطة رياضية وثقافية هادفة، تحولت إلى جثث هامدة يعمها الفساد وتتعرض للتهدم بمرأى ومسمع من الجميع.

تعيش مراكز الشباب في محافظة الدقهلية وضعاً مزرياً يتسم بالإهمال الشديد، حيث تتعرض الكثير منها للتهالك نتيجة نقص الدعم المادي والإداري، مما يساهم في تدهور بنيتها التحتية ويفقدها القدرة على خدمة الشباب.

فالمباني مهجورة، والأرضيات متهالكة، والحمامات غير صالحة للاستخدام، في حين أن معظم العاملين في تلك المراكز إما غائبين عن عملهم أو غير مؤهلين لإدارته.

من جانب آخر، فإن المرافق التي توجد في بعض المراكز لا تمت بأي صلة إلى الأنشطة التي ينبغي أن تقدمها، بل تجدها تشهد تحويل ملاعبها إلى ساحات مفتوحة لبيع الخضروات والفواكه من قبل الباعة الجائلين.

فالمرافق الرياضية التي كانت من المفترض أن تكون ملاذاً للرياضة والتسلية تحولت إلى مرافق مهملة تفتقر إلى أبسط احتياجاتها.

في قرية نوسا الغيط التابعة لمركز أجا، اشتكى الأهالي من تدني الخدمات التي يقدمها مركز شباب القرية، حيث تحولت أنشطته إلى مجرد أوراق مكتوبة على الورق دون تنفيذ على أرض الواقع.

وعلى الرغم من وجود عدد من الموظفين داخل المركز، فإن معظمهم لا يحملون أي أدوات للعمل، كما أن الملعب الوحيد المتاح في القرية لا يخدم أي نشاط رياضي جاد بسبب سوء حالته، لدرجة أن الشباب لا يذهبون إليه سوى لممارسة ألعاب الطاولة أو الدومينو على سبيل التسلية.

وتعاني قرية الغراقة، أيضاً، من تدهور في حالة مركز الشباب التابع لها. فالمبنى آيل للسقوط، والحمامات غير صالحة للاستخدام، والمدخل ليس سوى قطعة أرض ترابية، وهو ما دفع الشباب إلى إيقاف زياراتهم للمركز باستثناء من يتوجهون فقط لممارسة ألعاب الطاولة والدومينو.

أما في قرية شنشا التابعة لمركز أجا، فقد تم تدمير ملعب المركز بسبب الأمطار الغزيرة التي حولت أرضه إلى مستنقعات ومياه راكدة. وعلى الرغم من أن الأهالي طالبوا مراراً بضرورة تحسين الوضع وبناء ملعب حديث، فإن مسؤولي وزارة الشباب والرياضة لم يتحركوا لحل المشكلة.

هذا الوضع دفع الشباب إلى اللجوء إلى ملاعب القرى المجاورة لممارسة الرياضة، وسط تجاهل تام من المسئولين لاحتياجاتهم.

وفي قرية دملاش، تبقى المأساة مستمرة بعد أن تم هدم مركز الشباب منذ سبع سنوات ولم يتم بناءه مرة أخرى. وعلى الرغم من الجهود التي بذلها شباب القرية لاستصدار تراخيص لإعادة بناء المركز، إلا أن البيروقراطية الحكومية حالت دون تحقيق هذا الهدف، فظل المركز مهدمًا وأصبح ملعبه فارغًا لتتحول الأرض إلى ساحة لاستعمالات شخصية لأهالي القرية.

وفي قرية كفر الصلاحات التابعة لمركز بني عبيد، تحولت أرض مركز الشباب إلى سوق للخضار والفواكه. تلك الحالة ليست فقط نتيجة الإهمال، بل هي مثال صارخ على الفوضى التي تعيشها هذه المراكز. حيث يتم استخدام الأرض لأغراض غير رياضية، في وقت يطالب فيه الشباب بإعادة تأهيل الملاعب حتى يتمكنوا من ممارسة الرياضة.

أما في محافظة الغربية، فإن الوضع ليس أفضل حالاً، بل تكشف مراكز الشباب في تلك المحافظة عن كارثة حقيقية. مراكز الشباب التي يفترض بها أن تكون حاضنات للمواهب وتقديم الأنشطة المختلفة للشباب، أصبحت مغلقة في وجههم.

حيث أن الكثير من مراكز الشباب لم يتم تطويرها أو تجديدها منذ سنوات، وتحولت إلى هياكل فارغة تفتقر إلى الموارد والمرافق. ومن خلال الحديث مع عدد من الأهالي في بعض القرى مثل كفر سليمان، تبين أن مركز الشباب في تلك القرى يعاني من نقص شديد في الدعم المادي. فعلى الرغم من أن هناك شباباً يملكون رغبة حقيقية في ممارسة الرياضة والأنشطة الثقافية، إلا أن غياب الإمكانيات يجعل حلمهم مستحيلاً.

والمؤسف أن الوضع في معظم مراكز الشباب في الغربية لا يختلف عن بقية المناطق المتدهورة. إذ أن العديد من المراكز لا تمتلك حتى ملعبًا رياضيًا بسيطًا، رغم احتياج الشباب له.

وقد أشار بعض الأهالي إلى أن الحلول الوحيدة التي توفرت كانت عبر مساهمات فردية من بعض أبناء القرى الذين دفعوا من مالهم الخاص لتوفير أراضٍ وملاعب رياضية. لكن هذه الحلول الجزئية لا تلبي احتياجات الجميع، ولا تستطيع تعويض غياب الخدمات الأساسية.

وفي المراكز التي يتم تطويرها، تظل هناك تساؤلات حول الفائدة الحقيقية من هذه التطويرات. فالكثير من المراكز المطورة تعتمد على تأجير ملاعبها بمبالغ مرتفعة،

فيما لا يتم تقديم أي دعم حقيقي للأندية أو الأنشطة الرياضية على أرض الواقع. والأسئلة تظل قائمة: أين تذهب الأموال المحصلة من هذه الملاعب؟ ولماذا تقتصر هذه التطويرات على مراكز معينة دون غيرها؟

وتستمر معاناة الشباب في مختلف القرى والنجوع نتيجة لفساد الحكومة وتجاهل المسؤولين لاحتياجاتهم. فإلى متى سيظل هذا الوضع على ما هو عليه؟

ألا يستحق هؤلاء الشباب أن يجدوا في مراكزهم مأوى حقيقيًا يطورون فيه مهاراتهم ويقضون فيه أوقاتهم بدلاً من أن يواجهوا المصير المظلم في غياب الدعم والإشراف الحكومي الجاد؟

إن مراكز الشباب في الدقهلية والغربية تعكس صورة مريرة عن كيفية إهدار طاقات الشباب وإغلاق أبواب الأمل أمامهم في ظل فساد إداري وتقصير حكومي مستمر.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى