في مشهد يبعث على القلق، تعرض عدد من المواطنين في مدينة ملوي بمحافظة المنيا لاعتداءات شرسة من كلب مسعور، مما أسفر عن إصابة عشرات الأشخاص،
في حادث يعكس فشل الحكومة في التعامل مع مشكلة الكلاب الضالة وانتشارها في الأماكن السكنية، وغياب استراتيجية فعالة للحد من هذه الظاهرة التي تكرر حدوثها دون أي حلول جذرية.
الحادث الذي وقع في مدينة ملوي شهد هجوم كلب مسعور على مجموعة من المواطنين الذين كانوا في طريقهم لممارسة حياتهم اليومية. الهجوم المفاجئ أسفر عن إصابة عشرين شخصاً على الأقل، تم نقلهم على إثره إلى المستشفى لتلقي العلاج بعد تعرضهم لإصابات بليغة بسبب عضة الكلب.
استدعت الواقعة تدخل فرق الإسعاف وأفراد الشرطة الذين وصلوا إلى مكان الحادث في محاولة لاحتواء الوضع وإسعاف المصابين. ومع ذلك، فإن الحادث يكشف عن تقاعس صارخ من قبل السلطات المحلية في معالجة ظاهرة الكلاب الضالة التي باتت تشكل تهديداً حقيقياً لحياة المواطنين في العديد من المناطق.
إن تكرار مثل هذه الحوادث في مختلف أنحاء الجمهورية يثير العديد من الأسئلة حول جدية الحكومة في التعامل مع تلك القضية التي لا تقتصر على مركز واحد أو مدينة واحدة، بل أصبحت تهديداً يطال عدة مناطق في مصر. الحكومة رغم الجهود الإعلامية التي تبذلها للتأكيد على قدرتها على توفير الأمان للمواطنين، إلا أنها في الواقع تواصل فشلها في القضاء على الظواهر الصحية المهددة للحياة مثل انتشار الكلاب المسعورة.
من المفارقات أن الإجراءات التي يتم اتخاذها من قبل الجهات المعنية غالباً ما تكون محدودة للغاية وغير فعالة. على الرغم من ارتفاع أعداد الإصابات سنوياً بسبب الكلاب الضالة، إلا أن الحلول المقدمة لا تواكب حجم الخطر، بل إن هذه الظاهرة تستمر في الانتشار بشكل غير مسبوق. التقارير الواردة من عدة مناطق تشير إلى أن السلطات غالباً ما تتأخر في التحرك أو تتعامل مع المشكلة بشكل جزئي، مما يزيد من تفاقمها بدلاً من تقليصها.
ما يزيد الطين بلة هو غياب التشريعات الصارمة التي تضع حداً لانتشار الكلاب الضالة، بالإضافة إلى ضعف الرقابة على الأسواق المحلية التي تتاجر بهذه الحيوانات. فعلى الرغم من الأضرار الصحية والنفسية التي تسببها هذه الحيوانات للمواطنين، فإن الحكومة لم تضع آليات واضحة لاحتواء الأزمة، بل اكتفت بإجراءات سطحية لا تسهم في حل المشكلة جذرياً. إن غياب حملات التوعية حول كيفية التعامل مع الكلاب الضالة، وإغلاق بعض الأماكن المخصصة للعناية بهذه الحيوانات، يعكس مستوى الإهمال الذي تعاني منه إدارة الأزمة.
إن فشل الحكومة في توفير حلول فعالة لهذه القضية يضع المواطنين في مواقف صعبة وخطيرة. فنقص الوعي الاجتماعي حول مخاطر الكلاب المسعورة، بالإضافة إلى ضعف القدرات الإدارية في معظم المدن والقرى، جعل من هذه الحوادث أمراً متكرراً في حياة الكثيرين. إذ من غير المقبول أن تتعرض مجموعة من المواطنين للاعتداء من كلب مسعور في وقت يعيش فيه البلد حالة من الركود الإداري، فضلاً عن إغفال حلول واقعية تحمي حياة الأفراد وتضمن سلامتهم.
إن التعامل مع هذه الظاهرة يجب أن يكون بمنهج شامل يبدأ بتشريعات قانونية صارمة تجرم ترك الكلاب الضالة تتجول في المناطق السكنية، إلى جانب تخصيص ميزانيات مناسبة لتنفيذ عمليات تعقيم وتحصين هذه الحيوانات. يجب أن تشمل الحلول أيضاً تفعيل دور فرق متخصصة في جمع الكلاب الضالة ورعايتها في أماكن مخصصة لها، مع رفع مستوى الوعي لدى المواطنين حول كيفية الوقاية من هذه الكلاب وكيفية التصرف في حال التعرض للهجوم. أما بالنسبة للمستشفيات، يجب أن تتوافر كافة الإمكانيات الطبية اللازمة لمعالجة حالات الإصابة على الفور وتوفير الأدوية اللازمة لتفادي تفشي الأمراض التي قد تنقلها هذه الكلاب.
لقد أصبح من الواضح أن الحكومة، رغم تصريحاتها المتكررة عن تحسين الأوضاع الصحية في البلاد، تظل عاجزة عن اتخاذ خطوات ملموسة لمكافحة ظاهرة الكلاب المسعورة، ويعكس هذا الفشل المستمر إما نقص الإرادة السياسية أو تقاعس المسؤولين الذين يواصلون تجاهل هذه المشكلة رغم تكرار الحوادث. ما شهدته مدينة ملوي ليس سوى حلقة جديدة في سلسلة من الإهمال الحكومي الذي بات يهدد حياة المواطنين ويضعها في خطر مستمر.