عربي ودولى

مراقبون: قرار “الجنائية الدولية” اعتقال نتنياهو وغالانت مرحلة جديدة في تاريخ “إسرائيل”

قرار الجنائية الدولية يضع نتنياهو وغالانت في قفص الاتهام: تحول في مشهد الاحتلال الإسرائيلي

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، مما أثار جدلاً واسعاً حول شرعية الاحتلال الإسرائيلي وتداعيات الحرب في غزة. يرى مراقبون أن هذا القرار يعد بمثابة انهيار لمزاعم الاحتلال حول ديمقراطيته.

هذا الاعتقال يعتبر نقلة نوعية في مجرى الأمور، حيث ضربت الجنائية الدولية بالضغوطات السياسية عرض الحائط، ووضعت نتنياهو الذي كان يُعتبر قائدًا منتخبًا في قلب الطاولة. إن ما كان يُعتبره الكثيرون مجرد دعوات لوقف الأعمال العدائية، أصبح الآن مدعومًا بإجراءات قانونية من أعلى هيئة قضائية دولية.

كما أن مراقبين آخرين يرون أن هذه الخطوة تعكس بداية عصر جديد يكتسب فيه المجتمع الدولي الشجاعة الكافية لمحاسبة القادة المتورطين في الجرائم ضد الإنسانية، وهو الأمر الذي كان يتم تجاهله في السابق.

“إن القرار يعد بداية نهاية الإفلات من العقاب، وسيكون له تأثيرات بعيدة المدى على السياسات الإسرائيلية”، يقول أحد المحللين السياسيين. “لم يعد بإمكان العالم أن يغض الطرف عن الجرائم التي تُرتكب تحت ستار الدفاع عن النفس”.

وعدّ المحامي والخبير القانوني الفلسطيني المقيم في قطر، معتز المسلوخي، قرار الجنائية الدولية “تطورًا تاريخيًا ومهمًا للغاية في مسيرة المحكمة، بل وفي تاريخ البشرية جمعاء… وهو يوم أسود في تاريخ الكيان ومجرمي الحرب” وفق ما يرى.

وأكد أن هذه المذكرات “بداية لفتح الباب أمام ملاحقة مجرمي الحرب، ومرتكبي الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”.

وأشار إلى أنه “من الواضح أن الأمر لن يتوقف عند نتنياهو وليبرمان فقط؛ إذ سبق تقديم قائمة تضم 44 اسمًا لمسؤولين إسرائيليين إلى المدعي العام، ومن المتوقع أن تتسع هذه القائمة لاحقًا”.

وأوضح أنه بموجب نظام روما الأساسي، وتحديدًا المادة 89، فإن الدول الـ124 الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية ملتزمة قانونيًا بتنفيذ هذه الأوامر، “ما يعني القبض على نتنياهو وغالانت فور وصولهما إلى أراضيها”.

وتوقع المسلوخي أن يفرض هذا التطور ضغطًا كبيرًا على نتنياهو وغالانت “وقد شاهدنا بالفعل ردود فعل من بعض الدول الأوروبية مثل هولندا وفرنسا، ومن المتوقع أن تعلن دول أوروبية أخرى تأييدها لقرار المحكمة تباعًا. ويجدر الإشارة إلى أن هذا التزام قانوني ملزم، وليس اختيارًا للدول الأعضاء”.

ولفت إلى أنه “أصبح من المستحيل على نتنياهو أن يسافر إلى 100 بالمئة من الدول الأوروبية الغربية، حيث تشمل القائمة 25 دولة أوروبية وغربية لا يمكنه دخولها دون مواجهة خطر الاعتقال”.

بدوره تحدث الباحث القطري في الشؤون السياسية طلال السادة، عن أهمية القرار على المستوى الشعبي والإعلامي والسياسي، وقال إن “مشوار الشعب الفلسطيني طويل… وعلينا نتحمل ونصبر قليلاً”.

وأضاف إنه “على المستوى الشعبي المفهوم السائد هو أن إسرائيل، وقادتها محميون من العالم كله… لكن هذا القرار يرفع معنوياتنا كثيرًا”.

واستطرد “أما على الصعيد الدولي، فإن هذا الأمر (قرار الجنائية الدولية) يحدث تغييرًا تاريخيًا ملحوظًا في الرأي العام الدولي، وخاصة في الولايات المتحدة وبقية العالم الغربي. ومنذ بداية هذا القرار، هناك تغير واضح في المواقف”.

وأشار إلى أنه “عندما يأتي هذا القرار من مؤسسات قانونية، فإنه يكون مختلفًا تمامًا، لأن السياسة مجال للمناورة والدعاية والكذب، لكن على المستوى القانوني، يكون الأمر صعبًا للغاية” وفق قوله.

وفيما يتعلق بمستقبل هذا القرار، أوضح أن هناك فارقاً تاريخياً فيه. قائلا: نحن منذ عام 1948، تعودنا أن تلك الدولة بعيدة عن المحاسبة، وقادتها بعيدون عن المساءلة… أما اليوم فإن الرأي العام الغربي بدأ يدرك التناقض بين شعارات القانون وحقوق الإنسان من جهة، وما يحدث على الأرض من جهة أخرى. وهذا الوعي بدأ يتزايد”.

وأصدر قضاة في المحكمة الجنائية الدولية، يوم الخميس 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وتأتي الخطوة بعد أن أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان في 20 أيار/مايو أنه يسعى إلى استصدار أوامر اعتقال بتهم ارتكاب جرائم مرتبطة بالهجمات التي شنتها حركة “حماس” على إسرائيل في السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023 والرد العسكري الإسرائيلي في غزة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى