فضيحة فساد في قصور الثقافة تكشف تواطؤ وزارة الثقافة وتعيينات بالوساطة
حصل موقع “أخبار الغد” على نسخة من تظلم قدمه محمد محمد حجازي الزهري، وهو أخصائي ثقافي ببيت ثقافة جهينة، إلى الهيئة العامة لقصور الثقافة بشأن قرار تعيين مروان محمد السيد مديرًا لبيت الثقافة.
ما حدث هنا ليس مجرد قرار إداري خاطئ بل هو تلاعب فاضح بالمعايير والقوانين، حيث أكدت الهيئة العامة لقصور الثقافة نفسها أن مروان لا يستوفي الشروط اللازمة لشغل المنصب.
ولكن الكارثة الأكبر تكمن في ضياء مكاوي، القائم بأعمال رئيس إقليم وسط الصعيد الثقافي، الذي تجاهل قرارات الهيئة وقام بتعيين مروان دون أي صلاحية قانونية تخوله ذلك، في خطوة تكشف عمق الفساد والمحسوبية داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة.
تعيين مروان محمد السيد لم يكن بناءً على الكفاءة، بل تم عبر تلاعب واضح بالقوانين، حيث إن ضياء مكاوي تجاوز كل الأعراف والأحكام وعيّن مروان رغم افتقاره للمؤهلات المطلوبة.
هذه الخطوة لا تمثل سوى جزء من شبكة فساد أوسع تتغلغل في الهيئة العامة لقصور الثقافة، والتي يبدو أنها تعمل لصالح فئة معينة دون احترام للمعايير أو القوانين، وفي ظل غياب كامل لرقابة وزارة الثقافة التي تقف عاجزة أمام هذا التلاعب المستفز.
محمد حجازي، وهو الشخص الذي تنطبق عليه كافة الشروط لتولي هذا المنصب، لم يسكت عن هذا الفساد. فقد قدم تظلمه إلى الهيئة العامة لقصور الثقافة مطالبًا بحقوقه المشروعة.
حجازي حاصل على ليسانس لغة عربية ومجموعة نوعية (فنون)، وهو مؤهل بشكل كامل لشغل منصب مدير بيت الثقافة، حيث إنه قضى أكثر من خمس سنوات في درجته الوظيفية السابقة، ما يجعله متفوقًا بشكل واضح على مروان الذي لا يحمل سوى بكالوريوس تجارة شعبة تمويل ومحاسبة، وهو مؤهل لا يمت بأي صلة للمجال الثقافي.
لكن المفارقة المهينة هي أن الهيئة العامة لقصور الثقافة لم تكتف بعدم البت في التظلم لصالح حجازي، بل قامت بشكل غير منطقي بإحالة التظلم نفسه إلى ضياء مكاوي، الشخص المشكو في حقه، ليصبح الخصم هو الحكم.
وفي استجابة سريعة ومريبة، قام ضياء مكاوي بالرد على التظلم مبررًا أن محمد حجازي لا يستوفي الشروط اللازمة لتولي المنصب، رغم أن كل الأدلة تثبت عكس ذلك.
هذا التصرف لا يمكن تفسيره إلا بوجود شبكة فساد عميقة تستغل المناصب لصالح أشخاص معينين بناءً على الوساطة والمحسوبية، في مشهد يفضح حجم الانهيار الإداري الذي تعاني منه الهيئة العامة لقصور الثقافة.
في التفاصيل التي تضمنها تظلم محمد حجازي، أوضح أن عملية الهيكلة التي أقرتها الهيئة العامة لقصور الثقافة كانت في الأساس تهدف إلى تصحيح الأوضاع، ولكنها على العكس تمامًا، أصبحت ذريعة لترسيخ الفساد.
فقد تم استدعاؤه بناءً على قاعدة بيانات الهيئة، وأُخبر بأنه مؤهل لتولي منصب مدير بيت ثقافة جهينة، ولكن وبعد سلسلة من التلاعبات والتدخلات، تم تعيين مروان محمد السيد الذي لا يملك أدنى مؤهل يسمح له بشغل هذا المنصب الحساس.
هنا يظهر بوضوح كيف أن المحسوبية والوساطة أصبحتا الأساس في توزيع المناصب داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة، بينما يتم تهميش الكفاءات الحقيقية وتجاهلها بشكل مهين.
هذه الفضيحة تعكس مدى تقاعس وزارة الثقافة عن القيام بدورها في الرقابة والإشراف على الهيئة العامة لقصور الثقافة، فبدلاً من التدخل الفوري لتصحيح هذا الوضع المشين، نجد الوزارة تتخذ موقف المتفرج، وكأن ما يحدث من فساد وتلاعب بالمناصب ليس من اختصاصها.
أين الوزارة من هذه الكارثة؟ وأين الرقابة المطلوبة لضمان أن تتولى الكفاءات الحقيقية المناصب بدلاً من التعيينات القائمة على الوساطة والمحسوبية؟ ما يحدث في الهيئة العامة لقصور الثقافة هو جريمة في حق الثقافة المصرية بأكملها، ويكشف عن انهيار شامل في منظومة الإدارة داخل المؤسسات الثقافية.
في رد الهيئة العامة لقصور الثقافة الذي حصل عليه موقع “أخبار الغد“، تم رفض التظلم الذي قدمه محمد حجازي بدعوى أن الشروط لا تنطبق عليه، وهو أمر غير مقبول بكل المقاييس، خاصة في ظل الأدلة الواضحة على مؤهلاته التي تجعله الأكثر استحقاقًا لهذا المنصب.
الرد الذي جاء بعد عرض الموضوع على لجنة الموارد البشرية، والذي صدر بإجماع اللجنة، يكشف بوضوح أن هذه اللجنة نفسها قد تكون جزءًا من المشكلة، حيث لم تقم بواجبها في مراجعة المؤهلات بشكل عادل ونزيه.
كل هذا يوحي بأن الهيئة العامة لقصور الثقافة أصبحت مؤسسة خاضعة لنفوذ شخصيات معينة تسعى لتحقيق مصالحها على حساب المصلحة العامة.
هذا التعيين غير القانوني ليس حادثة فردية، بل هو نموذج لثقافة الفساد والمحسوبية التي تتغلغل في كافة مستويات الإدارة داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة، مما يؤدي إلى تدمير المؤسسات الثقافية وإفقادها لأهميتها ودورها في المجتمع.
إن بقاء الوضع على ما هو عليه يمثل تهديدًا حقيقيًا لمستقبل الثقافة في مصر، ويحتاج إلى تدخل فوري من الجهات العليا لإعادة الأمور إلى نصابها.
وزارة الثقافة تتحمل مسؤولية هذا الانهيار الفاضح. فغيابها التام عن المشهد هو ما سمح بتفشي هذه الممارسات المشينة داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة.
إن السماح بتعيين مدير غير مؤهل على أسس الوساطة والمحسوبية هو جريمة يجب محاسبة كل المسؤولين عنها. وإذا لم تقم وزارة الثقافة بدورها في إصلاح هذه الأوضاع الكارثية، فإنها ستكون شريكًا مباشرًا في هذا الفساد وستتحمل المسؤولية الكاملة عن انهيار المؤسسات الثقافية في البلاد.
لا يمكن السكوت على هذا الفساد أكثر من ذلك. يجب على الدولة التحرك بشكل حازم وفوري لفتح تحقيقات شاملة في كل ما يجري داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة، وإقالة كل من يثبت تورطه في هذه الممارسات الفاسدة، من أعلى الهرم إلى أدناه.
مصر بحاجة إلى مؤسسات ثقافية نزيهة تعمل على نشر المعرفة والحفاظ على التراث الثقافي، وليس مؤسسات تسير وفقًا لأهواء شخصيات فاسدة تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة.