زيلينسكي يصف استخدام روسيا لصاروخ جديد بالتصعيد الخطير ويطالب برد دولي حاسم
أطلقت موسكو مؤخراً صاروخاً جديداً وصفه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنه “تصعيد مروع” يعكس تفاقم وحشية الحرب بشكل غير قابل للسيطرة في خطوة غير مسبوقة تؤكد على حجم التهديد الذي تمثله روسيا في النزاع القائم مع أوكرانيا.
الصاروخ الذي أُطلق عليه اسم «أوريشنيك» أو «البندق»، هو صاروخ باليستي متوسط المدى فرط صوتي، يتميز بسرعته التي تتجاوز عشرة أضعاف سرعة الصوت، ويُصنف على أنه سلاح قادر على حمل رؤوس نووية متعددة.
هذه الخطوة تأتي في وقتٍ حساس، حيث يعاني الشعب الأوكراني من ويلات الهجمات المستمرة التي تنفذها القوات الروسية على الأراضي الأوكرانية، في ظل دعم غربي متزايد لأوكرانيا في مواجهتها ضد العدوان الروسي.
روسيا، عبر هذه الخطوة، لا تكتفي بتحدي المجتمع الدولي بل تواصل التصعيد غير المبرر في حربها العدوانية ضد أوكرانيا. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أعلن عن إطلاق هذا الصاروخ الجديد، لم يتردد في استخدامه كوسيلة للتهديد الموجه للغرب، خاصة الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو.
الصاروخ، الذي تم تطويره أساساً لاستخدامه مع رؤوس حربية نووية، يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي في أوكرانيا وأوروبا ككل. بوتين أكد أن هذا الإطلاق جاء رداً على قيام أوكرانيا باستخدام صواريخ أمريكية الصنع من طراز ATACMS ونظام Storm Shadow البريطاني الفرنسي، ما دفعه إلى إرسال “رسالة قوية” للغرب مفادها أن موسكو لن تظل مكتوفة الأيدي أمام تصعيد الأوضاع.
من جانبها، وصفت كييف هذا التصعيد الروسي بأنه تجاوز غير مقبول للحدود، مؤكدين أن الرد سيكون حاسماً، وأن أي محاولة لتهديد أمن أوكرانيا لن تمر دون عقاب.
وزير الخارجية الأوكراني، هيورهى تيخي، دعا المجتمع الدولي بسرعة اتخاذ موقف حازم، مشيراً إلى أن روسيا باستخدام هذا الصاروخ قد انزلقت إلى مستوى الدول المارقة مثل كوريا الشمالية التي تعمد إلى تهديد جيرانها وترويع العالم باستخدام صواريخ نووية.
وأضاف أنه إذا تأكد أن الصاروخ الذي استخدمته روسيا هو صاروخ باليستي عابر للقارات، فإن ذلك يمثل تهديداً غير مسبوق للأمن الدولي.
من خلال التصريحات المتبادلة بين قادة الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، وبين موسكو، يبدو أن الصراع في أوكرانيا يزداد تعقيداً وخطورة. روسيا على لسان بوتين اتهمت الولايات المتحدة بتدمير نظام الأمن الدولي، معلنة أن “التصعيد الذي بدأه الغرب في أوكرانيا” لن يمر دون رد حاسم.
الرئيس الروسي أكد في خطاباته الأخيرة أن بلاده ستظل على استعداد لحل النزاع بالطرق السلمية، لكن في نفس الوقت لا تمانع في التصعيد في حال تم تهديد أمنها، وهو ما يتجسد بوضوح في التجارب الصاروخية الأخيرة.
في سياق آخر، أكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن روسيا لم تكن ملزمة بتحذير الغرب بشأن تجربة هذا الصاروخ، إلا أنها اختارت إعلام الولايات المتحدة مسبقاً من خلال المركز الوطني للحد من المخاطر النووية، ما يهدف إلى تجنب أي سوء فهم قد يتسبب في تصعيد فوري.
ومع ذلك، فإن الحلفاء الغربيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي رفضوا هذا التهديد الروسي جملة وتفصيلاً. الناتو أكد بشكل قاطع أن هذا الإطلاق لن يغير من عزمه في دعم أوكرانيا في مقاومتها للغزو الروسي، مشيراً إلى أن روسيا تسعى من خلال هذه التصعيدات إلى إرهاب المدنيين الأوكرانيين وداعميهم الغربيين.
الخبراء العسكريون من جانبهم وصفوا الصاروخ الروسي الجديد بأنه يشكل تهديداً خطيراً للأمن العالمي. جيمس أكتون، مدير مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، أوضح أن هذا النوع من الصواريخ لا يمثل تهديداً لأوكرانيا فقط، بل لكل أوروبا.
سرعة الصاروخ العالية، وقدرته على حمل رؤوس نووية متعددة، تجعله سلاحاً يصعب على الأنظمة الدفاعية التصدي له، ما يثير المخاوف من أن روسيا قد تكون تستعرض قوتها العسكرية استعداداً لأيام قادمة قد تشهد تصعيداً غير مسبوق.
من جهة أخرى، يعتبر المسؤولون العسكريون الأمريكيون أن روسيا بهذه الخطوة تحاول وضع العالم أمام خيارين: إما أن يخضع الغرب للتهديدات الروسية، وإما أن يدفع ثمن تمسكه بدعمه لأوكرانيا.
ولكن الكرملين أكّد أن هذا السلاح الجديد يهدف بشكل أساسي إلى الرد على الضغوط العسكرية الغربية، خصوصاً تلك المتمثلة في السماح لأوكرانيا باستخدام أسلحة غربية بعيدة المدى، ما اعتبرته موسكو تهديداً مباشراً لأمنها القومي.
وفي الوقت الذي تواصل فيه روسيا تصعيدها العسكري، يبقى الموقف الأوكراني ثابتاً. الرئيس زيلينسكي أطلق تحذيرات شديدة اللهجة، مؤكداً أن بلاده لن تستسلم أمام هذه التهديدات، وأن المجتمع الدولي يجب أن يتكاتف للرد على هذه التصعيدات الروسية بشكل حاسم.
وقال زيلينسكي إن روسيا إذا كانت تعتقد أن صواريخها ستخضع أوكرانيا أو تدفعها للتراجع، فإنها واهمة، مؤكداً أن كييف ستواصل القتال حتى تحرير كل شبر من أراضيها.
التطورات الأخيرة تؤكد أن الصراع في أوكرانيا أصبح في مرحلة جديدة من التصعيد الخطير. روسيا، باستخدام هذا الصاروخ الجديد، تدفع العالم بأسره نحو حافة الهاوية، ويبدو أن الطريق الوحيد للتعامل مع هذا التصعيد هو أن يكون الرد الدولي على تهديداتها أكثر حدة وحسماً.