أوكرانيا تستخدم صواريخ بريطانية ضد روسيا بعد يوم من ضرب صواريخ أتاكمز
في خطوة لم تكن مفاجئة لكنها جاءت في توقيت حساس، أطلقت القوات الأوكرانية صواريخ من طراز “ستورم شادو” البريطانية ضد أهداف عسكرية روسية في عمق الأراضي الروسية.
هذه الهجمات جاءت بعد يوم واحد فقط من قيام كييف باستخدام صواريخ “أتاكمز” الأميركية، في تطور نوعي يعلن عن مرحلة جديدة في الصراع المستمر.
والمفارقة أن هذا الهجوم يأتي بعد أشهر من الطلبات الأوكرانية المتكررة للحصول على هذه الأسلحة بعيدة المدى، فيما كانت العواصم الغربية تتردد في الاستجابة، خوفًا من ردود فعل موسكو. لكن الأمر تغير الآن، إذ حصلت كييف على الضوء الأخضر من لندن، في خطوة قد تغير معادلة الحرب بشكل جوهري.
في تفاصيل الهجوم، أكدت مصادر مطلعة أن أوكرانيا أطلقت عدة صواريخ من طراز “ستورم شادو” التي يتجاوز مداها 250 كيلومترًا، حيث استهدفت بها منشآت عسكرية روسية.
ورغم أن كييف ولندن لم تؤكدا هذه المعلومات بشكل رسمي، إلا أن القناة الروسية “تو ميجرز” على “تليغرام” نشرت صورًا لبقايا صواريخ قالت إنها كانت تحمل بوضوح اسم “ستورم شادو”، وأشارت إلى أن الهجمات استهدفت منطقة كورسك الروسية، وهو ما يؤكد وقوع الهجمات.
التقارير كشفت أن المملكة المتحدة وافقت على استخدام هذه الصواريخ ضمن رد فعل على تصاعد الدعم الروسي من قبل كوريا الشمالية، وهو ما دفع لندن إلى تقديم هذا السلاح للجيش الأوكراني.
واعتبرت بعض وسائل الإعلام أن هذا التصعيد يمثل مرحلة جديدة في تعامل الغرب مع الصراع الدائر، إذ تزايدت الخطوات العسكرية النوعية التي يتخذها حلفاء أوكرانيا ضد روسيا.
مساعدات أميركية تثير الجدل: الألغام المضادة للأفراد تصل إلى كييف
من جهة أخرى، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الألغام المضادة للأفراد التي أرسلتها الولايات المتحدة تعتبر “مهمة للغاية” في التصدي للتقدم الروسي في شرق أوكرانيا.
في وقت سابق، أكدت الإدارة الأميركية على أنها ستزود أوكرانيا بهذه الألغام التي تحتوي على آلية تدمير ذاتي بعد فترة من الزمن، وهو ما يسهم في تقليل المخاطر التي قد تشكلها هذه الألغام على المدنيين.
يأتي هذا التحرك الأمريكي رغم الانتقادات التي وجهتها منظمات حقوق الإنسان التي تطالب بوقف توريد الألغام إلى أي طرف في النزاع.
في تصريحات صحفية، أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أن القرار الأميركي بتزويد أوكرانيا بالألغام جاء في ضوء تغيّر تكتيك القوات الروسية على الأرض.
فمع تحول العمليات العسكرية الروسية إلى هجمات برية تعتمد على القوات البرية بشكل أكبر، بات من الضروري تزويد أوكرانيا بأسلحة تساعد على إبطاء هذه الهجمات، وهو ما يمكن أن توفره الألغام “غير الدائمة”.
وبحسب أوستن، فإن هذه الألغام تمثل الحل الأمثل لإبطاء التقدم الروسي، خصوصًا في ظل الظروف العسكرية المتغيرة في الميدان.
ميركل تفتح النار: لماذا سعت لعرقلة انضمام أوكرانيا للناتو؟
وسط تصاعد التوترات بين روسيا والغرب، فجرت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل مفاجأة غير متوقعة عبر مذكراتها المرتقبة. في كتابها “الحرية.. ذكريات 1954-2021″، كشفت ميركل أنها سعت إلى إبطاء انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي أثناء فترة ولايتها، بسبب مخاوف من التصعيد العسكري مع روسيا.
وبينما كانت الدول في شرق ووسط أوروبا تحرص على انضمام أوكرانيا السريع إلى الناتو، كانت ميركل ترى أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تهديدات مباشرة على الأمن الأوروبي، مشيرة إلى التوترات الحادة في منطقة البحر الأسود، حيث تسيطر روسيا على شبه جزيرة القرم.
رغم أن نسبة دعم الانضمام للناتو كانت منخفضة وسط الأوكرانيين في ذلك الوقت، إلا أن ميركل اعتبرت أن توسع الحلف في هذه المنطقة سيكون بمثابة تحدٍ مباشر للمصالح الروسية، ما قد يزيد من تعقيد الموقف.
وأوضحت أن ذلك قد يتسبب في مخاطر على الأمن الأوروبي، حيث لم يكن أي مرشح سابق للانضمام إلى الناتو يواجه تعقيدات عسكرية مماثلة، مثل تلك الموجودة في أوكرانيا جراء الاحتلال الروسي للقرم.
روسيا ترد: تهديدات نووية جديدة وتحذيرات من “نهاية العالم”
على وقع التصعيد العسكري المستمر، أقر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرًا تحديثًا على عقيدته النووية، حيث أعلن أنه سيكون مستعدًا لاستخدام الأسلحة النووية في حالة تعرض روسيا لتهديد وجودي.
هذا الإعلان جاء وسط سلسلة من التصريحات التي تندد بزيادة التوترات العسكرية في أوكرانيا بعد استخدام الصواريخ بعيدة المدى ضد الأراضي الروسية. في هذا السياق، وُجهت انتقادات شديدة من واشنطن لهذا التصعيد، حيث اعتبرت أنه يشكل تهديدًا غير مسؤول، يهدد الأمن العالمي بشكل كبير.
لكن الأمر الذي أثار قلقًا أكبر هو ما يعرف بـ”نظام اليد المميتة”، أو “آلة يوم القيامة”، الذي طوّرته روسيا في فترة الحرب الباردة. هذا النظام يتيح لروسيا إطلاق مئات الصواريخ النووية بشكل تلقائي، حتى في حال تم القضاء على جميع القادة الروس.
في حالة وقوع هجوم نووي ضد البلاد، وغياب الرد الفوري، يقوم النظام بإطلاق أكثر من 4000 صاروخ نووي على حلفاء الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، مما يهدد بتدمير شامل.
“آلة يوم القيامة”: أداة للتدمير الشامل
تعتمد “آلة يوم القيامة” على مبدأ التدمير التلقائي، حيث يمكنها إطلاق ضربات نووية حتى في حال تم تدمير القيادة الروسية. وتعتبر هذه الآلية بمثابة رادع قوي لأي اعتداءات نووية محتملة على روسيا، حيث تسعى إلى بث الرعب في صفوف الدول المعتدية.
هذا النظام الذي لا يزال سرًا في روسيا، رغم تأكيد بعض المسؤولين السوفييت السابقين وجوده، أثار قلقًا عالميًا من احتمال استخدامه في أي تصعيد عسكري نووي مستقبلي.
المفاجأة الكبرى جاءت عندما كشف خبير أميركي في الشؤون العسكرية الروسية في تسعينيات القرن الماضي أن الاتحاد السوفيتي قد طور بالفعل نوعًا من هذا النظام في أوائل الثمانينات، وهو لا يزال قيد التشغيل حتى الآن.
ومع ذلك، يظل هذا النظام، الذي تعتمد عليه روسيا في مواجهة التهديدات النووية، بمثابة لغز لم يؤكد بعد بشكل رسمي من قبل موسكو.
التداعيات على العالم
وفي ظل التصعيد الحاصل على جبهات متعددة، من تسليح كييف بصواريخ متطورة من الغرب إلى استخدام الألغام لتقوية الدفاعات الأوكرانية، تبقى الأسئلة مفتوحة حول مستقبل الحرب في أوكرانيا.
هل سيتجه الصراع نحو مرحلة أكثر دموية في ظل المخاوف من استخدام الأسلحة النووية؟ وهل ستتمكن روسيا من الصمود في مواجهة هذا التصعيد الغربي المتزايد؟ ما هو الثمن الذي سيواجهه العالم إذا خرجت هذه الحرب عن السيطرة؟
كل هذه التساؤلات ستظل تطارد العالم في ظل السعي الدولي الحثيث لتحقيق حلول دبلوماسية، وإن كان الواقع العسكري يبدو الآن أقوى من أي وقت مضى.