استغلال قانون اللجوء لجذب التمويل الدولي يعكس فساد الحكومة المصرية وتجاهل حقوق اللاجئين
أعلنت الحكومة المصرية عن طرح قانون جديد بشأن اللجوء وتعديل مرتكزاته السبع في خطوة يبدو أنها تستهدف استغلال ملف اللاجئين كوسيلة لتحقيق مكاسب مالية عبر جذب التمويلات الدولية، لكن ذلك يأتي في وقت يعاني فيه النظام الحاكم من أزمات اقتصادية خانقة وغياب كامل للشفافية في التعامل مع الموارد.
هذه الخطوة تطرح العديد من التساؤلات حول دوافع الحكومة الحقيقية ومدى تأثير هذه التعديلات على اللاجئين والمجتمعات المستضيفة.
في ظل الحكومة المصرية الحالية التي تفتقر إلى الشفافية وتخضع لممارسات فساد مستشرٍ، يُظهر القانون الجديد محاولة واضحة للاستفادة من الوضع الإنساني لللاجئين لتأمين دعم مالي دولي يصل إلى ٢٥ منظمة ومؤسسة دولية.
لكن الواقع يشير إلى أن اللاجئين والمجتمعات التي تستضيفهم لن يكونوا المستفيدين الفعليين من هذا التمويل، بل سيظل النظام الحاكم هو المستفيد الأكبر الذي يعزز هيمنته على الأموال المخصصة للمساعدات الإنسانية والتنمية.
تعاني مصر من أزمات اقتصادية خانقة تشمل التضخم المتصاعد، وارتفاع معدلات البطالة، ونقص العملة الأجنبية، فضلاً عن زيادة الديون العامة. في هذا السياق، بدأت الحكومة في البحث عن أي مصادر جديدة للتمويل، حيث كان الهدف الأساسي من طرح قانون اللجوء هو فتح باب للتمويل الخارجي. إلا أن المحصلة النهائية تشير إلى أن هذا التمويل سيظل ضمن إطار ضيق سيحكم النظام السيطرة عليه، بينما سيبقى المواطن المصري في ظل معاناته المستمرة من هذه الأزمات الاقتصادية.
يعد قانون اللجوء وتعديل مرتكزاته السبع جزءاً من سلسلة من الإجراءات التي قامت بها الحكومة المصرية لتحسين صورتها أمام المجتمع الدولي وفتح قنوات تمويل جديدة، ولكن تلك الإجراءات تتناقض مع الواقع، حيث تظهر التقارير أن معظم الأموال التي تصل من المنظمات الدولية لا تصل إلى مستحقيها، بل تتعرض للفساد والإهدار. هذا يأتي بعد سلسلة من عمليات بيع الأصول الاستراتيجية للدولة، مثل رأس الحكمة ومطار مرسى علم وغيرها من المشاريع التي شهدت بيع أراضٍ ومرافق استراتيجية لصالح شركات تابعة لرجال أعمال مقربين من السلطة، مما يطرح تساؤلات حول نوايا الحكومة في التعامل مع الموارد الوطنية.
تستهدف الحكومة المصرية من خلال تعديل القانون فتح قنوات تمويل جديدة لزيادة الدعم الدولي عبر اللاجئين، لكن الحكومة لا تملك أي ضمانات بأنها ستسفيد منها بشكل فعال لتحقيق التنمية المستدامة أو تقديم مساعدات حقيقية للاجئين. الحقيقة المرة أن معظم هذا التمويل سيستخدم لتعزيز سيطرة النظام على مقدرات البلاد بدلاً من تحسين الظروف المعيشية للاجئين أو المجتمعات المستضيفة لهم. هذه التمويلات ستكون مجرد أداة أخرى في يد النظام لتحقيق مكاسب مالية، بينما يبقى الوضع الاقتصادي على حاله دون تحسن يذكر.
علاوة على ذلك، تثير الشكوك حول مدى شفافية النظام في صرف هذه الأموال، فهناك غياب تام للرقابة على كيفية توزيع التمويلات القادمة من المنظمات الدولية. التقارير المحلية والدولية تشير إلى أن هناك فساداً مستشرياً في كيفية إدارة هذه الأموال، حيث يتم توجيه جزء منها إلى مشاريع وهمية، في حين يتم تحويل الجزء الآخر إلى حسابات سرية تابعة لرجال الأعمال المرتبطين بالحكومة. هذه الأوضاع تجعل من الصعب تحديد إذا كانت هذه الأموال ستساهم بالفعل في تحسين حياة اللاجئين أو المجتمعات المستضيفة، أم أنها ستظل رهينة للفساد والإهدار.
بعد سلسلة من عمليات البيع لعدد من الأصول الاستراتيجية في مصر، مثل بيع رأس الحكمة ومطار مرسى علم، اتجه النظام المصري إلى استخدام ملفات أخرى مثل قضية اللاجئين للضغط على المنظمات الدولية لجذب التمويل. هذه العمليات لا تهدف إلى تحقيق مصالح وطنية أو إنسانية، بل هي جزء من استراتيجية أوسع للتمسك بالسلطة وتعزيز النفوذ المالي على حساب الشعب المصري وحقوق اللاجئين.
من جهة أخرى، يشير مراقبون إلى أن هذه الخطوات تأتي في ظل تزايد التوترات السياسية والاقتصادية داخل مصر، حيث لا يبدو أن هناك أي خطط حقيقية للتعامل مع أزمة اللاجئين بشكل يحقق المصلحة العامة. بل إن هناك تركيزاً كبيراً على كيفية الاستفادة من هذا الملف لتأمين تدفق أموال جديدة تدخل خزائن الحكومة التي تشهد أزمة حادة في الإيرادات. في هذا السياق، فإن الحكومة المصرية قد تستخدم قضية اللاجئين كوسيلة للضغط على المجتمع الدولي للحصول على المزيد من القروض والمنح المالية، والتي سيظل النظام الحاكم هو المستفيد الأول منها.
إجمالاً، يعد طرح قانون اللجوء والتعديلات عليه مجرد مناورة سياسية للظهور بمظهر المتعاون مع القضايا الإنسانية، بينما في الواقع يتضح أن الهدف الحقيقي هو تأمين مصادر مالية جديدة لتمويل النظام وتحقيق مصالح ضيقة تركز على تعزيز سلطته على مقدرات البلاد. وبالتالي، فإن التعديلات الجديدة في قانون اللجوء لا تعدو كونها خطوة جديدة في سلسلة طويلة من السياسات التي تهدف إلى زيادة التمويلات الأجنبية تحت غطاء القضايا الإنسانية، بينما تظل الحقيقة أن معظم اللاجئين والمجتمعات المستضيفة سيظلوا في دائرة الفقر والمعاناة دون أي تحسن ملموس في حياتهم.