كيف تتعاملين مع طفلك المصاب بفرط الحركة وتشتت الانتباه عند العودة للمدرسة؟

تعاني أمهات الأطفال المصابين بفرط الحركة وتشتت الانتباه بشكل خاص مع دخول المدارس. في هذا الوقت من العام، يواجهن تحدي إعادة الأطفال، الذين لا يجيدون الالتزام بالروتين، إلى نمط حياة يومي صارم، مما يؤدي إلى معارك ومشكلات عديدة في سبيل تقليل الأضرار خلال العام الدراسي.
ينصح الخبراء باتباع تدابير محددة للتعامل مع أطفال فرط الحركة وتشتت الانتباه مع بدء العام الدراسي.
حياتهم ليست سهلة
تشكل العودة إلى المدرسة كابوسًا لروان يوسف بسبب المشاكل العديدة التي يعاني منها طفلها المصاب بفرط الحركة وتشتت الانتباه.
تقول الأم: “المشكلة لا تقتصر على صعوبات التركيز وضعف التحصيل الدراسي، بل تتعدى ذلك. ابني، الذي يستعد لدخول عامه الخامس بالمدرسة، يعاني من تلعثم في الكلام نتيجة فرط الحركة وتشتت الانتباه، حسب تشخيص طبيبه”.
وتضيف: “ابني يعاني أيضًا من تنمر زملائه وسخريتهم، مما أدى لانخفاض درجاته في الاختبارات العادية والمفاجئة، التي أصبحت تخيفه. كما يجد صعوبة في التكيف مع الاستيقاظ المبكر والبقاء في مقعده طوال الحصة، ما يجعله يعلن كراهيته للمدرسة وزملائه وللتعليم بشكل عام”.
ووفقًا لمركز السيطرة الأميركية على الأمراض، فإن حياة الأطفال الذين يعانون من فرط الحركة وتشتت الانتباه تكون صعبة خلال العام الدراسي، وتزداد معاناة الطفل عند الانتقال من مدرسة لأخرى أو في ظل تغييرات مفاجئة، مثلما حدث أثناء جائحة كوفيد.
وعادة ما تبرز معاناة أطفال فرط الحركة وتشتت الانتباه داخل المدرسة في العديد من المظاهر أهمها:
- صعوبة التخطيط والتنظيم وإدارة السلوك.
- الاضطرار إلى الجلوس ساكنين في الوقت الذي يعانون فيه من فرط النشاط.
- الشعور بالملل وبذل جهد ذهني أكبر لأداء المهام.
- مواجهة الصعوبات في العلاقات الاجتماعية.
- المعاناة من مشاكل السلوك والتصرف مثل اضطراب المعارضة والتحدي واضطراب السلوك.
تنصح الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال بفحص كل طفل مصاب باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه للتحقق من اضطرابات ومشاكل أخرى مثل صعوبات التعلم، والقلق، والاكتئاب.
“استراتيجيات مبتكرة لعام دراسي بلا انهيارات”
ينصح الدكتور غريغوري فابيانو، أستاذ علم النفس بجامعة فلوريدا، باستخدام “التقارير اليومية” كإحدى الحيل الفعّالة لمساعدة أطفال فرط الحركة في تقليل الاضطرابات خلال العام الدراسي.
يقول فابيانو إن فكرة بطاقات التقرير، المعتمدة منذ الستينيات، تُستخدم لقياس وتحسين أداء الأطفال المصابين باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، وكذلك مع طلاب التوحد لمعالجة سلوكياتهم في مختلف المواقف الدراسية. تتضمن هذه البطاقات نقاطاً واضحة وأهدافاً أساسية مثل: إتمام العمل في الوقت المحدد، المشاركة في النقاشات، وإحضار الأدوات المطلوبة.
ويشير الباحث، المتخصص في الدعم السلوكي الإيجابي، إلى أن إعداد هذه البطاقات يتطلب وقتاً قليلاً، سواء باستخدام تطبيقات جاهزة أو كتابتها يدوياً بمشاركة المعلم وولي الأمر. ويمكن للطبيب النفسي أو المستشار السلوكي الانضمام لفريق العمل عند الحاجة لصياغة أهداف واضحة قابلة للقياس، حيث لا يستغرق إنجازها يومياً أكثر من 10 ثوانٍ، مع ضرورة ربط النتائج بمكافآت تحفيزية في حال تحقيق الأهداف.ويقترح مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أفكارا إضافية مبتكرة يمكنها مساعدة الأطفال لمزيد من الالتزام خلال العام الدراسي هي:
- التحدث بانتظام مع الأشخاص الذين يلعبون أدوارا مهمة في حياة الطفل مثل المعلمين ومستشاري المدرسة، وقادة الأنشطة، أو مقدمي الرعاية الصحية.
- متابعة التطورات الاجتماعية للطفل في المجتمع والبيئة المدرسية مثل كيفية تعامله مع أقرانه، فهذه العلاقات بنفس أهمية الدرجات الدراسية.
- إيجاد طرق جديد لمنع الأطفال من الشعور بالملل وإبقائهم منخرطين في التعلم.
- ابتكار طرق لممارسة المهارات الاجتماعية وبناء العلاقات.
- الالتزام بنظام غذائي غني بالفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة مع اختيار مصادر البروتين الخالية من الدهون.
- الحرص على مشاركة نشاط بدني وعدم التوقف عن ممارسة الرياضة أثناء العام الدراسي.
- الحد من الوقت الذي يتم قضاؤه أمام الشاشات يوميا.
- الحصول على ساعات النوم الموصى بها كل ليلة بناء على العمر.
- الانتباه إلى إمكانية الإصابة بالقلق أو الاكتئاب والتعامل معهما باهتمام عبر الجلسات النفسية والعلاج.
- إيجاد حلول صعوبات التعلم عبر تحديدها وبدء التعامل معها.
نصائح لولي الأمر: حافظ على هدوئك.
تنصح دكتور الفلسفة في التربية عبير مصطفى أولياء أمور الأطفال ذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه باتباع تدابير تساعد في تسهيل العام الدراسي وتخفيف الضغوط.

وتقول للجزيرة نت إنه “يمكن عبر ممارسة تلك التدابير أن يتحلى ولي الأمر بالقوة النفسية اللازمة كي يواصل العام من دون معاناة” وأهم تلك التدابير:
- إدارة الضغوط الشخصية عبر ممارسة تقنيات الاسترخاء والتواصل مع الأصدقاء أو المتخصصين، والانضمام إلى مجموعات دعم كمجموعات أولياء أمور أطفال فرط الحركة وتشتت الانتباه للتخفيف من التوتر الشخصي.
- تعزيز العلاقات العائلية عبر الاشتراك في أنشطة ممتعة مع العائلة لتعزيز الروابط وتقليل الشعور بالتوتر.
- الدعم المتبادل بشجيع أفراد الأسرة على دعم بعضهم البعض والتعاون في رعاية الطفل.
- طلب المساعدة وعدم التردد في طلب مساعدة من متخصصين للمساعدة في وضع إستراتيجيات فعالة.
- وضع خيارات العلاج السلوكي للطفل لتحسين قدرته على التعامل مع التحديات الدراسية في الحسبان.
- تقدير الجهد الشخصي لولي الأمر، ومكافأته لنفسه على العمل الدؤوب في رعاية الطفل.
- وضع جدول يومي يشمل أوقاتا محددة للعناية بالطفل وأخرى للراحة الشخصية.
- تحديد أولويات المهام وتفويض بعضها لأفراد الأسرة الآخرين إن أمكن.
- تخصيص وقت لممارسة الرياضة، حتى لو كانت بسيطة مثل المشي، والتأكد من الحصول على نوم كافٍ وتناول غذاء صحي، ويمكن أيضا ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل أو التنفس العميق لتخفيف التوتر.
- تخصيص وقت للهوايات الشخصية والاستمتاع بالأنشطة التي تجلب السعادة.
- التعلم المستمر، والتعرف على حقوق الطفل والخدمات المتاحة له، مثل جلسات العلاج أو الدعم التعليمي، وطرق التعامل المثلى معها.
- المرونة وتقبل أن هناك أيامًا ستكون أصعب من غيرها لكنها ستمضي.
- بناء علاقة وثيقة مع المعالجين والمدرسين للتأكد من أن الطفل يحصل على الدعم اللازم.
- متابعة التقييمات الدورية وتعديل الخطط وفقًا لاحتياجات الطفل.
- التخطيط للمستقبل ووضع خطط قصيرة وطويلة الأمد للطفل، مثل التخطيط للتعليم المهني أو المستقبل الوظيفي.
يشار إلى أن اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط يعد الحالة العقلية ومشكلة النمو الأولى بين الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما، والذين يفوق عددهم عدد من تم تشخيصهم باضطراب طيف التوحد بحوالي 4 أضعاف.
وتظهر أعراض نقص الانتباه مع فرط النشاط عادة بين عمر 3-6 أعوام، ويتم تشخيص الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه الشديد في سن الخامسة تقريبا.
ويعاني 3 من كل 10 أطفال مصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه من أعراض تستمر حتى مرحلة البلوغ، علماً بأن الأعراض تصبح أكثر اعتدالا مع نمو الأطفال في الكثير من الأحيان.