ثقافة وفنون

قصيدة جديدة للدكتور عامر السعيدي: ملحمة المقاوم الذي لا ينحني

نحتار في معناك لا نختارُ
يا أيها المستبسلُ الجبَّارُ

يا داخلاً كتب السماء كآيةٍ
ويداك من حول السماء سوارُ

تلك اليدان الشاهقات كأنها
أهلٌ لأحزان البلاد ودارُ

والنزف بينهما صلاة محمدٍ
وكتاب يحيى والندى أنوارُ

يا من أخذت الأرض من أطرافها
وحملتها والأرض نارٌ نارُ

العنفوان بك استحقّ جلالهُ
وإلى هطولك تصعد الأمطارُ

أذهلتَ فيك المستحيل وأمَّهُ
وعلى مزاجك جاءت الأقدارُ

وأبتْ على الجسد الممزق روحهُ
أن يستريح، وهكذا الإكبارُ

في هذه الأشلاء لا في لحمنا
المعنى وفي أصحابها الأسرارُ

السابقون إلى الوقوف لأنهم
من قبل أن تقف الجبال كبارُ

والفارس المغوار يسبق نفسهُ
للموت هذا الفارس المغوارُ

هذا الملثم بالعناد كأنَّهُ
وهو المحاصر وثبةٌ وحصارُ

لم يثخنِ الطيرانُ همَّتَهُ فما
زالت تصول ويعجب الطيّارُ

خمسون جرحاً في يديهِ ولم تزل
ترمي ويقفز من يديهِ الثارُ

باللهِ من هذا النحيل وما الذي
أبقاهُ للآساد حين تُثارُ

لم يُلقهِ القصف المهول ولا انحنى
دمُهُ ولا أعصابهُ تنهارُ

الموتُ ينهشُهُ وينهشُ موتَهُ
ويقوم بالأنقاض وهيَ غبارُ

والموت يسأل نفسَهُ في حيرةٍ
هل مات أم فاضت بهِ الأنهارُ

مازال رغم الموت فوق لسانهِ
وحيٌ وبين عيونهِ ثوّارُ

ما زال يحلم بالصباح ويمتطي
حزن الرياحِ ويتَّقيهِ العارُ

في كل سنبلةٍ وكل رصاصةٍ
يحيى ويهتف باسمهِ الأحرارُ

في التل والوادي نراهُ وفي المدى
وتراهُ في أفعالنا الأخبارُ

عيناهُ ساهرتان فوق بيوتنا
وصلاتهُ من حولنا سُمّارُ

ويداهُ ما سقطتْ يداهُ وفيهما
للِه في عليائهِ أقمارُ

ولكل حٌرٍّ في يديهِ مسدسٌ
وتمرَّدٌ وبشارةٌ وثمارُ

يا مطعماً بالروح جوع بلادهِ
وعلى اسمهِ في الجائعين ستارُ

وَصَلَ الأذانُ إلى النجوم ولم يصل
شفتيك لا ماءٌ ولا إفطارُ

الله ما أغنى الكرام بما لَهم
فوق المقام ومالُهم دوَّارُ

وكريمةُ روح الشهيد كريمةٌ
ما بعدها منٌّ ولا استكثارُ

والمدح فوق الجرح يأخذ منهُ لا
يعطي فخيرات الجراح كِثارُ

من ثغرةٍ في القلب تصعد نجمةٌ
ويسيل من نوم الشموس نهارُ

خذني إلى معناك إنّي عاجزٌ
يا ذا الصباح وإنني منهارُ

وأعذ ظلالك في الغناء بأن يُرى
من حولها نفطٌ ولا تُجارُ

ودعِ الذين إذا أشرت إليهمُ
خجِل الكلامُ وهانتِ الأنظارُ

هذا المقام مقام روحك وحدها
لا خائنٌ يُدعى ولا سمسارُ

الراكعون وأنت وحدك واقفٌ
والمطفئون وأنت وحدك نارُ

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى