في خطوة تعكس توجهاً جديداً في سياسات تنظيم سوق الاتصالات في مصر أعلن محمد شمروخ الرئيس التنفيذي للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات عن موافقة مبدئية على زيادة أسعار خدمات الاتصالات في البلاد حيث تمثل هذه الخطوة بداية تحول كبير في مسار السوق المحلية للاتصالات وفتح باب جديد للنقاش حول التوازن بين مصالح الشركات والمستهلكين على حد سواء
وجاءت تصريحات شمروخ خلال جلسة هامة تناولت تكنولوجيا الجيل الخامس على هامش فعاليات معرض Cairo ICT 2024 الذي يُعَدّ منصة هامة لعرض آخر المستجدات في عالم التكنولوجيا والاتصالات على المستوى الإقليمي والدولي
أوضح شمروخ في تصريحاته أن الجهاز وافق بشكل مبدئي على طلبات شركات الاتصالات الأربع الكبرى في مصر لزيادة أسعار المكالمات الهاتفية وخدمات الإنترنت حيث سيترافق هذا القرار مع الإعلان القريب عن تفاصيل الباقات الجديدة التي من المتوقع أن تشمل تعديلات كبيرة على هيكل الأسعار والتسعير وهو الأمر الذي بات ضرورة ملحة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تفرضها زيادة تكاليف التشغيل التي تواجهها هذه الشركات
وعلى الرغم من الموافقة المبدئية فإن الجهاز لا يزال في مرحلة دراسة دقيقة لتحديد التوقيت الأمثل لتطبيق هذه الزيادات حيث يُؤخذ في الاعتبار ضرورة تحقيق توازن يضمن حقوق جميع الأطراف من ناحية تحقيق مصالح الشركات وتغطية تكاليفها ومن ناحية أخرى الحفاظ على مستوى الخدمة بما يتماشى مع قدرات المستهلكين الاقتصادية
وقد أكد شمروخ على أن هذا القرار يأتي في إطار سعي الجهاز الدائم إلى تطوير وتحسين قطاع الاتصالات في مصر وجعل خدمات الاتصالات والإنترنت أكثر مواءمة للتغيرات الاقتصادية العالمية والمحلية مشيراً إلى أن الجهاز يعمل بشكل متواصل مع شركات المحمول لضمان توفير خدمات ذات جودة عالية تلبي تطلعات المستهلكين والمستثمرين في الوقت ذاته
وفي سياق حديثه عن التحديات التي تواجهها الشركات أشار شمروخ إلى أن تكاليف التشغيل في هذا القطاع تشهد ارتفاعاً غير مسبوق نتيجة للتطورات التكنولوجية السريعة والضغط المستمر على البنية التحتية لشبكات الاتصالات ما يستلزم تحركات عاجلة لتهيئة المناخ المناسب لدعم استمرار الاستثمار في هذا القطاع الحيوي
ومن النقاط اللافتة التي تناولها شمروخ خلال الجلسة أهمية التحضير لدخول تكنولوجيا الجيل الخامس إلى مصر وهو ما يتطلب تجهيزات ضخمة واستثمارات جديدة من قبل الشركات المشغلة حيث ستوفر هذه التكنولوجيا سرعات أعلى بكثير من الجيل الحالي وستفتح المجال أمام خدمات جديدة تماماً مما سيضيف ضغطاً إضافياً على البنية التحتية الحالية لشبكات الاتصالات وبالتالي تتطلب هذه الاستعدادات تمويلاً ضخماً لتطوير وتحديث الشبكات وهو ما يجعل رفع الأسعار ضرورة اقتصادية لاستمرار الشركات في تقديم خدمات ذات جودة مقبولة
الجدير بالذكر أن هذه الزيادة المرتقبة في أسعار خدمات الاتصالات تأتي في ظل فترة تشهد فيها مصر نمواً كبيراً في عدد مستخدمي الإنترنت والهواتف المحمولة حيث أظهرت التقارير الأخيرة الصادرة عن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات أن عدد المشتركين في خدمات الاتصالات المحمولة والإنترنت قد شهد ارتفاعاً ملحوظاً خلال الأعوام الأخيرة ما يعني أن أي تعديل في الأسعار سيؤثر بشكل مباشر على شريحة كبيرة من المواطنين والمؤسسات التي تعتمد بشكل كبير على هذه الخدمات في إدارة أعمالها وحياتها اليومية
ولم يقتصر حديث شمروخ على موضوع رفع الأسعار فقط بل أشار أيضاً إلى أن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يتطلع إلى تحسين جودة الخدمة بشكل مستمر حيث أعلن أن الجهاز يدرس أيضاً وضع آليات جديدة لمراقبة أداء الشركات وضمان التزامها بتقديم خدمات متميزة مع مراعاة حقوق المستهلكين والحرص على تقديم باقات مرنة ومناسبة تتوافق مع احتياجات المستخدمين المختلفين سواء كانوا أفراداً أو شركات ومؤسسات حيث إن تحسين الخدمات يُعد أحد الأهداف الرئيسية للجهاز لضمان أن تكون السوق المصرية سوقاً تنافسية متوازنة تلبي احتياجات كافة شرائح المجتمع
في سياق متصل أكد شمروخ أن الجهاز يسعى كذلك إلى تشجيع الابتكار في قطاع الاتصالات والإنترنت من خلال دعم مشروعات البنية التحتية والاستثمارات في هذا المجال مشيراً إلى أن تطوير هذه المشروعات سيساهم في تحسين جودة الخدمات وتقليل الفجوة الرقمية التي تعاني منها بعض المناطق في البلاد كما أكد أن الجهاز يعمل مع الجهات الحكومية المختلفة لضمان توافر البيئة التنظيمية المناسبة التي تسهل دخول استثمارات جديدة في هذا القطاع بما ينعكس إيجابياً على الاقتصاد المصري بشكل عام
من ناحية أخرى أبدى العديد من الخبراء قلقهم من تأثير هذه الزيادات المحتملة على المواطنين خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد حيث يرون أن رفع أسعار الخدمات قد يزيد من العبء على المواطنين ويحد من قدرتهم على الوصول إلى خدمات الإنترنت والمكالمات الهاتفية التي أصبحت ضرورة حياتية للكثيرين إلا أن شمروخ شدد على أن الجهاز يضع مصالح المستهلكين نصب عينيه وأنه سيعمل على ضمان أن تكون الزيادات الجديدة في الحدود المعقولة التي تضمن استمرار تقديم الخدمة بجودة عالية دون الإضرار بقدرات المواطنين الشرائية