في صدمة جديدة للاقتصاد المصري، أعلن تقرير مؤشر مديري المشتريات الصادر عن وكالة “ستاندرد آند بورز” أن الشركات المصرية في القطاع الخاص غير النفطي شهدت تراجعاً كارثياً في نشاطها للشهر الثاني على التوالي.
تراجع هذا النشاط ليس مجرد مؤشر رقمي، بل هو علامة واضحة على الفشل الذريع للحكومة المصرية في مواجهة تحديات الاقتصاد التي تتزايد يوماً بعد يوم.
هذه الأزمة المستمرة تؤكد أن القيادة السياسية التي يتصدرها الرئيس عبد الفتاح السيسي، عاجزة عن إيجاد حلول حقيقية لهذا الوضع الكارثي.
الحكومة في سبات عميق والنشاط الاقتصادي يتراجع
كشف تقرير وكالة “ستاندرد آند بورز” أن المؤشر في أكتوبر سجل 49 نقطة، وهو تراجع طفيف عن 48.8 نقطة في سبتمبر، ليؤكد أن النشاط الاقتصادي في القطاع الخاص غير النفطي لا يزال في انكماش حاد.
هذه الأرقام التي تبقى تحت مستوى الـ50 نقطة، تشير إلى أن الاقتصاد المصري لا يزال يعاني من الركود، وهو ما يبين فشل الحكومة في التعامل مع الأزمات الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
الضغوط الاقتصادية تزداد والأمل في نمو النشاط يتلاشى
التقرير أشار إلى أن السبب الرئيس وراء هذا الانكماش المتواصل هو ضغوط التكاليف المرتفعة، التي تسببت في ارتفاع الأسعار بشكل مستمر، مما دفع الشركات إلى زيادة أسعار بيع منتجاتها لمواكبة تكاليف الإنتاج المرتفعة.
في المقابل، أظهر التقرير أن شركات القطاع الخاص تواجه صعوبة بالغة في تلبية احتياجات السوق، مما ينعكس سلباً على النشاط الاقتصادي.
هذه الزيادة في الأسعار لم تكن الأولى هذا العام، بل كانت الثالثة في أكتوبر، حيث ارتفعت أسعار الوقود بنسبة تراوحت بين 8% و17%، وهو ما يزيد من معاناة الشركات ويؤكد هشاشة الوضع الاقتصادي في البلاد.
تكاليف الوقود ومواد البناء تبتلع ما تبقى من النشاط
الدور الكارثي للحكومة المصرية يبرز بوضوح من خلال هذه الزيادة المستمرة في تكاليف الوقود، التي تؤثر بشكل بالغ على كافة القطاعات الاقتصادية، خاصة في ظل الارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء.
قطاع الإنشاءات المصري يعاني بشكل خاص من هذه الزيادة في التكاليف، حيث لا تستطيع الشركات المحلية تحمّل هذه الأعباء الثقيلة في وقت تتراجع فيه القدرة الشرائية للمواطنين بشكل غير مسبوق.
فشل الحكومة في السيطرة على ارتفاع أسعار المواد الأساسية يظهر بجلاء في تقرير “ستاندرد آند بورز”، الذي أكد أن هذا القطاع يعاني من أزمة حقيقية، في ظل تكاليف الإنتاج التي تجاوزت قدرة الشركات على التحمل.
التوظيف في ظل الركود .. إشارات مقلقة من السوق المصري
في مواجهة هذا الانكماش، ورغم التحديات الاقتصادية الكبيرة، يبرز جانب آخر مثير للقلق وهو زيادة معدلات التوظيف، التي ارتفعت للشهر الرابع على التوالي. ولكن، هذه الزيادة في التوظيف لا تعكس بأي حال من الأحوال تحسناً في الوضع الاقتصادي العام.
ففي الوقت الذي تشهد فيه البلاد ازدياداً في فرص العمل، لا يزال القطاع الخاص يواجه ضغوطات هائلة بسبب الركود، الأمر الذي يجعل هذه الزيادة في التوظيف غير كافية لتعويض تدهور النشاط الاقتصادي بشكل عام.
المستقبل قاتم والحكومة تواصل غيابها عن الواقع
مستقبل الاقتصاد المصري لا يبدو مشرقاً، وفقاً لتوقعات الشركات التي أظهرت تفاؤلاً ضعيفاً للغاية. ففي استطلاع شمل 4% فقط من المستجيبين، توقعوا أن يشهد النشاط الاقتصادي تحسناً خلال الـ12 شهراً المقبلة.
هذا الرقم يعكس مستوى متدنياً للغاية من التفاؤل، ويكشف عن القلق الكبير في السوق المصري تجاه ما ينتظرهم في الفترة القادمة.
هذه الأرقام تؤكد مرة أخرى أن الحكومة المصرية، بقيادة السيسي، فشلت في تحقيق أي نوع من الاستقرار الاقتصادي، حيث تتزايد التوقعات السلبية على مستوى القطاع الخاص.
الفشل الحكومي يكاد يطغى على كل القطاعات
ومن المثير للدهشة أن شركات التصنيع والبناء والجملة والتجزئة قد أظهرت بعض التفاؤل، إلا أن شركات الخدمات كانت الأكثر تشاؤماً من المستقبل.
هذا التفاوت في التوقعات يسلط الضوء على الفجوة الكبيرة بين القطاعات الاقتصادية المختلفة في مصر، ويعكس افتقار الحكومة لرؤية استراتيجية شاملة لمعالجة هذه الأزمات.
في الوقت الذي يحاول فيه البعض الحفاظ على القليل من الأمل، يظل قطاع الخدمات الأكثر تأثراً بتدهور الأوضاع الاقتصادية، حيث يعاني من تراجع كبير في الطلب والعائدات، ما يزيد من حالة التشاؤم والركود.
مصر على حافة الهاوية
إن ما يحدث اليوم في الاقتصاد المصري لا يمكن وصفه إلا بالكارثة. حكومة عاجزة، وزيادة متواصلة في التكاليف، وانكماش اقتصادي يعصف بكل القطاعات، وضعف التوقعات المستقبلية، كلها عوامل تؤكد أن الوضع الاقتصادي في مصر أصبح غير قابل للإصلاح في الوقت الحالي.
وفي ظل هذه الظروف الصعبة، يبقى السؤال: إلى متى ستظل الحكومة المصرية في حالة سبات عميق، غير قادرة على اتخاذ خطوات حاسمة لإنقاذ ما تبقى من الاقتصاد المصري؟