عودة إي فاينانس مجددًا لتدمير حياة التجار المصريين وفضيحة فساد الحكومة المروعة
مازالت مجموعة “إي فاينانس” للاستثمارات المالية والرقمية تتصدر المشهد الاقتصادي في مصر، ولكن هذه المرة عادت لتثير الجدل من جديد بعد أن تسببت في خراب بيوت 1470 تاجرًا على مستوى الجمهورية خلال عام 2020.
هل كان هذا الإخفاق نتيجة لتقصير من الحكومة المصرية؟ هل هناك تقاعس واضح من وزارة المالية تحت قيادة الدكتور محمد معيط؟ الإجابة واضحة، نعم.
هذه الفضيحة تضاف إلى سلسلة طويلة من المشكلات التي لا تزال تعصف بالاقتصاد المصري، في الوقت الذي يُجري فيه المسؤولون الحكوميون صفقات جديدة لتغذية مصالحهم الخاصة على حساب الشعب.
أثارت مجموعة “إي فاينانس” مؤخرا العديد من التساؤلات بعد أن قامت بتوقيع العديد من الشراكات وبروتوكولات التعاون مع شركات القطاع المالي غير المصرفي تحت إشراف الهيئة العامة للرقابة المالية.
وعلى الرغم من الإعلان عن شراكات واعدة، إلا أن الحقائق تظل عميقة أكثر مما يبدو على السطح، إذ أن نتائج هذه الاتفاقات لم تفِ بتطلعات المواطنين، بل تفاقمت الأزمة الاقتصادية التي أضرت بتجار صغار وعاملين في السوق المصري.
خلال مشاركتها في معرض “CairoICT’24″، استقبلت “إي فاينانس” الدكتور محمد فريد رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، الذي شهد عرضًا تفصيليًا حول أحدث تطورات أعمال المجموعة وبنيتها التحتية الرقمية التي تضعها في مقدمة المؤسسات المالية في مصر.
ومع ذلك، لا يمكن التغاضي عن الدور الباهت للحكومة في تصحيح المسار، وهي الحكومة التي تروج لخطط لا تحمل إلا مزيدًا من الأعباء على كاهل الشعب.
في قلب الجدل المستمر، تصدّر إبراهيم سرحان، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لـ “إي فاينانس”، المشهد بحديثه عن الخطط المستقبلية التي تتضمن إطلاق شركة “خطوة” للتمويل متناهي الصغر بالتعاون مع البريد المصري وجهاز تنمية المشروعات وشركة مصر للتأمين.
هل يعتقد سرحان حقًا أن هذه الشركة ستكون منقذة لملايين المصريين الفقراء؟ بالطبع لا. إنما هو تكتيك آخر لاستعراض عضلات السلطة المالية وبيع الأوهام للمواطنين في محاولة للتمويه على فساد الحكومة وتراخيها.
من المعروف أن الحكومة المصرية، تحت إشراف وزارة المالية، قد قامت بتنفيذ العديد من المبادرات الاقتصادية على مدى السنوات الماضية، ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن هذه المبادرات غالبًا ما كانت تفتقر إلى البعد الواقعي.
فمبادرة “ميغلاش عليك”، الذي أشرف عليه الدكتور محمد معيط، وزير المالية السابق، كان بمثابة إعلان رسمي عن أوهام الحكومة. فقد وعد معيط الرئيس عبدالفتاح السيسي بأن تلك المبادرة ستحفز المبيعات وتزيد الإيرادات بما يقارب 24 مليون دولار لخزانة الدولة.
لكن في الواقع، تسبب هذا البرنامج في تراكم الديون على العديد من التجار، مما أدى إلى إفلاسهم وتدمير أعمالهم.
وعلى الرغم من أن “إي فاينانس” و”البريد المصري” و”جهاز تنمية المشروعات” يروجون بشكل مستمر لهذه المشاريع الجديدة، فإن نتائج هذه التوسعات لا تحمل في طياتها سوى المزيد من الفشل.
إذ أن الشركات الصغيرة والمتناهية الصغر التي تم إنشاء برامج لدعمها، كانت ومازالت غارقة في مشاكل تمويلية وتراكم الديون، بل إن الوضع الاقتصادي زاد تعقيدًا مع تدني جودة الخدمات، وهو ما يعكس فشلًا ذريعًا في إدارة هذه المشاريع.
أما بالنسبة لبروتوكولات التعاون التي تم توقيعها مؤخرًا بين “إي فاينانس” و”مصر للتأمين” و”كونتكت” وغيرها من المؤسسات، فإنها تأتي في وقت حساس حيث تغرق الدولة في مشاكل مالية خانقة، ويبدو أن الحكومة تستخدم هذه الاتفاقات كوسيلة لتسويق نجاحاتها الزائفة.
يكاد يكون من الواضح أن الحكومة قد اختارت الترويج لهذه التحركات التكنولوجية الرقمية، بينما يغرق الشعب في معاناته اليومية بسبب الفساد المستشري والتخبط في السياسة المالية.
وفي هذه الأثناء، لا يمكن نسيان المسؤولين الذين يديرون هذه المشاريع، أمثال الدكتور محمد معيط وزير المالية السابق الذي كان من المفترض أن يكون الجسر بين الحكومة والشعب.
بينما يروج معيط لنجاحات وهمية من خلال تصريحات مغلفة بأرقام غير دقيقة، يظل الواقع مختلفًا تمامًا، حيث لا تزال الديون تتراكم على عاتق التجار والعاملين في القطاع الخاص الذين يعانون من تبعات فشل هذه المبادرات.
لقد أصبحت الأمور واضحة الآن. الحكومة المصرية، ووزارة المالية على وجه الخصوص، لا تتحمل أدنى مسؤولية عن الخراب الذي أصاب الاقتصاد. بدلاً من اتخاذ خطوات جادة لوقف هذا الفساد، فإنهم يستمرون في الترويج لمبادرات تتخذ من المواطن المصري ضحية لها.
وها هي مجموعة “إي فاينانس” تواصل صفقاتها، بينما يواجه 1470 تاجرًا أزمة مديونية لم يكن لها مثيل. إن ما يحدث هو نتيجة لفشل حكومي مستمر وعدم القدرة على إدارة الموارد بشكل صحيح.
يجب على الشعب المصري أن يدرك حجم الأزمة وأن يعي أن الفساد في قلب الحكومة ووزارة المالية يعمق من معاناتهم اليومية.
الحل ليس في مزيد من المبادرات التي لا تؤتي ثمارها، بل في محاسبة هؤلاء المسؤولين الذين لعبوا بمقدرات الشعب المصري.