تقاريرمحافظات

معاناة مأساوية في قرية الغرق: تدهور المواصلات وفساد الحكومة بلا حل

تعيش قرية الغرق التابعة لمركز إطسا في محافظة الفيوم أزمة خانقة على صعيد المواصلات العامة، حيث يعاني الأهالي من استهتار السائقين وعدم وجود رقابة حقيقية على مواقف السيارات مما يعرض حياة المواطنين إلى أزمات يومية ويدفعهم إلى حلول غير آمنة وتزيد من معاناتهم.

في مشهد يومي يعكس تدهور الوضع، تتكدس حشود من الطلاب والموظفين أمام محطات المواصلات، في انتظار سيارات الأجرة التي لا تلتزم بمساراتها، حيث يتعنت السائقون في الذهاب إلى مدينة الفيوم رغم أن خط سيرهم المعلن هو “الغرق – الفيوم”.

وبدلاً من إتمام المسار، يتوقف السائقون عند مدينة إطسا، مما يجبر الركاب على البحث عن وسائل نقل أخرى للوصول إلى وجهتهم النهائية.

ورغم أن تعريفة الأجرة بين “الغرق” و”الفيوم” هي 15 جنيهاً، فإن السائقين يفرضون على الركاب أجوراً تزيد عن ذلك دون أي رادع من قبل السلطات، متجاهلين تماماً قرارات الحكومة التي تحدد تعريفة ثابتة للمواصلات.

هذه الأزمة تنعكس بشكل سلبي على حياة المواطنين، حيث يصبح التنقل بين القرى والمدن المجاورة أمراً شاقاً ومكلفاً، ويعرض الركاب، خاصةً الطلاب والموظفين، لخطر التأخر عن مواعيدهم بسبب تعنت السائقين الذين يحكمون قبضتهم على حركة النقل دون أن يعترضهم أحد.

أحد أفراد القرية، الذي يشارك في لجنة محلية، يوضح أن معاناة المواطنين تزداد بشكل يومي نتيجة للضغط الذي يتعرض له المواطنون بسبب الزحام الشديد، بالإضافة إلى تجاهل السائقين لخطوط السير المحددة.

فقد أصبح السكان مجبرين على اللجوء إلى “التوكتوك” للانتقال من الغرق إلى مدينة إطسا ومن ثم ركوب سيارة أخرى للوصول إلى مدينة الفيوم، مما يجعلهم يضيعون وقتهم ويواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على وسائل نقل مريحة وآمنة.

وتستمر معاناة الأهالي مع تعنت السائقين الذين يبررون تصرفاتهم بحالة الطريق السيئة نتيجة للمشروعات التي تم تنفيذها بموجب المبادرة الرئاسية “حياة كريمة”، لكن الواقع يوضح أن هذا المبرر لا يغير من حقيقة الفوضى التي يعيشه المواطنون.

فالطرق المتدهورة لم تمنع السائقين من تقديم خدماتهم في مناطق أخرى، مثل مدينة أكتوبر، حيث يخرجون عن مسارهم المقرر ويتركون الركاب في طريقهم إلى الفيوم.

الغريب في الأمر أن هذه الفوضى لم تجد أي استجابة حقيقية من قبل الأجهزة التنفيذية، بل على العكس، أصبحت المشكلة تتفاقم يوماً بعد يوم.

ويؤكد المواطنون أنهم قد تقدموا بشكاوى عديدة إلى الجهات المعنية في الوحدة المحلية لمركز ومدينة إطسا، وكذلك إدارة المواقف، لكن دون جدوى، بل إن الوضع أصبح أسوأ بسبب تقاعس الحكومة المصرية في التصدي لهذه الأزمات المستمرة، وهو ما يجعل المواطنين يضطرون إلى استخدام وسائل نقل غير آمنة وغير مرخصة.

مسافة 25 كيلومتراً هي المسافة التي تفصل بين قرية الغرق ومدينة الفيوم، ولكن بسبب انعدام التنسيق بين السائقين وملاك وسائل النقل، يتعمد السائقون التوقف في مدينة إطسا، مما يجعل الركاب يضطرون للانتظار في مواقف السيارات للحصول على مواصلات أخرى للوصول إلى المدينة.

هذه الرحلة التي كان من المفترض أن تستغرق نصف ساعة تقريباً، تتحول إلى رحلة شاقة تستغرق أكثر من ثلاث ساعات في بعض الأحيان، مما يؤثر بشكل سلبي على حياة الناس سواء كانوا طلاباً أو موظفين أو حتى مرضى في حاجة إلى العلاج.

وفي الوقت الذي يتوقع فيه المواطنون أن تتحرك الحكومة وتتحمل مسؤولياتها في تحسين وضع المواصلات في المنطقة، لا يجدون سوى التهميش والتجاهل.

الحكومة المصرية التي تعد بتحسين مستوى حياة المواطنين، يبدو أنها قد نسيَت أو تخلت عن دورها في متابعة وتنظيم هذه القطاعات الحيوية التي تمس حياة الناس بشكل مباشر.

فلا رقابة حقيقية على عمل السائقين، ولا محاسبة لهم على خرقهم للقوانين والتعريفات المعتمدة، ولا حتى توافر حلول جادة لهذه الأزمة التي تشل حركة أهالي القرية بشكل مستمر.

الأهالي في قرية الغرق يناشدون بشكل عاجل وبأسلوب ملح الجهات المعنية للتدخل الفوري وإيجاد حل جاد وعاجل لهذه الأزمة المتفاقمة. فالوضع الذي يعيشونه لا يمكن تحمله أكثر من ذلك.

إنهم يعيشون في ظل تدهور خدمات النقل، مما يعرضهم لخطر التأخير المستمر عن أعمالهم ودراستهم، فضلاً عن المعاناة النفسية التي يتسبب بها هذا الوضع المتردي.

ويظل السؤال الأهم: هل ستتحرك الحكومة لإنقاذ أهالي قرية الغرق من هذا الوضع الكارثي، أم أن استمرار الفساد والتقاعس سيظل هو السمة المميزة للإدارة المحلية في مصر؟

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى