تقاريرمحافظات

كارثة في دمياط: عمارة مهددة بالانهيار والحكومة تترك السكان لمصيرهم

في مشهد كارثي يهدد حياة عشرات الأسر في مدينة فارسكور بمحافظة دمياط، تعيش عشرات العائلات في مساكن “أم العلا” على حافة الموت، بعد أن أصبحت عمارتهم السكنية التي يقيمون فيها منذ 17 عامًا على وشك الانهيار الكامل.

أطلق سكان هذه المساكن نداءات استغاثة متكررة، لكنهم لم يجدوا آذانًا صاغية من المسؤولين، الذين بدلاً من التدخل السريع لإنقاذ الأرواح، تجاهلوا معاناتهم المستمرة.

انهيار وشيك وموت محتمل

منذ سنوات عديدة، يعاني السكان من تصدعات في جدران منازلهم، لكن مع تزايد الشروخ والانهيارات في الآونة الأخيرة، وصلت الأوضاع إلى نقطة اللاعودة. العمارة التي تحتوي على عشرة شقق سكنية، أصبحت خالية من أي مقومات أمان، والأسطح مهددة بالانهيار في أي لحظة، الأمر الذي يضع حياة مئات من الأطفال والعائلات في خطر داهم.

وعلى الرغم من أن المعاناة قد استمرت لسنوات طويلة، حيث قدم السكان شكاوى متكررة إلى كافة الجهات المعنية، بما في ذلك مجلس مدينة فارسكور والوزارات المختصة، إلا أن الحكومة لم تتخذ أي خطوات جدية لإنقاذ الأرواح. الوضع الحالي يشير بوضوح إلى تقاعس فاضح، بل ويكشف عن فساد إداري فاضح في التعامل مع الأزمات الإنسانية.

حياة مليئة بالخوف والترقب

الأسر التي تعيش في هذه المساكن، التي لا تتعدى مساحتها بضعة أمتار، والتي يضطر أفرادها إلى العيش في غرف ضيقة مليئة بالشروخ، في وضع غير إنساني تمامًا. في بعض الحالات، تتكون الأسرة من خمسة أفراد يزاحمون بعضهم البعض في غرفة صغيرة تضم المطبخ والحمام. هذه العائلات التي سدت أمامها كافة أبواب الأمل، تعيش كل يوم على أعصابها في انتظار الكارثة التي قد تداهمهم في أي لحظة.

تجاهل واضح من السلطات

على الرغم من تقديم شكاوى مستمرة للمسؤولين، حيث نقل السكان معاناتهم إلى مجلس الوزراء قبل أكثر من عام، إلا أن هناك تجاهلاً تامًا من الجهات المعنية. الأهالي أكدوا أنهم تلقوا وعودًا عديدة، ولكن لم يتحقق منها شيء. أرقام تقارير الشكاوى التي تم تقديمها تؤكد أن هذه المساكن تهالكت بالكامل، وأن العديد من الأعمدة الخرسانية بدأت تتساقط بفعل ضعف البنية التحتية والخراب الذي طالها بسبب غياب الصرف الصحي وعدم وجود شبكة لتصريف المياه، ما يعرضها لتسرب المياه وتآكل الحديد بداخلها.

الحكومة تترك السكان لمصيرهم المجهول

المسؤولون المحليون لم يتحركوا إلا بعد أن خرجت الأسر إلى الشارع، إثر خشيتهم من خطر الانهيار المفاجئ. ما يثير الاستغراب هو أن الحكومة كانت قد تلقت هذه الشكاوى منذ فترة طويلة، لكن الردود كانت دائما مخيبة للآمال. بدلاً من التحرك لإنقاذ الأرواح، تواصل الحكومة التمادي في تجاهل المعاناة الإنسانية التي يواجهها هؤلاء المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة.

مخاوف من كارثة شتوية

مع اقتراب فصل الشتاء، وبدء النوات الجوية القوية التي تجتاح المنطقة، يزداد القلق بين الأهالي من كارثة وشيكة قد تودي بحياة المئات. يوضح الخبراء أن الظروف المناخية في محافظة دمياط قد تؤدي إلى زيادة الضغط على المباني المتداعية، مما يعجل من سقوطها، وفي حال حدوث ذلك، فإن العواقب ستكون مدمرة لا محالة.

استغاثة إلى أعلى مستويات القيادة

في ظل هذا الوضع الكارثي، طالبت الأسر بضرورة التدخل العاجل من القيادة السياسية في البلاد، مؤكدين أن حياتهم في خطر مستمر، وأن أي تأخير قد يؤدي إلى وقوع كارثة إنسانية لن يقدر أحد على تحمل تبعاتها. في الوقت الذي يبدو فيه أن المسؤولين المحليين قد أغلقوا آذانهم عن استغاثات المواطنين، يبقى الأمل الوحيد في تدخل أعلى مستويات الدولة لإنقاذ هذه الأرواح وحل الأزمة التي تعصف بهذه الأسر.

هدم لقيم الإنسانية والعدالة

أصبح واضحًا أن الحكومة المصرية، بكل هيئاتها وأجهزتها، قد فشلت في الوفاء بأبسط حقوق مواطنيها. إذا كانت الدولة غير قادرة على توفير حياة كريمة لمواطنين يعيشون في ظروف إنسانية قاسية، فكيف لها أن تطمح في تحقيق التقدم والازدهار؟ إن هذه الفاجعة تؤكد أن نظام الحكم في مصر يعاني من فساد فاضح في إدارة شؤون المواطن، وأن الأولوية ليست للإنسان، بل للمصالح التي يتكئ عليها كبار المسؤولين.

أين هي العدالة؟

لا يمكن بأي حال من الأحوال تبرير تجاهل الحكومة لمطالب السكان المستمرة بترميم أو إخلاء المبنى قبل حدوث الكارثة. الحكومة تتحمل المسؤولية كاملة عن حياة هؤلاء الأبرياء، ولا يمكن السكوت عن الفساد الذي يدير شؤون المواطنين بهذه الطريقة، ولا يمكن القبول بأن تظل حياة الإنسان رخيصة إلى هذا الحد.

إن هذه القصة تفتح الباب أمام العديد من التساؤلات التي يجب أن تُجيب عليها الحكومة بشكل عاجل. إذا كانت المساكن قد أصبحت في وضع كارثي يعرض حياة المواطنين للخطر، لماذا لم تتحرك الدولة لإيجاد حلول سريعة؟ وإذا كان العشرات من المواطنين قد فقدوا حياتهم بسبب إهمال مماثل، فهل ستظل الحكومة في صمتها؟

الوضع يستدعي تحركًا سريعًا

إن ما يحدث في دمياط هو جرس إنذار يهدد حياة المئات. وعلى المسؤولين أن يتحملوا عواقب تقاعسهم المتواصل، وأن يتحركوا فورًا لإنقاذ الموقف قبل فوات الأوان.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى